الشيخ الصفار: لا نريد أن تكون وحدتنا معلقة بالمجريات الإقليمية

على ضفاف الاثنينة أقيم حفل عشاء على شرف سماحة الشيخ حسن بن موسى الصفار بمنزل الشيخ عبد المقصود خوجه بتاريخ 20/1/1429هـ الموافق 29/1/2008م تخلله كلمات ومداخلات نشرت في كتاب الإثنينة المجلد 25 الجزء 2 وشغل الصفحات من 1225 إلى 1256 وهذا نصه:

كلمة سعادة الشيخ عبد المقصود محمد سعيد خوجه

بسم اللّه الرحمن الرحيم.. الحمد للّه رب العالمين.. والصلاة والسلام على اشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.. سيدنا وحبيبنا وقدوتنا محمد صلى اللّه عليه وسلم:

الأستاذات الفضليات:

الأساتذة الأكارم:

السلام عليكم ورحمة اللّه وبركاته..

سعيد بهذا اللقاء الذي شرفنا فيه بحضور سماحة الشيخ حسن بن موسى الصفار ورفقائه القادمين إلينا من المنطقة الشرقية، ملبين دعوة الاثنينية، ومشاركتنا في الاثنينية الماضية أمس احتفاءً وتوديعًا لسماحة الشيخ محمد الحبيب الخوجه رئيس مجمع الفقه الإسلامي سابقًا.. نسأل اللّه سبحانه وتعالى أن لا يكون آخر لقاء يجمعنا به، وأن يجمعنا به على خير هذا.. أنا دائمًا لي قولة متواضعة أرجو أن تعبر عن ما أكن لكم شيخنا الصفار والأساتذة الكرام.. الوطن طائر له جناحان.. جناح لأهل السنة وجناح لأهل الشيعة.. لا يمكن لهذا الطائر أن يحلق ويرتفع إلا بجناحين.. نسأل اللّه أن يجمعنا دائمًا على الطريق الخير.. المؤسس الباني الملك عبد العزيز جعله اللّه في الجنة.. له قولة تعتبر من أهم أسس هذا الكيان، وهو أنه قوي بأبناء شعبه رددها أبناءه البررة من بعده.. إذا كانت قوة هذا الوطن وهذه الأرض وهذه الأماكن المقدسة بأبناء شعبها فلا بد أن يكون هذا التلاحم يربطه الدين، ويربطه ما نحس به في السراء والضراء مع بعضنا البعض.. ولا تكون هناك لحمه وسُدًى إلا بالمحبة، والمحبة لا تكون إلا بقبول بعضنا البعض والارتضاء لبعضنا البعض كل الخير.. بدون أن نكون متساويين في الواجبات والحقوق لا يمكن أن نؤدي ما علينا من واجبات لهذا الوطن.. كل منا يؤدي دوره ولكن لا بد أن نؤدي هذا الدور جماعة لا أفراد، إذ لا يتم ذلك إلا بالحب ولا يتم إلا ذلك إلا بالكبر لبعضنا البعض.. هذه اللقاءات التي يغمروننا بها إخواننا في المنطقة الشرقية، ما دعوناهم إلا ولبوا، وما اجتمعنا بهم إلا وغمرونا بإحسانهم وفيض علمهم، تفاكرنا وتدارسنا وتحاورنا، وكانت دائمًا هذه اللقاءات تنم عن أفكار وطرح مبارك إذا لم نستفد منه الفائدة المثلى.. يكفئ التواصل الذي نتمنى أن لا ينقطع، نحن أبناء أمة واحدة واتجاهاتنا واحدة ومبادئنا واحدة على خدمة هذا الكيان والسعي بإذن الرحمن بكل ما نستطيع من إمكانيات لخدمته.. ونحن كسائر الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى.. اللّهم أبعد عنا الحمى والحمم، وأبعد عنا السهر وبلاه، وأبعد عنا كل مكروه لنكون في الخير وعطاءنا مثمرًا وجهودنا مكللّه بالنجاح.. سمعت كما سمعتم ولي الأمر في مجلس الشورى عندما ألقى كلمته في افتتاح الدورة، يقول إنه بالعدل سيهدم جدار الظلم.. قرأت في مقابلة له كريمة في جريدة السياسية رئيس تحريرها الأستاذ أحمد الجار