الشيخ الصفار يدعو وزارة التربية والتعليم لإعادة النظر في تعاطيها مع التنوع المذهبي

مكتب الشيخ حسن الصفار القطيف: د. تركي العجيان

دعا فضيلة الشيخ حسن الصفار وزارة التربية والتعليم لإعادة النظر في تعاطيها مع التنوع المذهبي، وأدان القرارات غير المنصفة بحق بعض المعلّمين الشيعة، منوّهاً بأن القرار الذي يقضي بفصل معلّمٍ لوشايةٍ بأنه قد علّم الطلاب الصلاة وفق عقيدته ومذهبه لا يعدو كونه تأصيلاً للتمييز الطائفي، ففي الوقت الذي يُسمح فيه لأتباع المذاهب الأخرى في البلد لأداء الصلاة جماعةً أينما كانوا وفي مختلف القطاعات الحكومية وغير الحكومية، يُمنع أتباع مذاهب أخرى من أداء الصلاة في مناطقهم التي يُمثّلون فيها الأغلبية. مطالباً في الوقت ذاته بوضع حدٍّ رسمي لنزع فتيل التمييز الطائفي الذي لم تسلم منه المؤسسة التعليمية في البلاد، مؤكداً أن التعليم رسالة سامية ينبغي أن تكون فوق تلك الممارسات التي لا تليق بهذا البلد.

وحثَّ الشيخ الصفّار المعلّمين والطلاب على إقامة الصلاة جماعةً في مدارسهم فذلك حقٌّ طبيعي يكفله لهم النظام والقانون وحقوق الإنسان، ملفتاً النظر إلى أن المذهب الرسمي في المملكة يرى أن إقامة صلاة الجماعة فرض عين، فكيف يحق لأي جهة منع إقامتها؟ مؤكداً أن صلاة المواطنين الشيعة جماعةً ينبغي أن تكون بإمامة من يرتضونه منهم، فقد ورد عن النبي الأكرم : «انه لعن من أمّ قوماً وهم له كارهون»[1] .

ودعا إلى ضرورة أن يكون التعليم الديني في المؤسسة التعليمية الرسمية وفق مذهب المجتمع الذي ينتمي إليه الطلاب، مستنكراً الوضع القائم الذي يقضي بتعليم الطلاب في جميع أرجاء البلاد وفق مذهبٍ واحد، مؤكداً أن ذلك يخلق عقداً لدى الطلاب وحالةً من الازدواجية، فهم يتعلّمون أمور دينهم من عوائلهم وفق مذهبهم، بينما يتعلّمون خلاف ذلك في مدارسهم. مطالباً بأن يكون التعليم الديني في المدارس وفق المذهب الذي ينتمي إليه الطلاب ومن قبل معلّمين من مجتمعهم، فذلك من مظاهر احترام مشاعر هذا المجتمع، ويُمثل جانباً من تمتّع أبنائه بكرامتهم وحقوقهم. مديناً في الوقت ذاته المناهج الدينية التي تحوي بين طيّاتها إساءةً للمذاهب الأخرى، متسائلاً كيف يصح تدريس الطلاب منهجاً دينياً يسبهم ويشتمهم؟

وفي سياقٍ ذي صلة من خطبة الجمعة 25 محرم 1432هـ،  أكد فضيلة الشيخ على أن مقياس القرب من الله تعالى لا يتحدد بمستوى الرفاهية والنعيم الذي يعيشها الإنسان، مضيفاً: إن الآيات القرآنية والسنن الإلهية والنصوص الدينية وتاريخ الأنبياء والأئمة، كلّها جاءت لتضرب هذا المقياس من أصوله، فلو كان الأمر كذلك لكانت حياة الأنبياء والأئمة في أرقى مستويات الرفاهية والنعيم، في حين أن حياتهم كانت سلسلةً من المعاناة والابتلاءات، وذلك تأصيلٌ لمبدأ آخر ينظر من زاوية أخرى للمعاناة التي يعيشها الإنسان، والأزمات التي يواجهها في حياته فهي قد تكون بدايةً لكرامة الله تعالى عليه، فعن الإمام الصادق أنه قال: «كرامات الله نهايات، بدايتها البلاء»، وقال : «وهل كُتب البلاء إلا على المؤمن»، وقال : «المصائب منحٌ من الله». ملفتاً النظر إلى أن من أهم الدروس والعبر التي نستقيها من معاناة الأنبياء والأئمة هي ضرب هذا المقياس السائد عند الناس بحيث يُصوّرون القرب والبعد من الله تعالى بما عليه نمط حياة الإنسان. ومن ناحية أخرى فإن معاناة الأولياء تُمثل سبباً لالتفاف الناس حولهم عن قناعة، كما أنّ ذلك دافعٌ للتأسي بهم في تحمل المصائب والمحن التي قد تعصف بالإنسان في هذه الحياة.

وللاستماع:

«الخطبة الأولى: الابتلاء في حياة الأنبياء والأئمة»

«الخطبة الثانية: منهج التعليم الديني وتعدد المذاهب»

[1] . رواه الترمذي, ج2, ص 566, حديث 358.