الصفار في ضيافة الطلبة المبتعثين والجالية المسلمة في عاصمة ولاية فيرجينيا (ريجموند):

التنوع سنة الله في الخلق، والحوار باب التعارف والتعايش

مكتب الشيخ حسن الصفار

الفكر السليم والعلاقات السليمة دعامتا المجتمع الناجح

قال سماحة العلامة الشيخ حسن الصفار، ان التنوع سنة الله تعالى في الخلق، وهذا ما تشير اليه العديد من آيات القران الكريم، التي تتحدث عن التنوع في الخلق وعلى مختلف الاصعدة، طبعا على راس الخلق هم البشر الذين خلقهم الله تعالى متنوعين في الجنس واللسان واللون والانتماء يقول تعالى: ﴿يا أيها الناس انا خلقناكم من ذكر وانثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا، ان اكرمكم عند الله اتقاكم.

وأضاف سماحته الذي كان يتحدث في حفل الاستقبال الذي إقامته (جمعية الطلبة السعوديين) في جامعة (فيرجينيا كومنولث) في عاصمة ولاية فرجينيا (ريجموند) عصر يوم الاثنين 24/5/2010م:

ان التنوع يمنح المجتمعات قوة، لان التنوع تكامل بمعنى آخر، ولذلك فان المجتمع، اي مجتمع، الذي يؤمن بهذه الحقيقة ولا يسعى الى تجاوزها او الغائها يكون مجتمعا متطورا وناميا وايجابيا، اما المجتمع الذي يلغي في حساباته التنوع، ان بسياسات الاقصاء او الغاء الاخر او التزمت والتعنت، فانه بذلك يحارب سنة الله تعالى في خلقه، ولذلك فان مثل هذا المجتمع يفشل ولا يتمكن من النهوض، بل انه يعيش المشاكل المزمنة، كما هو الحال في الكثير من المجتمعات التي ترى مجموعة في نفسها أنها الأفضل من غيرها، فتسعى لالغاء الاخر والاستئثار بكل ما في البلد من خيرات وامكانيات، وهذا ما يجب ان ننآى بانفسنا عنه.

واضاف سماحته:

لقد حدد الله تعالى الطريقة المثلى لتوظيف التنوع لصالح المجتمع، والتي تكمن في الحوار الذي هو الباب الحضارية للتعارف الذي يفضي إلى التعايش، ولذلك فان الله تعالى حدد (التقوى) التي تعني الاداء الحسن، كمعيار وحيد للتفاضل بين افراد المجتمع بعيدا عن العنصرية والعصبية والتمييز بكل اشكاله.

وكان الطلبة المبتعثون الحاضرون وجهوا بعد المحاضرة اسئلتهم واستفساراتهم الى سماحة الشيخ، والتي اجاب عنها بشكل مفصل.

ففي معرض جوابه على سؤال بشان توقعاته لمستقبل العلاقة بين ابناء المملكة المتنوعين في المذهب، قال سماحته:

انني متفائل من هذا الحراك الفكري والثقافي الواسع، والذي يتسع يوما بعد اخر، فلقد نجح هذا الحراك في تقريب وجهات النظر بين مختلف شرائح المجتمع في المملكة، على الرغم من جهد بعض المتشددين والمتزمتين الذين لا يروق لهم مثل هذا الانفتاح المذهبي والفكري والثقافي، الا ان جهود المتنورين التي تتراكم بالتجربة والمثابرة، سوف تثمر انفتاحا وتعارفا وتعايشا سيساهم في بناء علاقات جديدة من نمط مختلف.

وقد شارك في الحديث في اللقاء الدكتور السيد علي الحسيني مدير مركز بنك الدم بمستشفى جامعة رجمند وأحد مؤسسين المركز الإسلامي بولاية فرجينا والدكتور خلف الله الصادق عضو مجلس الحزب الديمقراطي ومدير معهد فرجينا للسلام حيث أكدا ما طرحه الشيخ الصفار ووجها الطلبة المبتعثين إلى الاهتمام بدراستهم، وإلتزام السلوك القويم.

وفي نهاية اللقاء قدم الطلبة المبتعثون لوحة تذكارية لسماحة الشيخ، وشكروه على تلبيته الكريمة للدعوة وحضوره بين ابنائه الطلاب والطالبات.

من جانب آخر، لبى سماحة الشيخ الصفار دعوة الجالية المسلمة في مدينة (ريجموند) في امسية فكرية وثقافية رائعة حضرها عدد من أبناء الجالية في المدينة، خاصة من الطلبة السعوديين والطلبة الكويتيين بالاضافة الى الجالية العراقية.

ولقد القى سماحته محاضرة قيمة في هذه الامسية التي نظمتها (مؤسسة الزهراء الاسلامية) تحدث فيها عن مفهوم الآية الكريمة ﴿وجعلنا بعضكم لبعض فتنة اتصبرون وكان ربك بصيرا قائلا:

ان الله تعالى يبتلي عباده بعلاقات بعضهم مع البعض الاخر، فان سر نجاح المجتمعات يكمن في وجود امرين هامين هما، الفكر السليم والعلاقات السليمة المبتنية على أساس الاحترام والتعاون والتسامح بين أفراد المجتمع.