اللّه أن أقصى ما يتمناه إعطاء كل ذي حق حقه.. إرادة مضيئة وتحسب لولي الأمر، لأن العدل مرتع كل خير وباب كل خير.. إذا وجد العدل تحققت الحرية والانفتاح، وأمانينا ولنا في ذلك صفاء النفوس والعقول وستثمر لما فيه مصلحة الوطن ومصلحة هذا الكيان.. علينا الطاعة مأمورين بما قال اللّه: ﴿أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ ولنا مقابل هذه الطاعة كمواطنين علينا واجبات ولنا حقوق.. أشهد اللّه أن مساحة يأخذ كل ذي حق حقه بلغت مائة في المائة، ولا أظن أن بلدًا من البلدان في أي مكان الحصول على مائة في المائة، ولكن مسعى لرقي اكتمل ومن سعى وجدّ وجد.. إذا نظرنا وراءنا أن مساحة الحرية التي كنا نتمتع بها ونتحدث عن حاجتين عن ثلاث، الرقعة كانت ضيقة نسبيًا على ما نحن عليه، وإذا استمر هذا المد سينحسر الجزر وسنصل إلى شواطئ الأمان وأنا متفائل ولا أكل من هذا التفاؤل، وإننا في يوم من الأيام لا بد أن نصل إلى مرافئ ما نتمناه.. لكل منا قوله ولكل منا رأي، ولكن الحمد للّه مهما كانت هناك آراء متباينة لم تصل إلى حد الصدام، ولم تصل إلى حد التصفيات، لا نزال ضمن إطار أصول اللعبة، لنا ما لنا وعلينا ما علينا، وفي النهاية نقبل بعضنا البعض، نحب بعضنا البعض ونحترم بعضنا البعض ليس من الضروري أن نتفق عليها ولكن من الضروري جدًا أن نحترم هذه الآراء.. لكل منا مذهبه واتجاهه طالما التزم هذا المنهج أركان الإسلام الخمسة، فنحن يد واحدة وكيان واحد، لنا ما لهم وعلينا ما عليهم.. في مؤتمر مكة في ظلال الكعبة ست وخمسون دولة إسلامية تقرر الاعتراف بالمذاهب الثمانية..المذاهب الأربعة والمذهبين الشيعيين الجعفري والزيدي والمذهب الأباضي والمذهب الظاهري..ولي الأمر يطلب من منظمة المؤتمر الإسلامي أن تفعل هذه القرارات، وأن يسعى أمينها للاتصال بالعالم الإسلامي لتحقيق هذه القرارات، لتخرج من حيث الكلمات إلى حيز التنفيذ، وعلينا كأبناء لهذه الأمة واجبات لتنفيذ هذه القرارات، فإذا انحسر هذا المد عند البعض ليس كفاية إذا قام به البعض سقط عن الباقين، بل هو فرض واجب على الجميع، يؤدي كل منا دوره، فإذا سعينا جميعًا كل على قدر المستطاع وسنبلغ الأماني.. أعتقد أني أوضحت الصورة.. وأنا في جمع كريم لوجوه نيرة تعرف مالها وعليها، وتعرف معنى أبعاد الكلمة وتعاملها معها، ولها مواقف وعطاءات وهي صاحبة تجربة.. وأنا أخاطب جمعنا الكريم هذا الذي لا أزكية على اللّه.. هذه الوجوه النيرة التي أتتنا ملبية لدعوتنا مالها عندنا من احترام وتقدير وكلمة تسمع ورأي نتحاور حوله تتلاقح الأفكار نتدبر أمورنا، نطرح طرحنا، نتساءل، نجيب طالما وجدت النية الحسنة، فلا بد أن يكون العطاء مثمرًا.. أرحب بشيخنا الصفار وصحبه الكرام.. فضيلة الشيخ حسين الراضي من علماء الأحساء باحث وكاتب.. الدكتور توفيق السيف باحث وكاتب، الأستاذ مهدي ياسين رمضان رجل أعمال، وعضو سابق في مجلس المنطقة الشرقية، السيد محمد الصناع عضو سابق والسيد ميثم الفردان مدير مكتب الشيخ حسن الصفار.. نرحب بهم جميعًا.. وأنقل لا قط الصوت لشيخنا وحبيبنا حسن الصفار لنسمع منه ونستزيد من فضيل علمه وفضله وسديد رايه.

