ملحق الرسالة يواصل طرح المكاشفات مع الشيخ الصفار

آن لنا بعد 14 قرنا من الصراع والانشغال بالاختلاف والفشل في تغيير الرأي أن نجرب عصراً جديداً في التحاور والتقارب

 


• انني أرفض وأدين سب الشيخين ومن ينال منهما متطرف أو جاهل.

• أعلن براءتي من التسجيل المدبلج المبثوث في مواقع الإنترنت وهو مكذوب عليّ.

• لا أؤيد دخول أي كتاب شيعي فيه طعن وإساءة للمذاهب الأخرى إلى المملكة.

• نقطة الخلاف الرئيسية التي تفرعت عنها كل الاختلافات الأخرى بين السنة والشيعة تكمن في موضوع الإمامة.

• أجمع أهل السنة و الشيعة على كمال القرآن وأنه ما بين الدفتين من عند الله لم ينقص منه حرف واحد.

• الاتجاه السائد عند المراجع الشيعة وفي حوزاتهم العلمية هو العزوف عن السياسة.

• الخميني طرح ضرورة تصدي الفقهاء لإقامة حكم الإسلام وحوّل رأيه إلى مشروع سياسي عملي.

• أعترف بأن بعض الشيعة يسيئون كثيراً بالتعرض للخلفاء بالسب ولكن لا ينبغي أن تحاسب الطائفة كلها بذلك.



بين يدي مكاشفات:


سأخصص هذه المقدمة للحديث حول مسألتين كان من الضروري التطرق إليهما خصوصا وأن كمية النصائح التي تلقيتها وإلى جانبها الرسائل المحتجة قد زادت عن ذي قبل.

أولى المسائل أن الأخوة الأحبة ينسون في غمار اشتغالهم بالمكاشفات قراءة ونقدا أن المحاور(بضم الميم وكسر الواو) هو في النهاية صحفي, يروم من حواره مادة صحافية فيها ما يستقطب القراء، في ذات الوقت الذي تخدم فيه الصالح العام وتلتزم بأدبيات المهنة التي يجب امتثالها, وبالتالي فهو لن يتمكن من إيقاف الضيف عند كل جزئية, وإلا لتشعب الحوار وطال، وربما أصبح أقرب للمناظرة الشرعية أو الأكاديمية في الفرق والطوائف منه للحوار الصحفي, وتلك مكانها قاعات الجامعات وليس الصحف والمجلات. وقد جرت العادة في مكاشفات على إتاحة الفرصة للمعارضين لما ورد على لسان الضيف للإدلاء بآرائهم واعتراضاتهم بعد أو أثناء نشر المكاشفات. رغم ذلك، فإنني أزعم أنني بذلت جهدي في الإبقاء على شيء من السجالية المعقولة في الحوار من دون تجاوز الحد الذي سيدفع الآخرين إلى الإضراب عن مكاشفات، وهو ما فعلته أسماء شهيرة طلبناها واعتذرت.

المسألة الأخرى، وأظنها الأهم, هي أنني أتمنى على كل مهتم بالشأن العام والوطني, وخصوصا من اخوتنا في التيار الإسلامي عبر أطيافه المتعددة, أن يتأملوا مشروع الشيخ حسن الصفار الذي يطرحه اليوم ويتضمن فتح حوار للتفاهم بين طائفته وبين التيار الإسلامي العريض في ساحتنا المحلية.

خلاصة مشروعه أو لعلها نقطة الانطلاق فيه حسبما فهمت منه هي أن قروناً طويلة من محاولات الطائفتين تغليب وجهة نظرها على الطائفة الأخرى لم تفلح. بل ثمة مآس تاريخية ومذابح لم يستفد منها سوى أعداء الأمة, وأنه آن الأوان ليلتقي عقلاء الطائفتين ويحدّدوا معالم عريضة كي يتعايشوا على أسس من القبول والتعددية, من دون أن يتعرض أحدهما الى مسلمات الآخر، بمعنى أنه لو قام أحد من طائفته بشتم الصحابة فإن مرجعياتها هي التي ستقوم بردعه وإسكاته, وفي المقابل أيضا فإنه إذا ما كفّر أحد من السنّة، دون بيّنة أو إثبات, أو غالى في خصومته تجاه أحد الشيعة الذين لا يشتمون الصحابة ولم يتعرضوا لمسلمات السنّة, فعلى عقلاء طائفته أن يردعوه. كل ذلك لجمع الكلمة ووحدة الصف في هذا الظرف التاريخي الذي تعيشه الأمة.

يضيف الشيخ الصفار في حوار جانبي جاد معه بأن هذا هو أوان المشروع كي يلتقي الإسلاميون على هذه القواسم المشتركة, لأن البديل المطروح هو العلمانية التي ستخترق المجتمع من أقصاه الى أقصاه بفعل الضغط الأمريكي والغربي عموما عبر أجهزة إعلامه والسياسي لديه. ويضرب الصفار مثالا بالدول القريبة والبعيدة الإسلامية منها والعربية حينما غزاها تيار التغريب.

والخلاصة هي أننا أشد حاجة لأن نتماسك في قلعة الإسلام وحصنه الأخير.

ما أود أن أنتهي إليه هنا, هو دعوة ورجاء للرموز لدينا وخصوصا الجيل الشاب من الدعاة والأقدر على فهم الحراك العالمي من حولنا, بأن يلتقوا الرجل ويستمعوا إليه, ويكسروا حواجز لا تستند إلى القول إن دعوته هي مجرد تقية أو ما شابه, مع أنها ليست بالحاجز الذي يمنع الدعاة من الحوار معه، ولتكن الظروف العالمية التي تحيط بنا هي الحافز على الاستماع للرجل إذا أبيتم أن تكون الشرعية هي الأرضية المشتركة.

أيها الأحبة: نحن إزاء فئة موجودة بيننا لها علينا حق المواطنة، وهي شريكة لنا في هذا الوطن، ولا خيار أمامنا سوى أن تكون الكلمة السواء هي الصلة بيننا وبين أفرادها ورموزها.

هي بإذن الله نصيحة صادقة لا تبتغي غير وجه الله عز وجل..

--------------------------------------------------------------------------------

• نشرت في ملحق «الرسالة» بصحيفة المدينة بتاريخ 1/9/1425هـ.
• أجري الحوار الأستاذ عبدالعزيز محمد قاسم.

--------------------------------------------------------------------------------


والى المكاشفة الثالثة:


• تركناك في الحلقة الماضية عند قضية الخمس والتي حسدتكم عليه يا شيخ حسن كونها تعطي علماءكم استقلالا ماديا وثقلا لدى السياسي والشعبي, وأعود بك الى إيران.. دعني أسألك عن الوضع السياسي وقتما جئتها. وقد أتيتها في عصرالشاهنشاه الكبير محمد رضا بهلوي. هل اطمع منك باضاءة للمحيط السياسي الذي عشته هناك, وأنت في سن السادسة عشرة وواع بالمجتمع الذي تعيشه.. هلا سلطت لنا الضوء؟


- في الحوزة العلمية غالباً ما تكون الاهتمامات دينية وعلمية ولا يكون فيها تداول للشأن السياسي وغالباً ما يكون في الأجواء المحافظة وجود المذياع أو التليفزيون شيء ثانوي.

• يا ساتر.. حتى لديكم أنتم, لا تلفاز ولا إعلام ولا صور..ظننتها حالة محلية خاصة بنا.

- في حوزاتنا العلمية أيضاً كان يسيطر التيار المحافظ الذي يتوجس من أي جديد أو تجديد ويصر على التمسك بالسائد والمألوف، وكانت هناك رغبة في إبعاد الحوزة عن السياسة، وعن تأثير التيارات المرتبطة بالاتجاهات الغربية.

لكن في مقابل هذا التيار كان تيارهناك إصلاحي يدعو إلى الانفتاح والتطوير والتجديد.

وفي تلك المرحلة كان يدور في إيران وحوزة قم صراع قوي بين التيارين فالإمام الخميني كان له اتباع يتحركون في معارضة الشاه، والدكتور علي شريعتي كان يقود نشاطاً ثقافياً يخالف توجهات الحوزة العلمية، والشيخ مرتضى المطهري كانت له حركة نشطة في أوساط الجامعات، لكننا كطلاب عرب لم نكن قريبين من هذه الأجواء بل كان كبارنا يحذروننا من تجاوز الاهتمامات الدراسية حتى لا تؤثر على مستوانا الدراسي ولا تسبب لنا مشاكل في إيران بعدما لاقيناه في العراق.

• لم تتأقلم مع أجواء إيران, وانتقلت إلى الكويت يا شيخ حسن متى كان ذلك؟

- 1394هـ ذهبت إلى الكويت وفي الكويت كان هناك المرجع الشيعي السيد محمد الشيرازي وكان معه مجموعة من العلماء.

والسيد الشيرازي إضافة إلى انه كان مرجعاً وفقيهاً كان أيضاً ضمن حالة الصحوة الإسلامية كتاباته وأفكاره كانت واضحة في هذا السياق، واستفدت منه كثيراً و يمكن أن أقول ان الجانب الفكري والثقافي والحركي في حياتي كان من خلال مدرسة السيد محمد الشيرازي. كان له درس في تفسير القرآن ليلياً في مجلسه العام كل ليلة يفسر آية من القرآن الكريم وكان تفسيره يفتح أمامنا آفاقاً، لم يكن تفسيراً تقليدياً لمعاني الكلمات أو سبب نزول السورة أو الآية، يتعرض لذلك وإنما الأهم انه كان يشتق ويستنبط من الآية مفاهيم اجتماعية، سياسية وفكرية وكان يحرّض المسلمين كثيراً للنهضة ومواجهة الغرب و الاستعمار وكان له درس أسبوعي، في الأخلاق موجه لطلاب العلوم الدينية، كيف يكون طالب العلم في سلوكه وفي نشاطه و في أخلاقه وفي تعامله مع المجتمع.

