ويلتقي الشيخ القرضاوي

الشيخ الصفار يشارك في مؤتمر الاجتهاد في الخطاب الإسلامي

مكتب الشيخ حسن الصفار عبد الباري أحمد الدخيل

بدعوة من  كلية الدراسات الإسلامية بجامعة قطر وكلية الشريعة والدراسات الإسلامية بمؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع، وبمشاركة عدد من العلماء والباحثين من العالمين العربي والإسلامي شارك سماحة الشيخ حسن الصفار خلال يومي الأحد والاثنين 12-13/5/1431هـ الموافق 25-26/4/2010م في مؤتمر الاجتهاد في الخطاب الإسلامي "نحو خطاب أنساني متجدد" ببحث بعنوان: تجديد خطاب الوحدة، وقد كانت مشاركة سماحته في الجلسة الثالثة ومحورها (قضايا أساسية في الإجتهاد والتجديد) بمشاركة الدكتور منذر القحف، وأ.د. سيف الدين عبد الفتاح.

جاء في كلمة الشيخ الصفار: إن خطاب الوحدة المعاصر يواجه عدداً من التحديات الخطيرة التي تتمثل في تداعيات واقع الانقسام، وسياسات التمييز، ومعارك الخلافات، وعواصف الفتن والانتشار الواسع لخطاب التعبئة والشحن الطائفي، حيث لم يعد مجرد خطبة في مسجد أو حسينية، ولا مجرد كتاب مطبوع، بل أصبح إعلاماً عابراً للقارات، عبر شاشات القنوات الفضائية، ومواقع الشبكة العنكبوتية، وخدمات الهواتف النقالة وضعف استجابة خطاب الوحدة لدواعي التجديد والتطوير، فمعظمه يعاني من السكونية والجمود في المضامين التي يتبناها، والأساليب التي يستخدمها، وفي مستوى الفاعلية، وإمكانات التأثير.

وأكد الشيخ الصفار أن خطاب الوحدة يعاني قصوراً كبيراً في جانبي الكمّ والكيف، وقال: "في مقابل مئات المؤسسات والمنابر الإعلامية والثقافية المنتجة للشحن الطائفي، والمروجة لاتجاهات التعصب المذهبي، لا تكاد تجد سوى عدد محدود من المؤسسات المهتمة بالخطاب والشأن الوحدوي، ومن بين عشرات الآلاف من علماء الدين والمنتسبين للحالة الدينية من الخطباء والدعاة، قد لا نجد منهم إلا عشرات الأفراد ممن يحملون همّ نشر خطاب الوحدة، ومواجهة ثقافة الخلاف والشقاق، ولو رصدنا حركة الكتاب ونشر المقالات، لوجدنا أن مؤشر إنتاج وانتشار الكتابات الطائفية المذهبية هو الأعلى، قياساً إلى النسبة المنخفضة من الكتابات الداعية إلى الوحدة والتآلف".

وطالب سماحته بإنشاء مؤسسات أهلية، تُعنى بنشر ثقافة الوحدة والتسامح، وتقود مبادرات لإطفاء الحرائق، وتشجيع الحوار بين مختلف الأطراف، خدمة للاستقرار والسلم الاجتماعي.

كما حذر من أن الخطاب الطائفي الذي يتحدث بنبرة أعلى، وثقة أقوى، بينما يتسم معظم الخطاب الوحدوي بدرجة كبيرة من الخجل والحياء، وقال "على صعيد المقارنة بين مستوى أداء الخطابين، فإن الخطاب الطائفي يمتلك من قدرة على التأثير في الجمهور، وإثارة مشاعره وعواطفه، ودفعه إلى أتون الفتن ومعارك الصراع أكبر ، بينما يكاد يقتصر التفاعل مع الخطاب الوحدوي على مستوى نخبوي محدود، مما يستدعي البحث في بنية الخطاب الوحدوي، وأساليب تخاطبه مع جماهير الأمة، ومدى قدرته على إثارة العواطف الإيجابية، والمشاعر البناءة، في أعماق نفوس أبناء الأمة، لصالح اتجاهات الوحدة، ومواقف السلم والوئام".

