الشيخ آل صويلح يدعو لتعزيز الوحدة ومنع الإساءة والعدوان

مكتب الشيخ حسن الصفار عبد الباري الدخيل

دعا الشيخ حسين آل صويلح إلى تعزيز الوحدة والاستفادة من الفرص بمزيد من التقارب والتلاقي، و العودة إلى مصادر الدين الحنيف الصافي من الأحقاد، والذي يدعو إلى الحرية والاعتراف بالتعددية الفكرية والمذهبية والوقوف أمام القمع الفكري، مؤكدا في خطبة الجمعة (15/10/1431هـ) التي أقيمت في القطيف: أن المحبة بين الناس التي جاء بها الدين الحنيف هي من دلائل عظمة الإسلام وصدق دعوته.

هذا وقد تحدث الشيخ في الخطبة الأولى عن الحدث الأبرز في هذه الأيام حيث تصدرت بيانات الشجب والإدانة صفحات وسائل الإعلام المحلي والإقليمي، وكان لعلماء الشيعة في المملكة دور الصدارة في التصدي للإساءة للرسول .

مضيفا أن الشجب والإدانة لا تكفي لوأد الفتنة وتحصين المجتمع ضد مخططات المغرضين من أعداء الأمة الإسلامية سواء أكانوا من داخلها من المتعصبين والجهلة بمصلحة الناس أو كانوا من خارجها من المتربصين للفرص في إثارة الضغائن والأحقاد، وهنا لا بد من اتخاذ خطوات عملية ومبادرات على مستوى الفعل ومن أهمها:

1/ تعزيز الوحدة الإسلامية والوطنية والاستفادة من الفرص بمزيد من التقارب والتلاقي والتزاور والتشاور.

فإذا كان هناك تردد في قناعات البعض فإن بروز مثل هذه الدعوات الطائشة التي تنال عرض رسول الله ووجود من يتفاعل معها حري بأن يكون دافعا قويا نحو إعادة الحسابات في التركيز على ما يجمع شمل الأمة ووحدتها. ونبذ ما يفرق المجتمع.

وإذا كان التاريخ يحوي مواقف سلبية تدفع هؤلاء لإبرازها فإن على العقلاء إبراز الصفحة البيضاء من تاريخ الأمة والتركيز على نقاط التلاقي وما أكثرها.

2/ لا بد من العودة إلى مصادر الدين الحنيف الصافي من الأحقاد: فأتباع الإسلام مدعوون اليوم قبل أي وقت مضى في النظر إلى التراث الذي بعث المجتمع المتناحر نحو الوحدة وحوّل المجتمع الجاهل المتخلف إلى واجهة الصدارة لقيادة البشرية نحو الرقي والتطور.

3/ التركيز على حقوق الناس والاستفادة من اتفاقيات حقوق الإنسان لضمان حياة الناس وعدم الانجراف نحو الفتن والطائفية والحروب الداخلية ليحكم القانون بدلا من العواطف والأهواء.

4/ الاعتراف بالتعددية الفكرية والمذهبية والوقوف أمام القمع الفكري وبالتالي الاعتراف بحقوق مختلف الأطراف في ممارسة شعائرها وإقامة مؤسساتها الاجتماعية ضمن قانون يكفل لهم حرياتهم دون هيمنة طرف على طرف ودون تهميش أو إقصاء.

5/ تجريم التحريض على الكراهية والإساءة ومعاقبة كل من يعتدي على الآخر بالإساءة أو التحريف.

وفي الخطبة الثانية تحدث الشيخ صويلح عن محبة الناس: التي هي من دلائل عظمة الإسلام وصدق دعوته وتربية أبناءه على محبة الناس، مهما اختلفوا في أديانهم وأعراقهم وتوجهاتهم، وهذا النهج الإسلامي يتجلى في كثير من المظاهر، ذاكرا منها ثلاثة:

الأول: النظرة الإنسانية

يعطي الإسلام أبناءه رؤية وثقافة تجعلهم ينظرون إلى كل الناس نظرة احترام، ويعاملونهم على أساس المودّة ومحبّة الخير للجميع، بغضّ النظر عن انتماءاتهم وأديانهم، وهذا واضح في آيات القرآن الكريم، الذي نص على كرامة الإنسان، حيث يقول تعالى: ﴿وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ ، وهذه الآية عامّة في دلالتها على تكريم الإنسان كإنسان دون النظر إلى انتمائه ولونه ولغته ودينه.