في كل أسبوع يختار نقطة من النقاط ويركز عليها، وأفادنا كثيراً وأنا استفدت وتربيت أكثر من أي حوزة أخرى ضمن مدرسة السيد الشيرازي في الحوزات الأخرى ما كنت أشعر أن هناك عالماً أو مرجعاً أتربى على يده، استفيد منه تربوياً وفكرياً ربما لأن سني ودراستي لم تكن تؤهلني لأن أتعامل مباشرة مع العلماء الكبار ومع المراجع، لكن في الكويت باعتبار أن العدد كان محدوداً وشخصية السيد الشيرازي كانت شخصية مميزة أبوية فاحتضننا ولست وحدي أنا, إنما كان يتعامل مع كل الطلاب على هذا المستوى.

كان مع السيد الشيرازي أحد تلامذته وهو السيد محمد تقي المدرسي والذي أصبح الآن مرجعاً من المراجع, هذا كان يقود حركة إسلامية وكانت له قراءة جيدة لتجربة حزب التحرير وحركة الإخوان المسلمين والحركة الإسلامية في إيران, أنا وقتها لم أكن أعرف عن التنظيمات وعالم الحركات والأحزاب ولكني في مدرسة السيد الشيرازي بدأت انفتح على هذا العالم وبدأت اعرف أن الجماعة لديهم تنظيم ولديهم حركة تستهدف الوضع في العراق، يريدون أن ينظموا الشعب في العراق لمواجهة حزب البعث ولمواجهة التيارات الأخرى المخالفة للإسلام وعشت في أجوائهم الحركية والأجواء التنظيمية التي كانوا فيها، واستفدت كثيراً من السيد محمد تقي المدرسي وأخيه السيد هادي المدرسي الذي كان مقيماً في البحرين ويتردد على الكويت.

الحالة الكويتية: تنافر أم تعاون؟


• أنا متفاجئ بأنكم تقرأون لعلماء ودعاة سنة يا شيخ حسن, ولعلي أتبع هذا بسؤال عن علاقتكم بالأخوة السنة في الكويت. هل هي كما المعتاد حالة التنافر الطائفي والاجتماعي المعهود؟

- كانت الحالة في الكويت طبيعية من حيث العلاقة بين السنة والشيعة، لأن المذهب السائد في الكويت هو المذهب المالكي ولم يكن لديهم موقف حاد من الشيعة، ولأول مرة عشت جواً منفتحاً مع السنة على الصعيد الاجتماعي، فقد رأيت شخصيات من أهل السنة يزورون السيد الشيرازي من علماء ومثقفين ورجال أعمال وكان السيد الشيرازي يزور ديوانيات ومجالس لشخصيات من أهل السنة وقد رافقته في بعض هذه الزيارات، كما كانت الصحافة الكويتية تنشر لكتاب شيعة وتغطي المناسبات الدينية الشيعية، وكانت مجلة أسبوعية لأحد الصحفيين الشيعة باقر خريبط اسمها «صوت الخليج» كنا نتابعها تتناول قضايا المجتمع الشيعي، فلم يكن هناك تشنج ولا قطيعة ولا تنافر آنذاك.

• بودي أن أستفهم منك هنا عن علاقة الشيرازي, وأنت أيضا يا شيخ حسن, بالحركات الإسلامية السنية. للتو قلت بأنه تأثر بمنهج الإخوان المسلمين، وأدبيات حزب التحرير, ولا أخفيك بأن هذا مفاجئ لي تماما, فقد ظننت بالقطيعة بينكم وبين قيادات الحركات الإسلامية السنية.

- مدرسة السيد الشيرازي لأنها من مدارس الصحوة الإسلامية في الوسط الشيعي كانت منفتحة على سائر المدارس الصحوية الإسلامية بل وعلى سائر الحركات التغييرية والثورية.

وكان السيد الشيرازي وكذلك السيد المدرسي يذكران القيادات الفكرية والحركية السنية بالكثير من التقدير والاحترام كأبي الأعلى المودودي وأبي الحسن الندوي والشيخ حسن البنا.

وكانت شخصيات سنية كويتية أو مقيمة في الكويت أو تأتي لزيارة الكويت يلتقون مع السيد الشيرازي ومع تلامذته البارزين.

كالشيخ حسن أيوب والسيد يوسف السيد هاشم الرفاعي والدكتور إسماعيل الشطي والدكتور علي فهد الزميع والدكتور عبدالله فهد النفيسي، وكذلك شخصيات من الأمراء والأسرة الحاكمة في الكويت كرئيس الأركان آنذاك مبارك عبدالله الجابر وبعض رجال الأعمال والوجهاء السنة المشهورين كالحاج يوسف الغانم والشيخ عبدالعزيز العدساني وغيرهم من الأسماء التي لا أذكرها الآن، كانت تحصل بينهم وبين السيد الشيرازي زيارات ولقاءات.

وبعض المدرسين في جامعة الكويت من مصر وسوريا والأردن كانوا من أتباع الحركات الإسلامية كالإخوان المسلمين وحزب التحرير كان بعضهم يتواصل مع أجواء السيد الشيرازي.

أنا شخصياً كنت أحضر بعض هذه اللقاءات لكن لم تحصل بيني وبين تلك الشخصيات علاقة مباشرة آنذاك، لكنها كانت أجواء جديدة ومفاجئة بالنسبة لي خصوصاً مع المقارنة بالقطيعة والانغلاق التي كنا نعيشها في المملكة.

فكان مريحاً جداً ما رأيته من اندماج وطني بين الشيعة والسنة في الكويت حيث كان هناك وزراء ونواب من الشيعة وكتب الشيعة كانت تطبع وتباع بحرية.. وكنت اقتني مختلف الكتب في الكويت لكن دخولها إلى المملكة كان أمراً مقلقاً بالنسبة لي واحسب ألف حساب حينما اصطحب معي بعض الكتب الشيعية، واذكر مرة أني أخذت معي كتاب «مع الله في السماء» وهي مقالات علمية للدكتور أحمد زكي كان يكتبها في افتتاحيات مجلة العربي، وكنت مطمئناً لأن المؤلف سني والكتاب علمي، ولكن المفتش ويبدو أنه لم يكن له حظ من المعرفة صرخ حينما قرأ عنوان الكتاب: ما هذا يدعي أنه ذهب إلى الله في السماء إنه كافر أشهد بالله أنه كافر، واخذ الكتاب مني وهو يؤنبني ويوبخني ولم أجد نفسي قادراً على إفهامه واقناعه.

• عفوا يا شيخ حسن. أتصور أن حديثك هنا ربما به بعض الحساسية الملتبسة. إذ أن هذا المنع الذي تشتكي ينسحب على الكل بلا تمييز طائفي ربما تلّوح بكلامك به. وكثير من المثقفين يشتكون, وأنا نفسي أعددت كتاب «مكاشفات» ومنعته رقابة المطبوعات رغم أن مادته منشورة بالكامل في الصحافة ولم أتلق سوى التهنئة عليه عندما نشر, فلا أتصور بأن في الأمر تمييزا. ويبقى أنني معك في ضرورة إعادة النظر في معايير الفسح وقد نوقش هذا الأمر في ملتقى المثقفين بشفافية وتكلم الكثير فيه..

- أنا اعرف حتى بعض كتب الوزير غازي القصيبي ممنوعة، وان هناك مطالبة من جهات مختلفة بإعادة النظر في معايير الفسح، لكن رفض الكتاب السني استثناء، بينما الأصل رفض أي كتاب شيعي، وأنا لا اطالب بإدخال كتب فيها إساءة للدولة، أو إساءة لأي مذهب آخر، فإذا كان هناك كتاب شيعي فيه طعن وإساءة للآخرين فلا أؤيد دخوله إلى المملكة، لأني ضد هذا النوع من الثقافة التي تثير الفتن، لكنه ليس من الصحيح منع الكتب العلمية كتفسير القرآن وكتب الفقه والعقيدة والتاريخ. لا يصح أن تمنع لأنها تعبر عن وجهة نظر الشيعة، فان المواطنين الشيعة يحتاجونها باعتبارها مصادر ومراجع لثقافتهم ومعارفهم الدينية. كما أنها تساعد الآخرين على معرفة إخوانهم الشيعة.

فمثلاً: الكتب الفقهية الشيعية التي تعرض أحكام الصلاة والصوم والحج لا يستغني عنها أبناء المذهب، فإذا منعت عنهم يضطرون لتوفيرها بطرق ملتوية كالتهريب وتباع في السوق السوداء بسعر مضاعف وقد أخذت نموذجاً منها وهي الرسائل العملية الفقهية للمراجع المعاصرين كالسيد السيستاني وذهبت إلى الجهات الرسمية وطلبت الترخيص لدخولها وتابعت لشهور دون نتيجة، ولا أرى أي مبرر لمنع مثل هذه الكتب أرجو ان تنشروا هذا الكلام وأنا أتحمل مسؤوليته.