وأشار الشيخ الصفار إلى أن الهدف الأساس لخطاب الوحدة هو تصحيح العلاقة بين فئات وأطراف المجتمع الإسلامي، وحمايته من النزاع والشقاق، ليعيش الاستقرار والسلم الداخلي، ويتجه نحو التنمية والبناء، وخدمة المصالح العليا، ومواجهة التحديات الخطيرة.

داعيا إلى تبني مفهوم المواطنة، ومفهوم حقوق الإنسان، للقضاء على عناوين الصراع والشقاق، ومداخل الفتنة، في واقع الأمة المعاصر، ولمعالجة المسألة الطائفية عبر إقرار المساواة بين المواطنين، ورفع أي تمييز طائفي، وهذا ما يقتضيه مفهوم المواطنة، بأن تنظر الدولة لأبنائها كمواطنين قبل أي شيء آخر، وبغض النظر عن هوياتهم الفرعية.

فإن الخطاب الوحدوي يحتاج إلى تحديد الموقف تجاه التعددية المذهبية العقدية والفقهية، حيث لا مصداقية لأي طرح وحدوي يقوم على إلغاء أي طرف من أطراف الأمة، أو يشترط تنازل الآخرين عن معتقداتهم ومتبنياتهم، بعد التسليم بأصول الإيمان وأركان الإسلام. فلا بد من الإعلام الصريح بقبول الآخرين ضمن دائرة الإسلام والأمة، بالإضافة إلى رفض الإساءة للرموز المحترمة عند أي مذهب من المذاهب، قائلا: "الاختلاف في تقويم شخصيات السلف وتحليل أحداث العهود الإسلامية الأولى، داخل ضمن حق الاختلاف في المعتقدات والقناعات، ومقبول في إطار البحث العلمي، لكنه لا يبرر لأي طرف التعدي والإساءة لرموز الطرف الآخر".

ودعا سماحته إلى إدانة التمييز الطائفي في أي بلد ومجتمع إسلامي، وقال: "لا يصح السكوت على سياسات التمييز التي تمنع أتباع أي مذهب إسلامي من ممارسة شعائرهم الدينية المذهبية، أو تحرمهم من التمتع بحقوقهم الوطنية".

وشدد على ضرورة تشجيع حالة التواصل والاندماج الاجتماعي بين أبناء الأمة على اختلاف مذاهبهم، وتجاوز واقع القطيعة والفصل في النشاط العلمي والثقافي والإعلامي والسياسي والاجتماعي، وتجريم أي تحريض على الكراهية والبغضاء.

كما التقى سماحة الشيخ الصفار على هامش المؤتمر وضمن جلساته بعدد من العلماء والمفكرين من المشاركين في المؤتمر منهم: الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي، والدكتورة عائشة يوسف المناعي عميدة كلية الشريعة بجامعة قطر، وأ.د. علي محي الدين القرة داغي أستاذ الفقه والأصول بجامعة قطر والعضو التنفيذي لهيئة الرقابة الشرعية ببيت الاستثمار، والدكتور حسن حنفي، وسماحة الشيخ أحمد مبلغي رئيس المر?ز العالي للعلوم والثقافة الإسلامية في حوزة قم، والبروفيسور منذر قحف عضو هيئة التدريس في كلية الدراسات الإسلامية بمؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع، وأ.د. سيف الدين عبد الفتاح، وأ.د. صالح قادر كريم الزنكي رئيس قسم الفقه و الأصول – جامعة قطر، ود. عبد الجبار سعيد استاذ مشارك في كلية الشريعة – جامعة قطر، وزار الشيخ الصفار الدكتور الشيخ عبد الملك السعدي من ابرز فقهاء السنة في العراق وعضو هيئة تدريس في جامعة العلوم الإسلامية العالمية في العاصمة الأردنية عمان، واستقبل الشيخ الأستاذ ياسر الغرباوي المدير العام لمركز التنوع للدراسات والاستشارات، والمهندس عبد العزيز الدليمي واطلع منهما على نشاط المركز واهتماماته.

كما استقبل سماحته كلاً من الدكتور محمد امزيان المدرس في جامعة الشيخ زايد بابوظبي، والدكتور رشيد بالحبيب والدكتور حسن يشوا عضوا هيئة  التدريس في كلية الشريعة والدراسات الإسلامية بجامعة قطر.

كما أجاب الشيخ الصفار دعوة الدكتور محمد الأحمري في منزله والتقى بالمفكر الإسلامي القطري الدكتور جاسم السلطان.