وورد عن رسول الله انه قال: «الخلق عيال الله، وأحبهم إلى الله أنفعهم لعياله». ويقول علي : ( الإنسان إما أخ لك في الدين أو نظير لك في الخلق).

وأضاف: إن هذه الرؤية الدينية المتقدّمة في نظرتها للإنسان قد تشوشها وتشوهها بعض النظريات الخاطئة ومحاولات التحريف الذي يطال الديانات، باتجاه الازدراء للآخرين واحتقارهم والنظر إليهم بدونية، كبعض الآراء التي تنظر للمرأة باحتقار وتنسب إلى الدين، أو الازدراء بمن ينتمي إلى دين ومذهب مخالف وينسب ذلك إلى الدين، إن هذه التوجهات تخالف روح وتعاليم الإسلام الذي ينظر للإنسان باحترام وتكريم.

الثاني: منع الإساءة والعدوان

إذ لا يجوز في شريعة الإسلام الاعتداء على أحد مهما كان لونه ودينه ومذهبه إلاّ إذا كان معتدياً ففي هذه الحالة يشرّع للمسلم الدفاع عن نفسه لردّ العدوان، يقول تعالى: ﴿فَلاَ عُدْوَانَ إِلاَّ عَلَى الظَّالِمِينَ، ويقول تعالى: ﴿فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُواْ عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ، ويقول تعالى: ﴿وَقَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُواْ إِنَّ اللهَ لاَ يُحِبِّ الْمُعْتَدِينَ.

وقد جاء في الحديث عن رسول الله أنه قال في تعريفه للمسلم: «المسلم من سلم الناس من يده و لسانه»، فالحديث صريح بأن المسلم الحقيقي من لا يعتدي على الآخرين بأي اعتداء معنوي من تجريح أو إهانة، أو اعتداء مادي من ضرب ونهب. وقد ورد عن النبي أنه قال: «من آذى ذميًا فقد آذاني».

الثالث: الإحسان إلى الناس

هناك تشجيع ودفع من الإسلام ليكون المسلم محسنًا وبارًّا بأفراد المجتمع البشري، مهما كانت دياناتهم ومذاهبهم وهوياتهم، يقول تعالى: ﴿لاَ يَنْهَاكُمُ اللهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ، والحديث الشريف المروي عن رسول الله ص واضح في دلالته على هذا المعنى، حيث يقول : «الخلق عيال الله، وأحبهم إلى الله أنفعهم لعياله »، حيث عبّر الحديث أن الخلق جميعًا هم عيال الله. ولم يحصر ذلك في المسلمين والمؤمنين.

وورد عن الإمام الصادق أنه قال: «سئل رسول الله : عن أحب الناس إلى إليه؟ فقال: أنفعهم للناس». وعنه أنه قال: «رأس العقل بعد الدين التودّد إلى الناس، واصطناع الخير إلى كل بر وفاجر».

كما ورد عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب : «ابذلْ معروفك للناس كافّة، فإن فضيلة المعروف لا يعدلها عند الله شيء». وقال رجل عند الإمام الحسين بن علي : «إن المعروف إذا أسدي إلى غير أهله ضاع» فقال الإمام : «ليس كذلك، ولكن تكون الصنيعة مثل وابل المطر تصيب البر والفاجر».

ومما ورد في ذلك عن الرسول قوله: «اصطنع الخير إلى من هو أهله وإلى مَنْ هو غير أهله، فإن لم تصب من هو أهله فأنت أهله».

مؤكدا سماحته: أن من هذه النصوص الشريفة وغيرها نستنتج أن نهج الإسلام هو التربية على محبّة الناس، كل الناس.

التعقيبات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
التعليقات 1
1
الخطيب عوض ماهل
[ لسودان - الخرطوم ]: 1 / 10 / 2010م - 2:22 م
نشكركم علي هذا التألق والحداثة في اختياراتكم العصرية فانامن المعجبين جداً بكم وبأستاذي وملهمي الروحي سماحة الشيخ الصفار وجميع النخبة _ فانتم تضعون البلسم الشافي للعالم و للامة المكلومة بداخلها وخارجها من اعداء ومغرضين...