قراءات المرحلة


• أشكر لك هذه الشجاعة الأدبية, بيد أن الأمر في يد رئيس التحرير وليس بيدي, على الأقل أتملص بحجتي هذه يا شيخ حسن من أمانة المسؤولية, وأستأذنك في ترك هذا المحور وسؤالك عن قراءاتك في هذه المرحلة وأنت في الكويت، فما هي الكتب التي كنت تحرص عليها؟

- كنت أعيش في مدرسة السيد الشيرازي ضمن أجواء حركية يقودها السيد محمد تقي المدرسي، والذي برز اسمه فيما بعد كزعيم «لمنظمة العمل الإسلامي» في العراق وهي فصيل شقيق لـ«حزب الدعوة» في المعارضة العراقية. وكان معه عدد من كوادر هذه الحركة الذين هاجروا من العراق، ولم تكن الظروف في الكويت تسمح لهم بنشاط علني معارض للنظام العراقي آنذاك لكنهم كانوا يقومون بنشاط تربوي وثقافي.

وفي هذه الأجواء انفتحت على الأفكار الحركية والسياسية فقرأت أغلب كتب المودودي والندوي والبنا والسيد قطب والغزالي وفتحي يكن، وقرأت عدداً من الكتب عن القضية الفلسطينية ولا أزال اذكر أن أول كتاب سياسي قد شدّني هو مذكرات أبو اياد -صلاح خلف «فلسطيني بلا هوية».

وفي تلك الفترة برزت شخصية الإمام موسى الصدر في لبنان وحركته (أمل) أفواج المقاومة اللبنانية وكنا نتابع أخباره، وجاء في زيارة للكويت فكنت سعيداً جداً بلقائه واستماع محاضراته وأحاديثه.

وكان هناك تواصل مع أجواء الحركة الإسلامية المعارضة لنظام الشاه في إيران حيث كانت تصلنا محاضرات وكتابات الإمام الخميني والدكتور علي شريعتي والمهندس مهدي بازركان.

وكانت بعض العناصر القريبة من الإمام الخميني الذي كان مقيماً في النجف آنذاك تأتي وتبقى أياماً معنا في المدرسة ومن أبرزهم الشيخ محمد المنتظري ابن المرجع الشيخ المنتظري وكنا نستمتع جداً بالأخبار التي ينقلها ونتفاعل مع الأفكار التي يطرحها، ومن هناك بدأ انفتاحي على الساحة الحركية في إيران وتعرفت على بعض رموزها وقياداتها قبل سقوط الشاه بخمس سنوات تقريباً.

• يتبادر الى ذهني سؤال عن مدى إتقانك للغة الفارسية طالما كنت هناك في إيران ومع الملالي؟

- أستطيع قراءة الصحف والكتب الفارسية، كما أفهم ما أسمع من دروس ومحاضرات باللغة الفارسية، ولكني أجد صعوبة في التحدث باللغة الفارسية إلا بمقدار تمشية الحال.

• والله شيء عجيب, فالمفترض العكس يا شيخ. فكثيرون يتقنون الحديث ويجدون الصعوبة في الكتابة والقراءة.

- لعل السبب أني كنت أعيش في وسط علمي يعرف اللغة العربية فالعلماء الإيرانيون في الحوزة العلمية يدرسون اللغة العربية وقواعدها، فلم أكن مضطراً للتخاطب معهم باللغة الفارسية، وبعضهم كان يحبّذ أن نتكلم معه باللغة العربية ليكسب منا طريقة النطق بألفاظها، واذكر هنا مثلاً أن السيد الخامنئي قائد الجمهورية الإسلامية، كنا نلتقيه بداية ذهابنا إلى إيران بالطبع لم يكن في هذه الموقعية القيادية آنذاك، فكنا نزوره في بعض الليالي قبل أن تتشنج الأوضاع الأمنية في طهران، فكان يرتاح جداً للتحادث معه باللغة العربية، ويقول إنه يرغب في ذلك.

من ناحية أخرى ماكنت أستسيغ التحدث بلغة فارسية مكسرة، وهو الأمر الطبيعي لبداية التحدث بأي لغة جديدة، وربما لهذين السببين لم أمتلك القدرة الجيدة على التحدث باللغة الفارسية، إضافة إلى ضعف العزم والإرادة.

الخميني الرجل الأخطر


• سؤالي التالي يتعلق بالرجل الأخطر في تاريخ الفقه الشيعي برمته وقصدت الخميني, هل أدركت الرجل في العراق قبل ذهابه إلى باريس؟

- حينما كنت في النجف كان الإمام الخميني مقيماً فيها، وكان يؤم الجماعة في مسجد قريب من منزله اسمه مسجد (الترك) أي الأتراك، وله مجلس يومي عام يستقبل فيه الزائرين، كما كان يذهب بعد صلاة العشاء كل ليلة إلى مقام الإمام علي في وقت محدد، وسمعت الطلاب والعلماء يتحدثون عن دقة التزامه بالوقت فهو يكون هناك في وقت معين دون تقديم أو تأخير طول السنة، وقد صليت خلفه بعض الأيام، وزرته أكثر من مرة في مجلسه، كأي طالب علم، دون أن تكون لي أي علاقة مباشرة معه أو مع جماعته، لأني كنت طالباً صغيراً ليس لدي ما يدفعني لهذا المستوى من العلاقة والارتباط.

وفي تلك السنوات طرح رؤيته حول إقامة الحكومة الإسلامية وولاية الفقيه، وطبعت في خمسة أجزاء صغيرة تحت هذا العنوان، فكان طرحاً جديداً في الحوزة العلمية والوسط الديني، وصار محل جدل وأخذ وردّ، لأن غالبية المراجع والفقهاء في النجف لم يكونوا مع هذا الرأي، كما كان بعضهم يتحفظ على الطرح السياسي والعمل السياسي في الحوزة العلمية، ولكن الإمام الخميني كان جاداً وجريئاً في طرحه، وقد تحصلت على تلك المحاضرات المطبوعة «الحكومة الإسلامية وولاية الفقيه» وقرأتها بانشداد واندهاش.

• سأقف معك قليلا في محطة الخميني. ما فعله يشكل فاصلة تاريخية بالمذهب والفكر الشيعي وخصوصا في طرحه لمسألة ولاية الفقيه.. فهو حلّ إشكالية كبيرة ومعضلة عصيبة كانت تواجه الشيعة, وانطلق بالملالي الى عالم السياسة دون انتظار المهدي الغائب. هلا حدثتنا بالتفصيل عن ذلك.

- الاتجاه السائد عند المراجع الشيعة وفي حوزاتهم العلمية هو العزوف عن السياسة، وأن عالم الدين يتلخص دوره في دراسة العلوم الشرعية وتدريسها وإفتاء الناس في أمور دينهم.

ويرون أن دخول علماء الدين في السياسة يشغلهم عن وظيفتهم الأساسية، ويدخلهم في الصراع مع السلطات التي ستعتبرهم منافسين ومزاحمين لمواقعها، كما أن في العمل السياسي نوعاً من الظهور والبروز والتطلع لأدوار ومناصب لا تنسجم مع صفات الورع والزهد والتواضع التي ينبغي أن يتحلى بها العالم.

لكن ذلك لم يمنع العلماء والمراجع من التصدي لمواجهة الهيمنة الاستعمارية والاحتلال الأجنبي، كما حصل في إيران لمواجهة النفوذ البريطاني في مسألة امتياز التبغ ومواجهة الغزو الروسي، وفي العراق لمقاومة الاحتلال البريطاني حيث قاد العلماء ثورة العشرين سنة 1920م وانتهت بطرد البريطانيين.

أما حين يحصل انحراف وظلم في السياسة الداخلية من قبل السلطات الوطنية، فإن العلماء يحاولون إيصال نصائحهم للحاكمين ويضغطون عليهم عبر زعماء العشائر والشخصيات النافذة.

وعند العلماء الشيعة حذر شديد من التصعيد الذي يؤدي إلى إراقة دماء أو انتهاك حرمات أو حصول فتنة داخلية.

ويرى كثير من العلماء أن مهمة إقامة حكم إسلامي وفق المذهب لا تتحقق إلا على يد الإمام المنتظر، لكن الإمام الخميني طرح ضرورة تصدي الفقهاء لإقامة حكم الإسلام وأن لا تترك أمور بلاد المسلمين بيد مثل البعثيين أو أتباع التوجهات الغربية المخالفة للإسلام، وأنه ليس صحيحاً أن تتعطل أحكام الشرع إلى ظهور الإمام المنتظر، وكان قد سبقه إلى هذا الرأي بعض العلماء كالشيخ مهدي النراقي (المتوفى 1244هـ) لكنه بقى في حدود الطرح العلمي.

فجاء تبني الإمام الخميني لهذا الرأي ليحوله إلى مشروع سياسي عملي تحقق من خلاله تأسيس الجمهورية الإسلامية في إيران.

والسؤال الذي يفرض نفسه هل أن قيام الحكم الشرعي في الفقه الشيعي منحصر في صيغة ولاية الفقيه التي تبناها الإمام الخميني؟
هناك رأي آخر بإمكانية قيام حكم شرعي باختيار الأمة لممثليها وسلطاتها طرحه الشيخ النائيني (1277-1355هـ) ضمن رسالته بعنوان «تنبيه الأمة».

وجدد طرحه الشيخ محمد مهدي شمس الدين تحت عنوان «ولاية الأمة على نفسها».