كلمة سماحة الشيخ حسن بن موسى الصفار:

بسم اللّه الرحمن الرحيم..

والحمد للّه رب العالمين..

والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله الطاهرين وصحبه الطيبين..

أشكر معالي الشيخ عبد المقصود خوجه لإتاحته هذه الفرصة الطيبة الجميلة حيث نلتقي بهذه النخبة الواعية، المخلصة لدينها ومجتمعها ووطنها.

يفترض أننا في كل لقاء نتقدم خطوات إلى الأمام، وأن تكون للقاءاتنا مكاسب متراكمة لتعزيز وحدتنا الوطنية، ولتعزيز التلاحم فيما بيننا كأبناء وطن واحد.

لكنني أتساءل: هل يحدث ذلك بالفعل؟

هل أننا في كل لقاء ننتقل إلى أفق جديد؟ أم أننا في لقاءاتنا نكرر كلمات المحبة والمودة والتعارف؟الاثنينية 1

هذا أمر مقبول، لكنه يصبح كديباجة للخطاب، يفترض أننا في كل لقاء نتقدم خطوة إلى الأمام، ويفترض أن هناك حالة من التصاعد والتراكم في الجهود التي تعزز الوحدة الوطنية، ولكن لسبب ولآخر يجب أن نعترف جميعًا بأننا في هذا المجال نعاني شيئًا من الضعف والفتور، لذلك يبقى ما يدور في جلساتنا مكررًا.

بإمكانك أن تستعرض شريطًا لجلسة قبل خمس أو عشر سنوات في هذا الجمع الطيب، سترى أن نفس الطرح بذاته يتكرر دون أن تنتج لنا كل جلسة مكسبًا جديدًا، وخطوة إلى الأمام.

أظن أن من أسباب ذلك هي: عدم وجود مشروع وعمل مؤسسي متنامي يحوّل ما يدور في الجلسات واللقاءات إلى برنامج عمل، ولذلك تبقى الكلمات في الأفق وفي الفضاء معنونة، من هنا يكون المجال مفتوحًا أمام المؤثرات المختلفة التي لا تدعنا في نفس المكان الذي كنا فيه، وإنما تريد أن تعيدنا إلى الخلف.

أيها الأخوة: هناك ظروف وأوضاع ومتغيرات سياسية تجري في هذا العالم، وتجري في هذه المنطقة، هذه المتغيرات تترك آثارها على أوضاعنا في داخل بلدنا، وفي داخل مجتمعنا، فإذا لم يكن لدينا جهد وعمل يستثمر هذه المتغيرات، وهذه الأحداث لتعزيز وحدتنا الوطنية، فإن ما يحصل قد يكون هو العكس – لا سمح اللّه -، ولهذا تجدنا بعد كل حدث إقليمي وكأننا نعود إلى المربع الأول، تجد حالة من الهواجس والقلق من الآخر لا تزال تلقي بظلالها في ساحتنا الوطنية، قد لا يكون ذلك على مستوى الجميع، وإنما هناك تأثير على هذه الأحداث، إننا بحاجه إلى الشفافية، والحوار الصريح، والمكاشفة.

من ناحية أخرى أيها الأحبة: ينبغي لنا أن ننشغل بمشروع وطني واجتماعي يعزز هذه الوحدة، وينميها ويستثمر المتغيرات والأحداث السياسية لتعزيزها، بدلَ أن تضعفها أو تنال منها.

