ويزور جمعية الرميلة الخيرية

الشيخ الصفار يدعو المجتمع إلى التسلح بالثقافة الحقوقية

مكتب الشيخ حسن الصفار صادق العلي

استضافت بلدة الرميلة بالأحساء يوم الخميس الماضي الموافق 13/01/2011م سماحة الشيخ حسن الصفار "حفظه الله" ضمن زيارته للأحساء حيث زار فيها مكتب الشيخ عبدالله الجزيري بالعمران وبلدة الرميلة وبلدة الشعبة، وفي معرض زيارته للرميلة صباحاً أفتتح سماحة الشيخ الصفار زيارته لجمعية الرميلة الخيرية واطلّع من خلالها على نشاطات الجمعية وما تقدمه للمجتمع من خدمات اجتماعية فاعلة عن طريق اللجان الموجود فيها.

وألقى الشيخ الصفار كلمة لأعضاء الجمعية والسادة الحضور بعنوان "العمل التطوعي".

وتطرق سماحة الشيخ في معرض حديثه بقوله أن الإنسان عندما يخدم مجتمعه ظاهراً هو يعطي للآخرين لأنه يعطي من وقته وماله وجهده للآخرين، ولكن في الواقع هو يعطي لنفسه، ولذلك سبحانه وتعالى يقول "من عمل صالحاً فلنفسه".

وقسّم الشيخ الصفار العمل التطوعي إلى ثلاث نقاط:

أولاً: العمل التطوعي يُحدث عند الإنسان راحة نفسية لا مثيل لها

فحينما يُنقذ الإنسان غريقاً وعندما يغير حالة أسرة فقيرة وعندما يُقدم خدمة من الخدمات للآخرين في أعماق نفسه يشعر بلذة وراحة وارتياح كبير وهذا جانب يتحسسه كل إنسان سوي، لأن الإنسان السوي في فطرته يشعر بإرتياح عندما يُقدم أي خدمة للآخرين.

ثانياً: العمل التطوعي يصقل مواهب الإنسان

في هذه النقطة أشار سماحة الشيخ إلى أن الفرد في المجتمع عندما ينتمي إلى جمعية خيرية أو إلى نادي رياضي أو إلى أي لجنة من اللجان في مجال العمل الإجتماعي، فإن إنتمائه لها سوف يدفعه إلى تطوير نفسه وتفجير طاقاته ومواهبه، فيتعلم كيف يتواصل مع الآخرين وكيف يقنع الآخرين وكيف يخطط وكيف يفكر، لأن العمل التطوعي يُفجر طاقات الإنسان ومواهبه، واستشهد في حديثه ببعض الشخصيات البارزة في العالم، وكيف أنهم عندما كانوا في بدايات انطلاقتهم ينتمون إلى لجان تطوعية ومؤسسات اجتماعية، وشيئاً فشيئاً تبلورت شخصياتهم وتفجرت طاقاتهم بالخبرة والتواصل حتى وصلوا إلى ما وصلوا إليه من عطاء وتقدم.

الثالث: أن الإنسان جزء من مجتمعه وحينما يقوى المجتمع تقوى أجزاؤه

تحدث الشيخ الصفار في هذه النقطة بقوله أن الإنسان إذا انتمى إلى مؤسسة تطوعية تقوم على خدمة المجتمع فإنه يقوى بقوة مجتمعه، لأنه كلما قوي المجتمع قوي الفرد، لأن قوة المجتمع في الواقع هي قوة للفرد، لأن الشخص الذي ينتمي إلى مجتمع قوي يشعر بالقوة، وكذلك الفرد الذي ينتمي إلى مجتمع ضعيف يشعر بالضعف والهوان، لذلك فإن العمل التطوعي وإن كان يبدوا للإنسان أنه خدمة للمجتمع وباعتباره جزء من هذا المجتمع فهو يخدم المظلة التي يستظل بها، والشجرة التي يستفيد منها ويعيش في ظلها الوارف.