الحالة الشيعية اللبنانية


• وطالما طرحت اسم محمد مهدي شمس الدين, بودي سؤالك هنا عن الحالة الشيعة اللبنانية, أرى أنها حالة مختلفة عن الحالة الشيعية العراقية والكويتية والإيرانية, فهي نموذجية فريدة ولديهم رؤية متسامحة وبعيدة النظر في قضية التعايش والانفتاح. ولدي شعور داخلي في تأثر حسن الصفار بالمدرسة اللبنانية.. هل أنت معي في ذلك ولماذا فقط اللبنانيون؟

- طبيعة التنوع القائمة في المجتمع اللبناني، والمشاركة والمحاصصة لكل طوائفه في الحكم، بحيث لا تسيطر طائفة أو تهمش أخرى، جعل اللبنانيين يقبلون التعايش وكان علماؤهم ومفكروهم منسجمين مع هذه الحالة، ومدافعين عن مكاسبها، فلو أن شخصاً من المسلمين أساء للمسيحية فإن المؤسسات الدينية الإسلامية هي التي تبادر إلى الاحتجاج عليه وردعه، وكذلك لو أن شخصاً من المسيحيين أساء للإسلام فإن المؤسسات الدينية المسيحية هي أول من يعترض عليه ويحاسبه.

وعلى الصعيد المذهبي لو أساء شيعي في لبنان للسنة فإن «المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى» هو أول جهة تبادر لردعه، ولو أساء سني للشيعة فإن دار الإفتاء ستقوم بدورها لإيقافه عند حده.

فهناك قناعة بضرورة التعايش، وحماية الاحترام المتبادل.

أوافقك الرأي فيما ذكرته من تميّز المدرسة اللبنانية، وأقر بتأثري بها وخاصة بأفكار وطروحات الشيخ محمد مهدي شمس الدين «رحمه الله»، والذي كانت لي به صلة خاصة وثيقة حيث ترددت كثيراً على زيارته، وكان يتفضل بزيارتي حينما كنت مقيماً في دمشق أو حين أسافر إليها، وكلما زار المملكة لحج أو عمرة أو لقاءات رسمية يخبرني بقدومه فأحرص على الذهاب إليه في جدة أو المدينة أو الرياض.

أما التواصل التلفوني فلم ينقطع بيننا حتى أثناء مرضه في باريس وإلى قبل يومين من وفاته في بيروت.

قرأت أبحاثه القيمة وتناقشت معه حول الكثير من أفكاره وطروحاته للاستزادة والاستفادة.

وحينما أطلعته على كتابي «التعددية والحرية في الإسلام» فرح به كثيراً وأشاد به وكتب له مقدمة ضافية ضمنها تأييده وتقديره للكتاب وذلك دليل لطفه وتواضعه، ورعايته وتشجيعه لهذه التوجهات المنفتحة.

• اسمح لي بإبداء رأيي هنا, فما ذكرته جانب..ولكن جانب التعايش والقبول بالآخر هو ما يميز الحالة الشيعية اللبنانية..استشرافها الأبعد أيضاً ورؤاها «المتعصرنة» ان صح التعبير والمتقدمة عن مثيلاتها في العراق. التقيت شخصيا قبل خمس سنوات محمد مهدي شمس الدين واستضفناه وأستاذي الرحل د.عبدالقادر طاش «رحمه الله» في قناة اقرأ. وكانت رؤى الرجل غاية في التقدم والدعوة للائتلاف. نسمع الآن نفس الرؤى لمحمد حسين فضل الله. هل لي بتعليق منك عن سبب هذه الرؤى المتقدمة لعلماء لبنان.

- يبدو لي أن لهذا التميز الذي أشرت إليه وأوافقك عليه سببين رئيسيين:

* الأول: هو واقع التنوع ومستوى الانفتاح الفكري الذي تعيشه الساحة اللبنانية، فعالم الدين هناك يطلع على الأفكار والطروحات الأخرى، ويلتقي مع التوجهات المختلفة، ويعيش ضمن مجتمع له مصالحه المرتبطة مع الأطراف الأخرى.

أما في إيران والعراق فحالة التنوع والانفتاح ليست على هذا المستوى.

* الثاني: في إيران والعراق هناك مؤسسة دينية متجذرة تتمثل في المراجع والحوزة العلمية، وفي هذه المؤسسة تتكون مراكز قوى وتوجهات قد تتحفظ تجاه أي تجديد فكري ثقافي وتمارس ضغوطها المكثفة ضده ولهذا تقل الجرأة في إيران والعراق على الاجهار بالأفكار الإصلاحية والتجديدية.

أما في الساحة اللبنانية فليست هناك مؤسسة دينية ضاغطة تعوّق طرح الأفكار التغييرية والمخالفة للسائد والمألوف.

مكامن الخلاف بين الطائفتين


• دعني أدخل معك في صلب موضوع الخلاف بين السنة والشيعة.. أطلب منك الآن يا شيخ حسن أن تخلع جبة وعمامة عالم الدين الشيعي وتتمثل لنا رجلا موضوعيا ومحايدا طلبنا منه أن يحدد لنا نقاط الاختلاف الرئيسية بين الطائفتين..فما الذي سيقول؟

- أرى أن نقطة الخلاف الرئيسية التي تفرعت عنها كل الاختلافات الأخرى تكمن في موضوع الإمامة. وبالتالي تحديد المرجعية الدينية.

ذلك لأن للإمامة عند الشيعة شقين:

* الأول: موقع القيادة السياسية الخلافة أو الإمارة، حيث يعتقد الشيعة بالنص على الإمام علي من قبل الرسول وأنه الأولى بالخلافة وبعده الأئمة من أهل البيت لكن هذا الجانب أصبح قضية تاريخية، لا داعي الآن للنزاع حولها ومادام الخلاف في الأحقية والأولوية ضمن الإطار النظري والاعتقادي فالأمر سهل لا يستلزم الخصام.

* الشق الثاني وهو الأهم يتمثل في تحديد المرجعية الدينية التي تؤخذ منها معالم الدين وأحكام الشرع بعد رسول الله .

أهل السنة يرون أن المرجعية هم الصحابة فعنهم تؤخذ سنة رسول الله ، ومنهم نفهم ما اشتبه علينا من كتاب الله.

والشيعة يرون أن المرجعية تتحدد في أهل البيت ولا يؤخذ من أحد ما يخالف ما صح عن أهل البيت.

وينطلقون في هذا التحديد من أمر رسول الله ، الذي ورد بعدة صور روتها كتب الصحاح والأحاديث المعتمدة كقوله ، فيما أخرجه مسلم في صحيحه حديث رقم 2408 عن زيد بن أرقم قال: قام رسول الله يوماً فينا خطيباً بماء يدعى خمّاً بين مكة والمدينة. فحمد الله وأثنى عليه ووعظ وذكر ثم قال: «أما بعد ألا أيها الناس فإنما أنا بشر يوشك أن يأتي رسول ربي فأجيب. وأنا تارك فيكم ثقلين: أولهما كتاب الله فيه الهدى والنور فخذوا بكتاب الله واستمسكوا به »فحث على كتاب الله ورغب فيه ثم قال: «وأهل بيتي. أذكركم الله في أهل بيتي. أذكركم الله في أهل بيتي. أذكركم الله في أهل بيتي».

وأورد الشيخ محمد ناصر الدين الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة الجزء الرابع ص 355 حديث رقم 1761 عنه قوله: «يا أيها الناس إني قد تركت فيكم ما إن أخذتم به لن تضلوا كتاب الله وعترتي أهل بيتي» وأكدّ الألباني على صحة الحديث من عدة طرق وان له شواهد من أحاديث أخرى وردّ على من ضعّف الحديث.

وأخرجه الترمذي والطبراني والإمام احمد وغيرهم.

انطلاقاً من هذا الحديث الذي فهم منه الشيعة أن النبي قد حدد المرجعية من بعده بالكتاب والعترة خاصة وانه جاء في سياق الحديث عن مغادرته للدنيا وأنه تارك في الأمة هذين الثقلين، وأن الأخذ منهما فقط هو العاصم من الضلال.

وكذلك ما فهموه من أحاديث أخرى بهذا الاتجاه ومن اعتقادهم بأفضلية أهل البيت فإنهم يحددون المرجعية في أخذ معالم الدين بهم إلى جانب الكتاب العزيز.

وهنا مكمن الاختلاف بينهم وبين أهل السنة، والذي تشعب إلى جزئيات مختلفة في العقيدة والفقه، حيث يأخذ أهل السنة بما ورد عن سائر الصحابة والتابعين بينما لا يأخذ الشيعة إلا ما ورد عن أئمة أهل البيت أو مايوافقه.

أما الرواية الأخرى الواردة في بعض مصادر أهل السنة عنه : «كتاب الله وسنة نبيه» فإنها غير ثابتة عند الشيعة، وليست بقوة الرواية الأولى «كتاب الله وعترتي» في مصادر أهل السنة.

كما أنه لا تعارض بين الروايتين فما عند أهل البيت إلا ما أخذوه عن جدهم رسول الله وقد أشار ابن حجر الهيتمي في «الصواعق المحرقة» إلى وجه الجمع بين الروايتين.