لا أحد يشك أن هناك تضاربًا في المصالح بين الفئات والجماعات، ولا شك أن هناك أفرادًا في هذا المجتمع وذاك، وفي هذه الطائفة وتلك، قد يكون لها توجهات غير مرضية، وهذا لا يستطيع أحد أن يمنع حدوثه، لكن لماذا نترك المجال لهذه الممارسات، ولهذه التصرفات، من أفراد في هذه الفئة، أو تلك، حتى تؤثر على الساحة بشكل عام، فتجد أن هذه العناصر والعوامل تصل للحريصين الواعين والمتحمسين للتلاقي والحوار وتؤثر فيهم.

إنني آمل من هذه الجلسة المباركة، ومن هذه النخبة الطيبة الواعدة، أن تفيدنا بالوسائل والأساليب والآليات التي تساعدنا على تثبيت هذا التطور، وعلى تحقيقه، وترجمته إلى الواقع الخارجي، وأن نحصن وعينا الوطني، وساحتنا من تأثيرات الأحداث الإقليمية المحيطة بنا، هذه الأحداث التي لن تتوقف بحكم طبيعة الصراع على هذه المنطقة، وبحكم طبيعة الصراع والأوضاع والظروف الدولية، ولا نريد أن نلقي باللائمة على الآخرين، فهنا في داخل منطقتنا، وعالمنا العربي والإسلامي من يعطي الفرصة لمثل هذه الآثار والتأثيرات.

أحب أن استمع إلى وجهات نظر الأخوة الأعزاء والأساتذة الرواد، وأن نصل من هذا اللقاء إلى ما يعزز تطلعاتنا جميعًا نحو ترسيخ وحدتنا الوطنية، وخدمة هذا الوطن وهذه الأمة، ولخدمة هذا الشعب إن شاء اللّه.

أشكر لمعالي الشيخ إتاحة هذه الفرصة، وأشكر لكم جميعًا حضوركم لما تكرمتم به عليّ وعلى الأخوة الذين معي من تشريف وحضور، وآمل إن شاء اللّه أن تتعدد هذه اللقاءات، وأن نستقبلكم في المنطقة الشرقية كما وعد معالي الشيخ، وكما وعد الكثيرون منكم، وأنتم الأوفياء إن شاء اللّه..

والسلام عليكم ورحمة اللّه وبركاته.

كلمة معالي الأستاذ الدكتور رضا عبيد[1] :

بسم اللّه الرحمن الرحيم.. الحمد للّه رب العالمين.. والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين..

باسمكم جميعًا نتوجه بالشكر لصاحب هذه الدار العامرة، الشيخ عبد المقصود خوجه لترتيبه هذا اللقاء المبارك إن شاء اللّه..

أحب أن أبدأ من حيث انتهى فضيلة الشيخ حسن، بالنسبة لهذه اللقاءات، وأريد أن أطمئنه أن الهدف من هذه اللقاءات التقارب والتلاحم وتلاقح الأفكار، وهذا الأمر يحتاج إلى وقت، وليس المهم إننا في كل لقاء نكرر أنفسنا، ولكننا في كل لقاء نتقارب أكثر، ونتفاهم أكثر، ومهمة كل طرف منا محاولة بذل الجهد من جانبه لهذه اللقاءات المباركة، وتكرارها هو عنوان لهذه المحبة، ولهذا اللقاء، ولهذا التقارب الذي سوف يؤكد إن شاء اللّه هذه الوحدة الوطنية، ويؤكد هذه الأخوة التي تجمع بيننا، وكما تفضل الشيخ عبد المقصود لكل رأيه، ولكل وجهة نظره، ولكل مذهبه، ولكن الاعتراف بالآخر والتفاهم، وتقبل وجهة النظر الأخرى، هذا من أهم الأشياء التي نهدف إليها، وأنا على مسيرة هذه الفترة التي مرت، وإن هذا حدث وحصل أان اللقاءات المتكررة تؤكد هذا الأمر، وتدعونا أكثر وأكثر إلى التقارب، وإن شاء اللّه الصورة مشرقة يا فضيلة الشيخ حسن، وإن شاء اللّه تتكرر هذه اللقاءات، هنا وفي المنطقة الشرقية، وإن شاء اللّه يتحقق الحلم الكبير الذي يأمل الجميع أن يتحقق بمشيئة اللّه وتوفيقه..