والأهم من كل ذلك بالنسبة لنا كمؤمنين ومسلمين والكلام للشيخ الصفار أن العمل التطوعي في خدمة الناس هو من أهم وسائل التقرب إلى الله سبحانه وتعالى، فنحن نعرف كيف نتقرب إلى الله سبحانه وتعالى بصلاة النافلة وبالعبادة مع مالها من الأهمية في حياة الناس، ولكن لو رجعنا إلى النصوص الشرعية الموجودة لدينا لرأينا أنّ خدمة الناس من أجلى مصاديق التقرب إلى الله عز وجل، حيث ورد في الرواية المروية عن الإمام الباقر التي يقول فيها: «لأن أعول أهل بيت من المسلمين أشبع جوعتهم وأكسو عورتهم وأكفّ وجوههم عن النّاس أحبُّ إليٍّ من أن أحجٍّ حجّة وحجّة وحجّة حتّى انتهى إلى عشر وعشر وعشر ومثلها حتّى انتهى إلى سبعين»، وروايات كثيرة حول فضل خدمة الناس وخاصة المحتاجين للخدمة من المجتمع.

وقدّم سماحة الشيخ شكره لمسئولي الجمعية وأهالي البلدة على إنشاء الجمعية الخيرية وبارك لهم ذلك متمنياً لهم الكثير من التقدم والتطوير، وقال -لأهالي البلدة أن يقدموا الكثير من النشاطات والفعاليات والخدمات تحت مضلة الجمعية الخيرية، وذلك أن الجمعية تعتبر فرصة لنموالطاقات وصقل المواهب وعلو الهمة لأبناء المجتمع.

وأضاف الشيخ الصفار بقوله أنّ الجمعية كإطار تعتمد على من يعمل فيها فإذا كان من يعمل في الجمعية أشخاص جادون ومخلصون يستطيعون أن يحولوا الجمعية إلى قيادة وإدارة للمجتمع، بحيث تصبح رافعة للنشاط الاجتماعي وفي تحسين شؤون المجتمع والوطن. وهذا يحتاج إلى التفاف أبناء البلد حول الجمعية ورفدها بالطاقات، وإلى الجدية من قبل الأعضاء في الجمعية، والحمد لله من خلال ما سمعت من شروحات رأيت في وجوههم الإخلاص والحماس والجدية، وأنا متفائل جداً لهذه المؤسسة المباركة بالتقدم السريع لأنها إن شاء الله سوف تبدأ من حيث انتهى الآخرون، لذلك أدعو المسئولين إلى الاستفادة من تجارب الجمعيات الخيرية الأخرى.

وختم الشيخ الصفار حديثه بدعوة الجميع إلى علو الهمة لأن علو الهمة من الإيمان، ودعى المجتمع إلى الاستفادة من دعم المؤسسات الحكومية، (وحث أبناء البلد إلى المزيد من النشاط والتواصل مع جميع الجمعيات والمؤسسات والشركات الموجودة في جميع المناطق).

كما شارك سماحة الشيخ الصفار جموع المصلين في جامع الإمام الحسين صلاة الظهرين بإمامة الشيخ عبدالله الأحمد.

وكان لسماحة الشيخ الصفار لقاء مع مجموعة من العلماء والمثقفين على مستوى المنطقة بعنوان "الثقافة الحقوقية" في الرميلة حضرها لفيف من العلماء والمهتمين بالشأن العام من منطقة الأحساء.

أفتتح اللقاء الأستاذ عيسى العبدالكريم بكلمة جاء فيها:

انطلاقا من الحرص على حقوق الإنسان وكرامته الدينية والوطنية وتأكيدا على الإهتمام بحقوق وواجبات كل مواطن في هذا البلد الكبير، وحرصاً على تحقيق اللُحمة الوطنية بين أبناء الوطن الواحد والعمل على نبذ الطائفية والمذهبية المقيتة من خلال نشر ثقافة حقوق الإنسان والدفاع عنها، وحرصاً على مصالح الناس، والقيام بما يضمن الإعداد والتكوين ورعاية الإنسان، وتسهيل معالجة وحماية حقوقه والمحافظة عليها، مع العمل على ترسيخ القيم الإنسانية واستيعابها في الأذهان، والعمل بها من أجل حياة مستقرة وعيش هانئ سعيد يسود فيه العدل والمساواة وتزدهر فيه الحرية والكرامة والتسامح والحوار والإحترام المتبادل.