• يا شيخ حسن ما أعرفه في هذه الموضوع أن أهل السنة ليس لديهم أي موقف تغليبي في هذه المسألة لأجل كون الصحابي من آل البيت أو من غيرهم بل لأجل العلم والفضل، ومع ذلك فالمروي عندهم عن علي وابن عباس وجعفر الصادق وزين العابدين بن علي كثير, وعموما سأتجاوز هذه النقطة وأستفسر عن بقية موضوعات الخلاف؟

- بقية موضوعات الخلاف فرعية عن هذا الأصل، وقد كتب أحد علمائنا هو السيد مرتضى العسكري كتاباً من مجلدين تحت عنوان «معالم المدرستين» رصد فيه التوجهات الأساسية المميزة لكل من مدرسة اتباع أهل البيت واتباع الصحابة.

واسمح لي هنا بمداخلة قصيرة في نقطتين قبل تجاوز هذا الموضوع:

* الأولى: حينما نتحدث عن أهل البيت فالمقصود بهم الدائرة التي حددها رسول الله فيما رواه الإمام أحمد والترمذي وغيرهم ونقله الشيخ ابن تيمية في رسالته «حقوق آل البيت» قال: عن أم سلمة: أن هذه الآية ﴿ إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا ﴾ لما نزلت أدار النبي كساءه على علي وفاطمة والحسن والحسين رضي الله عنهم فقال: «اللهم هؤلاء أهل بيتي فاذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا »وعقّب ابن تيمية بقوله: وسنته تفسر كتاب الله وتبينه، وتدل عليه، وتعبر عنه. فلما قال هؤلاء أهل بيتي مع أن سياق القرآن يدل على أن الخطاب مع أزواجه، علما أن أزواجه وإن كن من أهل بيته كما دل عليه القرآن فهؤلاء أحق بأن يكونوا أهل بيته، لأن صلة النسب أقوى من صلة الصهر. انتهى كلامه.

* الثانية: أن المروي عن أهل البيت في مصادر أهل السنة نسبة إلى ماروي عن غيرهم ونسبة إلى ما هو معروف من علم أهل البيت هو شيء قليل وليس كثيراً كما تفضلتم، ولعل ذلك راجع إلى الظروف السياسية التي كان يعيشها أهل البيت فلو أخذنا صحيح البخاري نموذجاً فإننا نجد أن ابن حجر العسقلاني في مقدمة فتح الباري يذكر مثلاً الأرقام التالية:

عدد الأحاديث المروية في صحيح البخاري عن أنس بن مالك 268 حديثاً، وعن عبدالله بن عمر 270 حديثاً، وعن أبي هريرة الدوسي 446 حديثاً، وعن أم المؤمنين عائشة 242 حديثاً، أما عن الإمام علي ابن أبى طالب ففيه 29 حديثاً، وعن السيدة فاطمة الزهراء حديث واحد.

• يا شيخ حسن, كل ما ذكرت سيرد عليه ان شاء الله طلبة العلم لدينا والعلماء وسيوضحون موقف أهل السنة من كل ما ذكرت في هذه المسائل التخصصية والحوادث التاريخية والتي تشكل تباينات حادة لا يمكن ان يقفزالشيخ حسن الصفار ولا أي شخص آخر عليها و تبقى لها تراكماتها النفسية الممتدة عبر الأجيال. ودعني هنا أطرح بصراحة ما يتحسس منه أهل السنة ويدخل في صميم العقيدة لديهم تجاه الآخر الطائفي. قضايا تمثل مفاصلات, كسبّ الصحابة «رضوان الله تعالى عنهم أجمعين»، مصحف فاطمة. ومسائل عديدة تدخل في صلب إيماني كمسلم سني وأرى الآخر الطائفي ضدها تماما, لا أدري يا شيخ حسن.. كيف لي أن أتقبل الشيعي وهو يسبّ صحابة رسول الله «صلى الله عليه وسلم»..انتظر تعليقك هنا بشفافية.

- دخلت في حوارات كثيرة مع علماء من أهل السنة من مختلف البلدان، والتقيت كثيراً من علماء الشيعة العاملين في مجال التقارب والتقريب بين المسلمين، ووجدت أن الاشكالات التي يطرحها أهل السنة على الشيعة ناتجة عن أحد أسباب ثلاثة:

* الأول: عدم الاعتراف بالحق في الاختلاف، حيث يحاسب بعض السنة الشيعة على آرائهم المخالفة لهم، وكأنه يلزم أن يوافق الشيعة على كل آراء السنة وإلا فهم محاسبون. ما يجب الاعتراف به أن هناك مدرستين متفقتين في الأصول الأساسية للدين، متمايزتين في جوانب تفصيلية من العقيدة والفقه.

كما هو الحال في التمايز داخل مدارس السنة من أشاعرة ومعتزلة وسلفية وصوفية، وداخل مدارس الشيعة من أصولية وإخبارية.

أما القول بأنه يجب اتباع كتاب الله وسنة رسوله فهو ما يتفق عليه الجميع لكن هناك اختلافاً في الفهم وقبول بعض المرويات، فالكتاب والسنة لا يحتكرهما أحد، لأن كل طرف يدعي أنه يسير حسب الكتاب والسنة.

وبعد أربعة عشر قرناً من الصراع والانشغال بالاختلاف والمراهنة الفاشلة لكل طرف أن يغيّر الآخر أو يلغيه، آن لنا أن نعترف بالتعددية وحق الاختلاف، ونجرب عصراً جديداً في التحاور والتقارب والاحترام المتبادل.

* الثاني: المحاسبة على الآراء والتصرفات الفردية من قبل بعض العوام، أو من قبل جهات متطرفة من الشيعة، واعترف هنا بأن بعض الشيعة مثلاً يسيئون كثيراً بالتعرض للخلفاء بالسب أو الشتم، لفهم خاطئ لديهم أو رد فعل لمواقف متطرفة من السنة، ولا ينبغي ان يحاسب المذهب كله والطائفة كلها بذلك، وإلا كان الغرب محقاً في محاسبة كل المسلمين والعرب، على تصرفات الإرهابيين والمتطرفين من المسلمين.

* الثالث: سوء الفهم لحقيقة وواقع الآراء الشيعية بقصد أو بغير قصد، أما لعدم الاطلاع أو للاعتماد على نقولات المناوئين، أو لابراز الآراء الشاذة في المذهب، وعندنا في المملكة مثلاً لا يسمح بدخول كتب الشيعة ولا فرصة لهم لعرض آرائهم في وسائل الإعلام، وبعض العلماء لا يكلف نفسه عناء مراجعة مصادر الشيعة المعتمدة، فيبقى على تصورات خاطئة تجاه الشيعة.

سألت مرة أحد القضاة في المحكمة الشرعية في القطيف هل اطلعت على شيء من مصادر الشيعة الفقهية حول مجال عملك في القضاء وأنت تقضي في مجتمع شيعي، كالأحوال الشخصية والحدود والخصومات؟ فقال لم اطلع حيث لا وقت لدي ولا اشعر بحاجة لذلك.

وكنموذج لسوء الفهم ما يثار حول الشيعة من القول بتحريف القرآن، مع أن كتبهم في التفسير والفقه والعقيدة تصرح بالقطع بصيانة القرآن عن التحريف، كما أن واقعهم الفعلي على الصعيد الإعلامي والثقافي والاجتماعي لا شيء لديهم غير هذا القرآن المتداول بين المسلمين، تلهج به إذاعتهم، ويقرأونه في صلواتهم، ويعلمونه لأبنائهم، ويتلونهم في مجالسهم. ووجود روايات في كتب الشيعة تتحدث عن وقوع نقص في آيات القرآن، يشبهها ما جاء في كتب السنة عن ذلك، وان كان السنة صنعوا لها مخرجاً هو القول بنسخ التلاوة، وما أشبه من المخارج.

صحيح أن هناك رأياً شاذاً لعدد محدود من علماء الشيعة قبلوا تلك الروايات، وقالوا بان هناك ما أنقص وحذف من القرآن، ولكن علماء الشيعة رفضوا هذا الرأي وعارضوه، وكتبوا الكتب في نقضه. فلماذا الإصرار على تكرار هذه الشبهة واثارتها؟...

• سأضطر الى مقاطعتك يا شيخ حسن, بودي أن تدلل على حديثك بعلمية بدلا من الإنشائيات العامة. هل طرحت لنا أسماء شيعية قالوا بما ذكرت، كي نقارن ونحاجج ونقبل حتى..

- علماء الشيعة الذين صرحوا بالاعتقاد بصيانة القرآن عن التحريف ورفضوا تلك الروايات كثيرون من الصعب حصر عددهم وأسمائهم ولكن اذكر بعض النماذج:

1. الشيخ الصدوق أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين (ت 381هـ) قال في رسالته التي وضعها لبيان معتقدات الشيعة: «اعتقادنا ان القرآن الذي أنزله الله تعالى على نبيه محمد هو ما بين الدفتين. وهو ما في أيدي الناس ليس بأكثر من ذلك ومن نسب إلينا انا نقول أنه أكثر من ذلك فهو كاذب».

2. الشيخ المفيد محمد بن محمد بن النعمان (ت 413هـ) قال في «أجوبة المسائل السروية» راداً على روايات التحريف: «ان الأخبار التي جاءت بذلك أخبار آحاد لا يقطع على الله بصحتها فلذلك وقفنا فيها ولم نعدل عما في المصحف الظاهر على ما امرنا به حسب ما بيناه».