كلمة سعادة المهندس زكي فارسي:

السلام عليكم ورحمة اللّه..

أضيف شكري إلى شكر الدكتور رضا، والشيخ عبد المقصود محمد سعيد..

أعتقد أن الفرصة جميلة جدًا، سبق أن تشرفت بلقائكم في السابق شيخ حسن، أنا أحببت أن أضيف حاجه صغيرة، أعتقد إن شاء اللّه توسع الإطار، لا أتكلم عن تفعيل بقدر ما أتكلم عن توسيع القاعدة، في معظم اللقاءات التي رأيناكم فيها، تقريبًا ثمانين في المائة من الوجوه هي نفسها التي تحضر، فهل لو استطعنا أن نعيد التفكير بحيث تكون الرحلات هذه ذات جدوى في توسعة قاعدة التلاقي مع جهات أخرى، سوى عن طريق أصحاب الأعمال، أو الجامعة، أنا أؤكد أن هذا سوف يؤسس قاعدة عريضة، حتى لو انطلقنا في الحاجات العملية، قد ـ إن شاء اللّه ـ ننجح فيها.

عندي سؤال بمقدمه صغيرة: لا أحد ينكر لربما إخواننا في الشرقية من أكثر من كان ولاءهم لهذا الوطن زاهر، بالرغم مما يقال في كثير من المجالس حول بعض الحقوق التي لم تعط، وبالرغم من كذا الولاء واضح.. أما مسألة العمر، اسمح لي أن أشير إلى دولة مجاورة العراق لأقول: عندما صار التغيير هل لو أن فئة في العراق فتحوا المجال أوسع للطائفة الأخرى، هل كان سينتج وضع قد يكون مثالًا يكسر ما هو موجود من حدة في الخلاف؟ أو بعض المتشددين الذين يعتقدون أن ليس هناك تلاقٍ؟

لو فتح هناك الباب لما حصل، ولو كان رحابة صدر أوسع الذي عانى سنين من كبت صوته أن يصبر إن العالم الآن تقدم.

الميديا الآن توصل الأخبار، هل لو فيه نوع من قبول للآخر بطريقة أوسع هل كان هذا سيكسر كثيرًا مما في أذهان الآخرين؟ لو كان التلاقي موجود هل كان يؤدي إلى الفرقة؟

كلمة سعادة الأستاذ عبد الله فراج الشريف:

بسم اللّه الرحمن الرحيم.. الحمد للّه رب العالمين.. والصلاة على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين..

أشكر الشيخ عبد المقصود على هذا اللقاء الذي تكرم من قبله، وأثني ثناءً كثيرًا على ما تحدث به سماحة الشيخ حسن الصفار.. والحقيقة إن الذي نعانيه ليس أن نستمع.. استماعنا ممكن، وقد استمعنا إلى الحوار الوطني، وسمعنا في المجالس، واجتمعنا في أماكن متعددة، ولا بد أن نتعاون، ويتعاون المعتدلون منا من الطائفتين لحل إشكال التصادمات التي قد تؤدي إلى ضياع كل جهد يبذل من أجل الحوار والوحدة الوطنية.

في الاثنينية
من الارشيف الشيخ الصفار يصافح الدكتور محمد عبده يماني والشيخ عبدالمقصود خوجه

هناك، منا ومنكم، من لا يريد هذا التلاقي، لا يريد هذا الصفاء بيننا، كيف نستطيع منعهم من ذلك؟

لا بد أن نجلس معًا، وأن نتحدث بكل الصراحة الممكنة التي تجعلنا نلامس مواطن الخطر في علاقتنا فيما بيننا ونقضي عليها، خاصة وأن بيننا شبابًا يستقون معلومات عن هذه الطائفة أو تلك من أناس محرضين.