لقد بادر رسول الله بعد ان جاء للعرب بالفكر السليم والمتمثل بنهج الاسلام الذي حدد معالمه القرآن الكريم، بادر اولا الى ازالة كل انواع البغضاء والتشاحن والعداوة، ثم اشاع روح التسامح والتعاون في المجتمع، فكانت النتيجة انه نجح في بناء مجتمع متماسك قوي نجح في حمل الرسالة وتبليغها الى العالم.

واننا اليوم، اذا اردنا ان ننجح كمجتمعات، فان علينا ان نسعى لبناء علاقات حسنة ومتينة بين مختلف الناس، فيكون التعاون والاحترام والسعي للابتعاد عن كل ما يخدش مشاعر الناس ويؤذي نفوسهم، ولو بالكلمة، اساس العلاقات بين افراد المجتمع، خاصة في بلد الغربة كما هو الحال بالنسبة لكم، ايها الاخوة والاخوات الاحبة.

واضاف سماحته:

لقد رسم الله تعالى حدود العلاقات بين مختلف شرائح المجتمع المسلم على اكمل وجه، فرسم حدود العلاقة بين الحاكم والمحكوم وبين الاغنياء والفقراء وبين العلماء والمتعلمين وبين المسلمين وغيرهم، ولو ان المسلمين التزموا بهذه الحدود لما شهدنا اليوم كل هذه المشاكل العويصة التي تعاني منها البلاد العربية والاسلامية.

ان رسم العلاقات الصحيحة بين أفراد وقوى المجتمع، هو احد اسرار نجاح الولايات المتحدة الاميركية التي جمعت كل هذا التنوع في المجتمع، ثم سعت الى تفجير الطاقات بلا تمييز على اي اساس، الا اساس الاداء الحسن.

بعد محاضرة سماحته، بادر الحضور الكريم الى طرح اسئلتهم واستفساراتهم التي تنوعت في محتلف القضايا.

وفي نهاية الامسية، كرم سماحة الشيخ الصفار عدد من الطلبة المبتعثين المتفوقين في دراساتهم وبحوثهم العلمية التي نالوا فيها درجات شرف متميزة.

كما قدمت الجالية هدية قيمة لسماحته عبارة عن لوحة تذكارية تحمل اسم (مؤسسة الزهراء الاسلامية).

واختتمت الامسية بوجبة عشاء اقيمت على شرف الضيف الكبير.

كلمة الأستاذ علي الحماد في التقديم لسماحة الشيخ الصفار

بسم الله الرحمن الرحيم

والصلاة والسلام على رسول الله الأمين الذي بعثه الله رحمة للعالمين، البشير النذير، والسراج المنير، وعلى آله الميامين وأصحابه المنتجبين.

في هذا اليوم تقيم جمعية الطلاب السعوديين برنامجاً حوارياًّ توجيهياً لتعزيز مبادئ الحوار والتفاهم بين أبناء أفراد المجتمع، لكي يتحقق العدل والمساواة، فيتطور المجتمع ليصل إلى مصاف الدول الديمقراطية العريقة. في هذا اللقاء نستضيف نخبة متميزة من الرجالات التي عرفت بنشاطها وخدماتها الاجتماعية. سماحة الشيخ حسن الصفار والدكتور خلف الله الصادق والدكتور محمد السهلي.

لعل الكثير منكم يعرف أو قد تعرف على الدكتور الصادق والدكتور السهلي في مناسبة سابقة لجمعيتنا الحبيبة. الدكتور الصادق هو عضو الحزب الديموقراطي..... ومدير معهد فرجينيا للسلام (Virginia institute of peace)....

والدكتور السهلي أستاذ الكيمياء العضوية في كلٍ من جامعة فرجينيا كومونولث وجامعة ريتشموند وهو أيضاً المدير السابق للمركز الإسلامي بفرجينيا....

الدكتور خلف الله، والدكتور السهلي لهما الفضل الكبير في إنشاء واستمرارية الجمعية السعودية في هذه الجامعة, فبفضل دعمهما وتوجيهاتهما، أنشئت هذه الجمعية واستمرت في تقديم خدماتها للطلاب السعوديين على مدى يقرب من الأربع سنوات. فلهما كل الشكر والامتنان.

أما ضيفنا الكريم والذي قطع المسافات الطويلة وتحمل عناء السفر ليلبي دعوة أبناءه الطلاب هنا في هذه الجامعة فهو الشيخ حسن الصفار. فأهلاً وسهلاً بك يا شيخ بين أبناءك الطلاب. أصالةً عن نفسي ونيابة عن موجهي وأعضاء إدارة جمعية الطلاب السعوديين وعن كافة الطلاب السعوديين في هذه الجامعة، أرحب بكم وبالإخوة الذين قدموا معكم، فحللتم أهلاً وقدمتم سهلاً.