3. الشريف المرتضى علي بن الحسين (ت 436هـ) قال في أجوبة المسائل الطرابلسيات: «القرآن معجزة النبوة ومأخذ العلوم الشرعية والأحكام الدينية وعلماء المسلمين قد بلغوا في حفظه وحمايته الغاية، حتى عرفوا كل شيء اختلف فيه من إعرابه وقراءته وحروفه وآياته، فكيف يجوز أن يكون مغيراً و منقوصاً مع العناية الصادقة والضبط الشديد؟ إن من خالف في ذلك من الإمامة والحشوية، لا يُعتد بخلافهم، فان الخلاف في ذلك مضاف إلى قوم من أصحاب الحديث نقلوا أخبارا ضعيفة ظنوا صحتها، لا يرجع بمثلها عن المعلوم المقطوع على صحته».

4. الشيخ الطوسي محمد بن الحسن (ت 460هـ) نفى التحريف بشكل واضح صريح في مقدمة تفسيره «البيان».

5. الشيخ الطبرسي أبو علي الفضل بن الحسن (ت 548هـ) صرح بذلك أيضاً في مقدمة تفسيره المعروف «مجمع البيان».

6. العلامة الحلي أبو منصور الحسن بن يوسف ابن المطهر (ت 726هـ) قال في إجابة على سؤال حول تحريف القرآن في أجوبة المسائل المهناوية بقوله: «الحق انه لا تبديل ولا تأخير ولا تقديم فيه (القرآن) وإنه لم يزد ولم ينقص ونعوذ بالله تعالى من ان يُعتقد مثل ذلك وأمثال ذلك».

هذه أسماء من السابقين وأما من المعاصرين فنذكر:

7. الشيخ كاشف الغطاء محمد الحسين (ت 1373هـ) قال في كتابه «أصل الشيعة وأصولها»: «ان الكتاب الموجود في أيدي المسلمين هو الكتاب الذي أنزله الله إليه للإعجاز والتحدي ولتعليم الأحكام وانه لا نقص فيه ولا تحريف ولا زيادة وعلى هذا إجماعهم (الشيعة) ومن ذهب منهم أو من غيرهم من فرق المسلمين إلى وجود نقص فيه أو تحريف فهو مخطئ. نص الكتاب العظيم ﴿ إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون ﴾ والأخبار الواردة من طرقنا أو طرقهم الظاهرة في نقصه أو تحريفه، ضعيفة شاذة، وأخبار آحاد لا تفيد علماً ولا عملا، فإما أن تؤول بنحو من الاعتبار أو يضرب بها عرض الجدار».

8. الطباطبائي السيد محمد حسين (ت 1402هـ) خصص فصلاً وافياً من تفسيره «الميزان» في 30 صفحة أثبت فيه بالأدلة العلمية القاطعة نفي التحريف وردّ على الروايات والقائلين بها.

9. السيد الخوئي أبو القاسم (ت 1413هـ) كتب فصلاً ضافياً في تفسيره «البيان» بلغ 40 صفحة فنّد فيها القول بالتحريف وأكد صيانة القرآن عن أي زيادة أو نقصان.

10. الإمام الخميني (ت 1409هـ) جاء في تقرير دروسه الأصولية «تهذيب الأصول» بحث لاثبات صيانة القرآن ورد شبهة التحريف ومن كلامه: «ان الواقف على عناية المسلمين بجمع الكتاب وحفظه وضبطه، قراءة وكتابة، يقف على بطلان تلك المزعومة، وما ورد فيه من أخبار حسبما تمسكوا، إما ضعيف لا يصلح للاستدلال به، أو مجعول تلوح عليه إمارات الجعل، أو غريب يقضي بالعجب، أما الصحيح منها فيرمي إلى مسألة التأويل والتفسير، وان التحريف إنما حصل في ذلك، لا في لفظه وعباراته. إن الكتاب العزيز هو عين ما بين الدفتين لا زيادة فيه ولا نقصان».

• جميل كل ما ذكرت, ولكني يا شيخ تتملكني الحيرة تجاه ما سمعت منك وبين يدي قصاصة مصورة تنقل عن الكليني في أصول الكافي ( 1238 ) عن جعفر بن محمد قال وإن عندنا لمصحف فاطمة وما يدريهم ما مصحف فاطمة مصحف فيه مثل قرآنكم هذا ثلاث مرات والله مافيه من قرآنكم حرف واحد. وأنت تقول ليس عندنا من يقول أن مصحف فاطمة هو قرآن آخر. ها أنا إزاء تناقض أم سهو منك؟

- الرواية موجودة في (الكافي) وليس فيها دلالة على التحريف ولا على قرآن آخر وإنما هي تتحدث عن كتاب لفاطمة حجمه يعدل حجم القرآن ثلاث مرات لكن ليس فيه شيء من القرآن. وهذا ما اجمع عليه شراح الرواية من علماء الشيعة كالشيخ المجلسي في «مرآة العقول» والمازندراني في «شرح أصول الكافي».

وقد جاء في هذا الباب من الكافي ثمان روايات، صحّح المجلسي في شرحه منها روايتان، قال عن اثنتين انهما حسنتان والاربع الباقيات إحداها سندها مرسل والثانية ضعيف والثالثة والرابعة في سندهما مجهول.

وتصرّح إحدى تلك الروايات بأن «مصحف فاطمة» روايات سمعتها فاطمة الزهراء وأملتها على علي فكتبها لها. وتشير رواية أخرى بشكل صريح إلى انه ليس في مصحف فاطمة قرآن وإنما معارف دينية حيث جاء فيها عن الإمام جعفر الصادق : «مصحف فاطمة ما أزعم ان فيه قرآناً، وفيه ما يحتاج الناس إلينا ولا نحتاج إلى أحد». وجاء في رواية أخرى أن مصحف فاطمة هو وصاياها «وليخرجوا مصحف فاطمة فان فيه وصية فاطمة ».

وهكذا فليس في أي من الروايات إشارة إلى التحريف أو إلى أن مصحف فاطمة بديل عن القرآن.

ولعل لالتباس جاء من تسميته بالمصحف باعتباره يطلق على القرآن، ولو راجعنا كتب اللغة لرأينا أنه كان يطلق على الكتاب المجموع مصحفاً كما في لسان العرب والقاموس والصحاح، وقبل أن يتحدد إطلاقه عند المسلمين على القرآن، وقد أورد ذلك الحافظ أبو بكر بن أبي داود السجستاني (ت 316هـ) في كتابه «المصاحف» وذكر مثلاً أن خالد بن معدان من كبار علماء الشام والتابعين كان علمه في مصحف له ازرار وعرى.

وقرأت أخيراً كتاب الدكتور ناصر الدين الأسد «مصادر الشعر الجاهلي» فوجدته يقول: كانوا يطلقون على الكتاب المجموع لفظ المصحف ويقصدون به مطلق الكتاب، لا القرآن وحده.

فتسمية كتاب فاطمة الجامع لرواياتها أو وصاياها بالمصحف، هو ضمن هذا الإطلاق اللغوي لا أكثر.

بل القران كامل


• وأيضا يا شيخ حسن أود لفت نظرك الى إجماع أهل السنة على كمال القرآن وأنه مابين الدفتين من عند الله لم ينقص منه حرف واحد وقد انعقد الإجماع على ذلك من العصور الأولى فلا مخالف له مطلقا. فليس الأمر لدينا بماقلت به قبل قليل.

- أخي الكريم لا يليق بقداسة القرآن الكريم ان يترامى المسلمون فيما بينهم الاتهام بتحريفه، فيتهم السنة الشيعة بذلك ويتهم الشيعة السنة بذلك، فانه قد أعطى فرصة التشكيك عند المستشرقين والعلمانيين المناوئين للإسلام.

وأنا أعلم أن إجماع أهل السنة وإجماع الشيعة على كمال القرآن وأنه ما بين الدفتين من عند الله لم ينقص منه حرف واحد، أما قولك ليس لديكم مايشير إلى النقص والتحريف فاسمح لي بالمصارحة حتى تكون المكاشفة متبادلة.

فكما يوجد في كتب الشيعة روايات عن النقص والتحريف في القرآن كذلك يوجد في كتب السنة، لكن علماء السنة يؤلونها ونحن مع تحفظنا على بعض أنواع التأويل كنسخ التلاوة لكننا نقبل كلامهم برفض النقص والتحريف فلماذا لا يقبلون تأويلنا لرواياتنا بل رفضنا لها ويصر البعض على توجيه الاتهام لنا؟

وأنت كمثقف متحرر إن شاء الله اعرض عليك بعض النماذج من الروايات في كتب أهل السنة فماذا تفهم منها:

في صحيح البخاري «باب رجم الحبلى من الزنا إذا أحصنت» في حديث طويل رواه ابن عباس عن عمر بن الخطاب قال: «إن الله بعث محمدا بالحق، وانزل عليه الكتاب، فكان مما انزل الله آية الرجم، فقرأناها وعقلناها ووعيناها، رجم رسول الله ورجمنا بعده، فأخشى إن طال بالناس زمان ان يقول قائل: والله ما نجد آية الرجم في كتاب الله، فيضلوا بترك فريضة أنزلها الله، والرجم في كتاب الله حق على من زنى إذا أحصن من الرجال والنساء، إذا قامت البينة، أو كان الحبل أو الاعتراف، ثم إنا كنا نقرأ فيما نقرأ من كتاب الله: ان لا ترغبوا عن آبائكم، فانه كفر بكم ان ترغبوا عن آبائكم، أو أن كفراً بكم ان ترغبوا عن آبائكم.» إلى آخر الحديث.