ويقصد بحقــوق الإنسان وجود مطالب واجبة الوفاء بقدرات معينة يلزم توافرها على أسس أخلاقية لكل البشر بحكم كونهم بشر كما أنه ليــس هنـاك حصر لحقــوق معيـنـة تعتبر هي فقط الحقوق الممنــوحة للإنسـان بــل إن هناك الكثيــر مـن الحقوق التي يسعى الإنسان للحصـول عليهـا ليـست مـوجودة في دول كثيرة و حتى في بعــض الدول المتقدمــة في هــذا المجــال، إلا انه بدأ العمل في هذا المجال من اجل تعليم حقوق الإنسان و التنشئة عليها لجعلها ثقافة من خلال نسق خاص بالإنسان تتغير و تتطور بتطور وتغير الإنسان الملازم لها حتى تصبح هــذه الحقــوق قيــم واتجاهات وسلوكيات ومعارف لأفراد المجتمع تتمثل في شخصيته و تعامله مع الآخرين سواء أكانوا ا فراداً أو جماعات.

ومن هذا المنطلق يسرنا ويشرفنا أن نتناول هذا الموضوع الهام مع سماحة العلامة الشيخ حسن بن موسى الصفار "حفظه لله" تحت عنوان "الثقافة الحقوقية" وسماحة الشيخ الصفار غني عن التعريف فهو العالم والمفكر والناشط المرجو في هذا العصر الذي يُعبّر عن آرائه وأفكاره بكل صدق وشفافية وبكل جرأة يجسدها من خلال أعماله ومؤسساته الإجتماعية والوطنية، فهو رائد العمل الإجتماعي، وصاحب المبادرات التي لا تكل ولا تهدئ، فليتفضل مشكوراً...

وقد بدأ الشيخ الصفار حديثه بتفسير الآية الكريمة ﴿وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنتَصِرُونَ مشيراً إلى أن المجتمع الإيماني يتصف بسمة الدفاع عن حقوقه والانتصار لكراهيته, ولا يصح ان يتصف بقبول الظلم والسكوت على مصادرة الحقوق, وتناول الشيخ الصفار مسألة شمولية الحقوق فهي لا تقتصر على ما يرتبط بعلاقة المواطن مع أجهزة الدولة, بل تشمل الحقوق في الإطار العائلي والعلاقات الاجتماعية.

ودعا العلماء والخطباء إلى تعريف الناس بحقوقهم وان لا يقتصروا في توجيههم لطرح حقوق الله فقط، فهي على أهميتها لا تنفصل عن مراعاة حقوق الناس, وخصص الشيخ الصفار جزءاً واسعاً من حديثه لتشجيع الناس على الاستفادة من الفرص المتاحة قانونياً وإعلامياً وسياسياً لتعزيز وضمان حقوقهم كمواطنين, والمطالبة بالخدمات لمناطقهم, ومنع أي تجاوز على حرياتهم الدينية والإنسانية, وردّ على الذين يشككون في جدوى السعي والمطالبة بانها لا شك خير من التقاعس والسكوت, كما أن الإصرار والاستمرار على المطالبة يحرج الظرف الآخر, وقد يلزمه بالاستجابة, مستشهد بكلام أمير المؤمنين : «ما ضاع حق خلفه مطالب».

وكانت مداخلات الجمهور ثرية جداً تدفع للإسهام بشكل مباشر في تفعيل الحالة الحقوقية للمجتمع والعمل على تطبيقها في الحياة العامة.

شارك في المداخلات كل من:

الأستاذ صادق الرمضان, الشيخ حسن بوخمسين, الأستاذ سلمان الحجي, الأستاذ جعفر السلطان والأستاذ عبدالله الشايب.

كما حضر اللقاء اصحاب الفضيلة الشيخ جواد الخليفة, الشيخ حسن بوخمسين, الشيخ حسين الرمضان, الشيخ عبد الله الأحمد والشيخ يوسف العبدالله.