الشيخ حسن الصفار من مواليد وساكني مدينة القطيف من المنطقة الشرقية من المملكة العربية السعودية. عرف الشيخ الصفار في داخل المجتمع السعودي وخارجه بأفكاره ودعواته الوحدوية بين أفراد الوطن ومختلف الطوائف الإسلامية، وله الكثير من الحوارات واللقاءات التي بيَّن فيها عن أفكاره وتوجهاته. الشيخ الصفار عضو في الجمعية العمومية للمجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية، وكذلك عضو في مؤتمرات الحوار الوطني بالمملكة العربية السعودية، وشارك في مؤتمرات مركز الشباب المسلم في الولايات المتحدة الأمريكية، وبعض مؤتمرات وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية في الكويت، ووزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية في مملكة البحرين. وقد تمخضت هذه الجهود عن إيجابيات رائعة لم نكن نحلم بها، أو نتصورها في بلدنا المملكة العربية السعودية، إذ وصلنا إلى مستوى ترتاح إليه النفوس، وتسرّ به القلوب في مجال التقارب بين السنة والشيعة، الذي كان للشيخ إسهام كبير جدًّا فيه.

سماحة الشيخ الصفار صاحب تاريخ طويل ليس فقط في النضال الاجتماعي وحسب, بل في النضال الفكري والعلمي. صدر له أكثر من ثمانين كتاباً في مختلف مجالات المعارف الدينية والثقافية، مثل: التعليم ـ المرأة ـ تربية الناشئة ـ الحوار ـ فقه الأسرة ـ الفقه المقارن وغيرها، وترجمت بعض مؤلفات إلى لغات أخرى، ومن مؤلفاته المطبوعة:

1. التعددية والحرية في الإسلام: بحث حول حرية المعتقد وتعدد المذاهب- الطبعة الثانية: 1416هـ -1996م، دار الصفوة، بيروت – لبنان

2. التسامح وثقافة الاختلاف: رؤى في بناء المجتمع وتنمية العلاقات – الطبعة الأولى:1423هـ، دار المحجة البيضاء، دار الواحة ، بيروت – لبنان.

3. المرأة العظيمة: قراءة في حياة السيدة زينب بنت علي- الطبعة الثالثة:2002م، مؤسسة الثقلين، بيروت -لبنان.

4. التنوع والتعايش: بحث في تأصيل الوحدة الاجتماعية والوطنية- الطبعة الثانية: 1420هـ-1999م، دار الساقي، لندن – بريطانيا.

5.  شخصية المرأة بين رؤية الإسلام وواقع المسلمين- الطبعة الأولى:2003م، المركز الثقافي العربي، الدار البيضاء - المغرب.

6. الحوار والانفتاح على الآخر الطبعة الثانية: 1427هـ - 2006م، دار التآخي، دمشق ـ سورية.

7. الخطاب الإسلامي وحقوق الإنسان الطبعة الأولى: 2005م، المركز الثقافي العربي، الدار البيضاء - المغرب.

8. المذهب والوطن: مكاشفات وحوارات صريحة الطبعة الأولى: 2006م، المؤسسة العربية للدراسات والنشر،بيروت - لبنان.

9. السلم الاجتماعي مقوماته وحمايته - الطبعة الأولى: 2002م، دار الساقي، لندن – بريطانيا.

10. السياسة النبوية ودولة اللاعنف الطبعة الثانية:1427هـ -2006م،مؤسسة العارف، بيروت – لبنان.

نشرت له عدد من المجلات العلمية والثقافية بحوثاً ومقالات منها: مجلة (الكلمة)، ومجلة (الواحة)، ومجلة (البصائر)، ومجلة (الحج والعمرة)، ومجلة (المنهاج)، ومجلة (رسالة التقريب)، ومجلة (الوعي المعاصر) وغيرها.

- كما نشرت له بعض الصحف اليومية مقالات أسبوعية منتظمة منها:

جريدة (اليوم) السعودية، وجريدة (الوطن) الكويتية، وجريدة (الأيام) البحرينية.

- عضو في الهيئة الاستشارية لمجلة (الكلمة) والهيئة الاستشارية لمجلة (الوعي المعاصر).

- عضو في الجمعية العمومية للمجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية، وشارك في مؤتمرات الحوار الوطني بالمملكة العربية السعودية، ومؤتمرات مركز الشباب المسلم في الولايات المتحدة الأمريكية، وبعض مؤتمرات وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية في الكويت، ووزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية في مملكة البحرين.

- أنشأ ورعى عدداً من المؤسسات الثقافية والاجتماعية في مختلف المناطق.

فهو لكل هذا العطاء العلمي يستحق أكثر من درجة الدكتوراة. وتسلم شهادة الدكتوراة في الإبداع من جامعة الإبداع التابعة للاتحاد العالمي للمؤلفين باللغة العربية في سنة 2003م.

أترككم الآن مع كلمة ضيفنا الشيخ الصفار.