وفي صحيح مسلم باب «لو أن لابن آدم واديين لابتغى ثالثاً» «عن أبى حرب بن الأسود عن أبيه قال: بعث أبو موسى الأشعري إلى قرّاء أهل البصرة. فدخل عليه ثلاثمائة رجل قد قرأوا القرآن. فقال: أنتم خيار أهل البصرة وقرّاؤهم. فاتلوه. ولا يطولنّ عليكم الأمد فتقسو قلوبكم كما قست قلوب من كان قبلكم. وإنّا كنّا نقرأ سورة. كنّا نشبّهها في الطول والشدّة بسورة براءة. فأنسيتها. غير أنّي قد حفظت منها: لو كان لابن آدم واديان من مال لا بتغى وادياً ثالثاً. ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب. وكنّا نقرأ سورة كنّا نشبّهها بإحدى المسبّحات. فأنسيتها. غير أني حفظت منها: ﴿ يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون ﴾. فتكتب شهادة في أعناقكم. فتسألون عنها يوم القيامة.»

وفي مسند الامام أحمد بن حنبل في حديث زر بن حبيش قال: «قال لي أُبي بن كعب: كائن تقرأ سورة الأحزاب، أو كائن تعدها؟ قال: قلت له: ثلاثا وسبعين آية. فقال: قط، لقد رأيتها وإنها لتعادل سورة البقرة، ولقد قرأنا فيها الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة نكالاً من الله، والله عزيز حكيم.»

وفي المستدرك على الصحيحين باب تفسير سورة التوبة عن عبدالله بن سلمة عن حذيفة قال: «ما تقرؤون ربعها يعني براءة وأنكم تسمونها سورة التوبة وهي سورة العذاب،» قال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه أي الشيخان.

وفي سنن ابن ماجه «باب رضاع الكبير» عن أم المؤمنين عائشة قالت: «لقد نزلت آية الرجم ورضاعة الكبير عشرا ولقد كان في صحيفة تحت سريري فلما مات رسول الله وتشاغلنا بموته دخل داجن فأكلها.»

وأحاديث أخرى في مختلف المصادر وأكرر قولي أني لا أتهم أهل السنة بالقول بالنقص والتحريف، وأقبل منهم توجيههم وتأويلهم لهذه الروايات. وارجوا أن يقبلوا من الشيعة موقفهم تجاه الروايات الواردة في مصادرهم وأن ننزه جميعاً ساحة القرآن أن تكون صحته وصيانته محل جدل واخذ وردّ، فهو قرآننا جميعاً ومصدر ديننا وعزتنا.

المشكلة الأحدّ والحاجز الأصلب


•أوضحت وجهة نظرك يا شيخ حسن في قضية «مصحف فاطمة» وجزمت لنا بأن قرآنكم هو قرآننا, ولكن مسألة سبّ الصحابة «رضوان الله عليهم» وسبّ شيخي الإسلام «رضي الله عنهما» أبو بكر وعمر, هي من المسائل الشائكة بين الشيعة والسنة. ما هو تعليقك يا شيخ؟

- الشتم والسِّباب ليس من خلق المسلم ولا من خلق العاقل، وأنا أرفض وأدين سب الخلفاء الراشدين والصحابة، وأرى أنه ينطبق عليه أكثر من عنوان للتحريم والمنع.

واعتقد أن هذه المسألة جزء من تاريخ سيئ عاشته الأمة الإسلامية، كانت هناك قوى تضطهد الشيعة، فكان رد فعل بعض الشيعة على ذلك الاضطهاد هو السب والشتم لرموز أهل السنة، ولا بد من الاعتراف بأن الدولة الأموية ومؤسسها معاوية بن أبي سفيان هي التي سنت وشرّعت التجري بالسب والشتم على الخلفاء والصحابة بإعلان سب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، على المنابر، وقد أورد مسلم في صحيحه أن معاوية أمر سعد بن أبي وقاص بسب الإمام علي وعاتبه على عدم السب، كما جاء في «باب من فضائل علي» عن عامر بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه، قال: أمر معاوية بن أبي سفيان سعداً فقال: ما منعك أن تسبّ أبا التراب؟ فقال: أما ما ذكرت ثلاثاً قالهن له رسول الله فلن أسبه.. الحديث.

واستغرب من محاولة البعض التكلف في تأويل هذا الحديث بأنه لا يدل صراحة على أمر معاوية بالسب، وقد جاء صحيح سنن ابن ماجة للألباني حديث رقم 98 عن سعد بن أبي وقاص قال: قدم معاوية في بعض حجاته، فدخل عليه سعد، فذكروا علياً فنال منه «في الهامش أي: نال معاوية من علي» فغضب سعد وقال: تقول هذا لرجل سمعت رسول الله يقول: «من كنت مولاه فعلي مولاه» وسمعته يقول: «أنت مني بمنزلة هارون من موسى، إلا أنه لا نبي بعدي» وسمعته يقول: «لأعطين الراية اليوم رجلاً يحب الله ورسوله»؟.

ومن المعروف تاريخياً أن الخليفة عمر بن عبدالعزيز هو الذي رفع سب الإمام علي، جاء في «تاريخ الدولة الأموية» للشيخ محمد الخضري وهو مرجع معتمد لدارسي التاريخ في جامعاتنا السعودية: «ومن أعماله «عمر بن عبدالعزيز» العظيمة تركه لسب علي بن أبي طالب على المنابر وكان بنو أمية يفعلونه فتركه وكتب إلى الأمصار بتركه، ووضع مكان ذلك ﴿إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ» الآية.

وقد جاء في مسند الإمام أحمد بن حنبل حديث رقم 27284 عن أبي عبدالله الجدلي. قال: دخلت على أم سلمة فقالت لي: أيُسب رسول الله فيكم؟ قلت معاذ الله. قالت سمعت رسول الله يقول: «من سب علياً فقد سبني».

فإذا كان علي على مكانته وفضله وهو عند الشيعة لا يوازيه أحد بعد رسول الله ومع ذلك يُسبّ ويُلعن على المنابر عشرات السنين، ويسكت على ذلك علماء السنة وفقهاؤهم فإن ذلك يخلق الجرأة على سبّ غيره من الخلفاء والصحابة.

وكما لا يقبل التبرير في سب الشيخين أبي بكر وعمر كذلك لا يصح التبرير لمن سب علياً بأنه اجتهد فأخطأ، ويجب أن يكون حكم سب الخلفاء الراشدين والصحابة واحد، أما أن يكون سب علي اجتهادا خاطئا لا أكثر ويحظى من قام به بالتقديس، وسب غيره كفر وضلال فهذا ليس منطقياً.

وليس معنى كلامي أني أبرر لمن يسب الخلفاء والصحابة، وإنما أدعو لفهم ظروف حدوث هذه الظاهرة السلبية التي يجب أن نتجاوزها بحسن العلاقة بين الطرفين السنة والشيعة حتى يحرص كل منهما على احترام مشاعر الآخر وحتى نحترم جميعاً رموزنا الإسلامية.

إن من يسبّ الشيخين أبا بكر وعمر من الشيعة هم أما متطرفون أو جاهلون أما الحالة العامة عند الشيعة فلا تمارس ذلك ولا تقبله وإذاعات الشيعة وفضائياتهم في إيران ولبنان والعراق خير شاهد على ذلك، وهذه خطب الجمعة لهم تذاع على الهواء وصحافتهم تنتشر في الآفاق، وليس فيها شيء من ذلك.

بل حصل هذا العام أن عالماً في قم هو الشيخ يعقوب رستكاري طبع كتاباً فيه إساءة للشيخين فاعتقلته الحكومة الإيرانية وصادرت كتابه وحاسبت جهة النشر وبثت الخبر وكالات الأنباء كما نشرته أكثر من صحيفة.

الخوارج أم الأمويون؟


• عفوا يا شيخ حسن, لكأن مغالطة تاريخية هنا.أليس أول من سبّ وكفّر الصحابة هم الخوارج الذين كفروا عليا وعثمان وشتموهما ثم أخذت الشيعة هذا السباب فتدافع عن علي وتسب عثمان وأبي بكر وعمر وانتشر ذلك وفشا حتى أصبح معروفا ثم كان من معاوية ما كان من سب علي «رضوان الله تعالى عنهم أجمعين».

- الخوارج فئة محدودة مرفوضة من السنة والشيعة، ولم تكن لهم قدرة على تحويل سبهم لعلي وعثمان إلى ظاهرة عامة، لكن معاوية والذي يقدسه أهل السنة بسلطته وإمكاناته، جعل ذلك أمراً لازماً، ويتعرض من يخالفه للمحاسبة من قبله كما يبدو من عتابه لسعد بن أبي وقاص ومن حوادث مذكورة في التاريخ. وأنا لا أريد أن أقف عند هذه المسألة طويلاً فلست من دعاة الانشغال بالصراعات التاريخية.

• أيضا هنا مسألة تقديس أهل السنة لمعاوية . أتصور أن هذا الفهم منك غير صحيح والذي أعرفه أنهم لا يقدسونه بل يعتبرونه صحابيا وكاتب وحي وصهر النبي و يعتقدون أن صحابة قبل الفتح أفضل منه في الجملة ويعتقدون أن عليا أفضل منه وأنه هو المحق وأن معاوية هو المخطئ فأين التقديس. وهذه مسائل هامة لا بدّ وأنا أبحر معك فيها ان نشير إليها.

