مجلة الفقاهة تنشر بحثا للشيخ الصفار

موضوعية حقوق الإنسان في الفقه الإسلامي

مكتب الشيخ حسن الصفار عبدالباري احمد الدخيل

عن مركز الفقاهة للدراسات والبحوث الفقهية صدر العدد المزدوج (11-12) لربيع وشتاء 2008م من مجلة الفقاهة، بمشاركة عدد من العلماء والفضلاء، وقد احتوت على دراسات فقهية عدة، منها بحث لسماحة الشيخ حسن الصفار بعنوان: موضوعية حقوق الإنسان في الفقه الإسلامي.

تحدث فيه الشيخ الصفار عن سابقية الإسلام وريادة القرآن الكريم في إعلان حقوق الإنسان، مستعرضا نموذجية الممارسة السياسية والاجتماعية الملتزمة بحقوق الإنسان في العهد النبوي الشريف.

فالباحث في القرآن الكريم لا يحتاج إلى "مزيد جهد وعناء ليكتشف ريادة القرآن الكريم في إعلان حقوق الإنسان، والتأسيس لمنظومة متكاملة من المبادئ والمفاهيم والإجراءات التي تقرر تلك الحقوق، وتعزز تحقيقها وحمايتها".

فكرامة الإنسان منحة من الله تعالى، مرتبطة بذات خلقته الإنسانية، دون أي إضافة أخرى، من عِرقٍ أو دينٍ أو مكانةٍ، حيث يقول تعالى: ﴿وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ [سورة الإسراء: الآية70].

لكن سماحته يقف متأسفا لما آلت إليه الأمة في هذا المجال، فهو يشعر "بالأسف والأسى لتخلف معظم واقعنا التاريخي والحاضر عن مستوى الالتزام بحقوق الإنسان".

هذا الواقع السيئ انعكس – كما يرى سماحته – على الجانب الثقافي المعرفي، فتشكلت للأمة "ثقافة بديلة تبرر التخلف والاستئثار بالسلطة، وتشرّع القمع ومصادرة الحريات، وتبارك إهدار حقوق الإنسان".

هذا وقد تأثر الفقه الإسلامي بهذا الواقع المتخلف، فتوسعت وتضخمت فيه أبواب العبادات، بينما تقلصت وتضاءلت أبواب السياسات وما يرتبط بإدارة الشأن العام للأمة.

فقد ألغى معظم الفقهاء أبواب السياسات من دراستهم وبحوثهم الفقهية، حتى لا يصطدموا بواقع الاستبداد السياسي، واختاروا الابتعاد والانكفاء عما يرتبط بالشأن العام، حتى على المستوى المعرفي، والبحث العلمي الفقهي.

وخضع بعض الفقهاء لواقع الحال السياسي، وتشكلت آراؤهم في الفقه السياسي على أساسه، وربما كان ذلك من بعضهم استجابة للترغيب أو الترهيب.

مستنكرا سماحته أن يتمكن خمسة أفراد من مصادرة "إرادة الأمة كلها، فيبايعون أحدهم ليكون إماماً للأمة، وتنعقد إمامته، ويصبح حاكماً شرعياً تلزم طاعته، بهذا أفتى طائفة من الفقهاء، بينما أفتى آخرون بكفاية اتفاق ثلاثة أشخاص على تقرير مصير الأمة بدلاً عن الأمة كلها".

ويختم سماحة الشيخ الصفار بحثه متمنيا "على الحوزات والمراكز العلمية الدينية: بأن تضع مقرراً لتدريس حقوق الإنسان ضمن برامجها الدراسية، وأن يشرع الفقهاء بتناول موضوع حقوق الإنسان في أبحاثهم العالية، -بحث الخارج - كما يبحثون سائر أبواب الفقه، وأن تضم الرسائل العملية التي يصدرها الفقهاء متضمنة لفتاواهم فصلاً حول حقوق الإنسان".

مطالبا بـ "إعادة بحث المسائل الفقهية التي يبدو منها التعارض مع مواثيق حقوق الإنسان بجرأة وشجاعة، تلتزم ضوابط الشرع، وتتجاوز تحفظات الأجواء الفقهية السائدة والخاضعة لرأي الأسلاف".