- أهل السنة أحرار في أن يقدسوا معاوية أو لا يقدسونه ولست في موقع المحاسبة على ذلك، ولكني أقول كما يتلمسون الأعذار لمعاوية في سبه للإمام علي بنفي ذلك تارة واعتباره اجتهاداً خاطئاً ضمن صراع سياسي تارة أخرى، فليتلمسوا الأعذار أيضاً لمن شط وتطرف من الشيعة وسب الشيخين. إنك من سؤالك تقول: ثم كان من معاوية ما كان من سب علي «رضوان الله تعالى عنهم أجمعين». فالساب والمسبوب تترضى عنهم فتعاملوا مع الشيعة بنفس الدرجة من التسامح.

• وبالمناسبة ذكرت بأن فقهاء السنة سكتوا, والذي أعرفه من كتب التاريخ بأنهم لم يسكتوا وقد بينوا وردوا ووضحوا حرمة ذلك وقد نقله أهل العلم في كتبهم بل كان خروج العلماء مع ابن الأشعث ربما كان أحد أسبابه هذه القضية, وعودة إليك بودي أن أسألك أنت عن موقفك من مسألة سبّ الصحابة؟

- لا أريد المناقشة كثيراً في هذا الأمر لكن استمرار سب الإمام علي على المنابر من عهد معاوية سنة 41هـ إلى تولي عمر بن عبدالعزيز سنة 99هـ دليل على ضعف الاعتراض أما موقفي شخصياً فقد أعلنت مراراً في الفضائيات والمقابلات الصحفية وفي الخطابات المختلفة أني أرفض وأدين سب الشيخين وإنه ينطبق عليه أكثر من عنوان للتحريم والمنع.

• على الرغم من أن مقطعا صوتيا راج لك في شبكة الإنترنت به بعض النيل من صحابة رسول الله «صلى الله عليه وسلم، ورضي الله عنهم أجمعين»؟

- هذا المقطع الصوتي تبثه مواقع طائفية متطرفة، تعلن عداءها للشيعة والتحريض عليهم وتحارب أي مسعى للحوار والتقارب بين السنة والشيعة، فهي ليست مصدراً موثوقاً، وهو تسجيل مدبلج، ومن المعروف عالمياً لزوم الفحص والتحري للتأكد من أي تسجيل منسوب لأحد، فحين كان يبث خطاب لصدام حسين قبل إلقاء القبض عليه، أو تسجيل لابن لادن أو الظواهري، فإن الجهات الأخرى تأخذ فرصة للتأكد من صحة نسبة الخطاب كما يعلن ذلك عادة. مع أنهم شخصيات مشهورة وأصواتهم معروفة.

وأنا أعلن براءتي من هذا التسجيل المدبلج وأذكر بقوله تعالى: ﴿ إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ ﴾.

• يا شيخ حسن, أسعد والله كمسلم أنك لا تنال من الصحابة وترى أن ذلك محرم لا يجوز وطالما هذا موقفك فالحمد لله, ولكن بودي هنا أن أثبت هذا التحريم منك, ولربما يأتي قارئ ويقول بأن الشيخ لم يذكر أبدا في إجابته بأنه يرى حرمة التحريم. فبودي تثبيت ذلك.

- ما أعلنته وذكرته كان صريحاً واضحاً من الإدانة والرفض والتحريم والمنع، ولكني أتساءل لماذا يصر البعض على وضع الشيعة دائماً في قفص الاتهام وأن عليهم أن يثبتوا براءتهم يومياً مما ينسب إليهم؟ بينما يتم تجاهل الفتاوى والآراء التي تكفّر الشيعة وتحرّض عليهم وتشجع على انتهاك حقوقهم الإنسانية المشروعة، لماذا يطل علينا أحد الدعاة البارزين قبل مدة قصيرة من فضائية مشهورة ليتحدث عن كفر الشيعة الذين يقولون بأن جبرائيل جاء بالنبوة لعلي ولكنه أخطأ وخان بإعطائها لمحمد، قل لي بربك من هم هؤلاء الشيعة الذين يتحدث عنهم؟ وفي أي مصدر من مصادرهم قرأ هذه الفرية؟ هل هذا من فقه الواقع أن نقول للناس جواباً معوّماً يكرّس حال التفرقة وسوء الظن دون أي مستند أو دليل؟ سبحانك هذا بهتان عظيم.

• قبل أن نغلق هذا الملف, وحتى لا تجرفنا مسألة التوافقية التي يرومها كلانا على حساب الواقع. بودي هنا أن تعلق على مقولة لأحد الدعاة السنة مصرحا بأن الشيعة معروف ملازمتهم للسب بل حتى الدول التي حكمت من الشيعة كالبويهية والصفوية فعلت ذلك وليس الأمر مقتصرا على السب بل يرون كفر الصحابة وردتهم عن الدين والأهم من ذلك تأصيل ذلك في كتبهم ومن ذلك ما كتبه الخميني في كتابه كشف الأسرار ص 126/127/130//137/176سب عظيم وشتم واتهام وفي كتاب محمد الرضى الرضوي بعنوان «كذبوا على الشيعة» ص 210 «ان تظاهر الخلفاء بالإسلام إنما كان خدعة للإسلام وكيدا له وان صلاتهم وصيامهم كانت كلها نفاقا ودجلا وتضليلا» هل من تعليق لك يا شيخ حسن؟

- لا أرى داعياً للتعليق على هذا الكلام فهو نموذج لإطلاق الاتهامات والادعاءات بغير حق، فالقول بأن الشيعة معروف ملازمتهم للسب، قول يكذبه الواقع الذي تعيشه أنت وأمثالك وتراه جلياً واضحاً، فالشيعة في إيران لهم الآن دولة يحكمها علماؤهم منذ ربع قرن، وهي من أقوى دول المنطقة وأكثرها كثافة بشرية، ولديها وسائل إعلامية عالمية كالفضائيات والإذاعات والصحف وبمختلف اللغات، وكانت علاقاتها مع دول المنطقة متأزمة جداً خلال الحرب العراقية الإيرانية، فهل كان الإيرانيون يلهجون بسبّ الخلفاء؟ وهل ضبطتم على وسائل إعلامهم برامج سب وشتم؟

والشيعة في لبنان يشكلون اكبر طائفة وأقوى حركة، وقد انزلوا بالصهاينة هزيمة نكراء اضطرتهم للانسحاب من جنوب لبنان، ولديهم وسائل إعلامهم الواسعة الانتشار كفضائية «المنار» فهل سمعتم منهم سباً وشتماً للخلفاء والصحابة؟

والشيعة في العراق وبعد ثلاثة عقود من الاضطهاد تخلصوا من الديكتاتورية والقمع وانفلت الوضع هناك ومع كل ما أصابهم ومع التفجيرات التي استهدفت رموزهم وشعائرهم الدينية ومع محاولات الأعداء لخلق فتنة طائفية هل سمعتم من مراجع الشيعة في العراق أو قياداتهم السياسية أو وسائل إعلامهم سباً وشتماً؟

والمراكز الشيعية في الغرب وهي تعيش في ظل حرية التعبير والإعلام هل لديهم خطاب سب وشتم؟

فكيف يقرر هذا الداعية الملازمة من الشيعة للسب؟ ولماذا لا تردون عليه أنتم وأمثالكم من أهل السنة؟ وكيف تجد مثل هذه الأكاذيب والأضاليل مع مخالفتها الفاضحة للواقع فرصة للانتشار والقبول.

أما الكلام المنسوب للإمام الخميني في «كشف الأسرار» فأنا لم أقرأه لكني قرأت عن الكتاب أنه قديم ألفه الإمام الخميني في مطلع شبابه ثم رفض إعادة طبعه قبل وبعد قيام الجمهورية الإسلامية، وقد تشكلت مؤسسة لحفظ آثاره وطبعها وأهملت هذا الكتاب، وكتب الدكتور إبراهيم شتا الدسوقي من مصر وهو متخصص في الأدب الفارسي أن الترجمة العربية للكتاب مشوهة جداً وغير صحيحة.

بالطبع لا يمكننني أن أنكر أن في الشيعة فئة متطرفة تسب وتشتم، ولها كتابات وخطابات في هذا الاتجاه، لكنها محدودة المساحة والتأثير، وتطرفها يأتي رد فعل للتطرف المضاد من الآخرين ضد الشيعة. وعلى الواعين أن يعملوا لكي تتجاوز الأمة هذه الأفعال السيئة وردود فعلها الخاطئة.

وحين نطرح التقارب والحوار وتصحيح العلاقة بين أطراف الأمة إنما هو لإنقاذ الساحة الإسلامية من تخريب المتطرفين في الجانبين.

--------------------------------------------------------------------------------


اقرأ في العدد القادم من مكاشفات الصفار:

• تحميل السلفيين وحدهم تبعة التحريض والكراهية منهج غير علمي لأن ما صدر من طائفتكم من كتب ومجلات في سبّ وثلب الصحابة شيء كثير.

• لماذا أغفلت اسمي سفر الحوالي وناصر العمر في رهاناتك على دعاة السنة؟

• لأكن صريحا معك بأن المراجع التقليدية لديكم ضد ما تطرحه من رؤى تقاربية..بل وصل الأمر الى محاربتك بفتوى الخوئي ضدك.

• أنت متهم منهم بأن وسطيتك هو لأخذ الخُمس وأن مواقفك السياسية لأجل التطلع الى منصب رسمي.

• بصراحة شديدة..ألا ينبني على المرجعية الفقهية الخارجية تبعية سياسية؟