نحن نريد أن ننزع هذا الفتيل.. وهذا لا بد أن يكون بالحكمة والعقل، ولهذا لا بد أن تتعدد اللقاءات بين النخبة من إخواننا في المنطقة الشرقية، والنخبة في منطقتنا، وخاصة هذه المنطقة؛ لأن فيها من التسامح الكثير، ولا بد أن نتجاذب الحديث حول ما يمكن أن يعطل مسيرة الوحدة الوطنية من ناحية الطائفية.. ويجب ألا ننسى أنها مسالة خطرة، ونحن نعرف جميعا ما يجري في العراق، وما قد يجري في لبنان، ونحتاج إلى أن نحمي أنفسنا من هذا، ولا نستطيع أن نحميه إلا بالتكاتف فيما بيننا.

على العقلاء في الطرفين أن يضعوا أيديهم في أيدي بعض، ونغدو على هذه التي تبدو هنا وهناك ولها أطراف تغذيها.. وإذا لم نفعل ذلك، لا فائدة من اللقاءات، إذ تصبح هذه اللقاءات بلا معنى، لأنه هناك من إذا انتهى اللقاء شحن عواطف هذا وهذا فضاع هذا اللقاء، وضاعت فائدته.

أرجو أن نجد أيدٍ من جانبنا تجتمع معي على هذا، ويجد أخي الشيخ حسن الصفار مثل ذلك من الأخوة في المنطقة الشرقية، ونتعاون على إزالة كل ما يمكن أن يسرب هذه الوحدة الوطنية.. وشكرًا لكم.

كلمة سعادة الأستاذة فريدة فارسي

أعتقد أن الحل هو في مؤسسات المجتمع المدني، ابتداءً من النوادي والمدارس والجامعات ثم النقابات وغيرها من المؤسسات التي تستطيع أن تجمع كل ألوان الطيف التي يتكون منها مجتمعنا، وعلى أن تنادي هذه المؤسسات أولًا بسيادة القانون.. بأن يكون هو السيد الذي نخضع له جميعًا.. ونكون جميعًا متساوين في هذا، وأن أي فتيل في أي وطن من الأوطان يلعب على مسألة عدم العدل.. والقانون تدافع عنه مؤسسات المجتمع المدني التي تستطيع أن تدافع عن القانون، والدفاع عنه، وهي الضمان الوحيد لوحدة هذا الوطن والدفاع عنه.

كلمة فضيلة الشيخ محمد الدحيم:

بسم اللّه الرحمن الرحيم.. أحمد اللّه الذي لا إله إلا هو، وأسأله أن يمن علينا بمثل هذه اللقاءات المباركة المثمرة.. وهي في حد ذاتها جميلة ورائعة وستكون نتائجها أفضل فأفضل.

أريد أن أعلق على ثلاث نقاط: إن التعارف مرحلة يسبقها مراحل الاعتراف، ثم التعرف، ثم التعارف، وما لم أعترف بك وما لم أتعرف إليك فلا أتفاعل معك متعارفًا، لأن قوله تعالى: ﴿لِتَعَارَفُوا وذلك يقتضي أن يكون ذلك من أكثر من طرف، أن أعترف بك أحترمك تحترمني، أتعرف إليك، على طريقتك في الحياة، على منهجك الثقافي، على كل ما يمكن أن يوصلني إلى التعارف المتين، وأعتقد أن بعد ذلك سيكون تعارفنا قويًا، وسيحترم بعضنا بعضًا، وسنصل إلى حقائق ومنتجات لا تكون في مهب الريح، لأن التعارف من أوله ما لم يكن مبنيًا على هذه الأشياء سيكون تعارفا هشًا تنقضه تحديات العصر، أو تحولات العالم، أو تغير الثقافات والقناعات.. التعارف مرحلة تأتي كنتيجة للاعتراف ثم التعرف..

النقطة الثانية هي تقبل الآخر.. وتقبل الآخر شيء جميل ورائع وله أهدافه، وتقبل الآخر يبدأ باحترامه، ولا نفهم من تقبل الآخر أن أكون موافقًا لك في كل شيء، منصهرًا فيك في كل شيء، وإذا فسرنا التقبل بمثل هذا التفسير فإننا ننتقل من الاكتفاء به إلى الارتماء، وإذا كان الاكتفاء مشكلة فالارتماء مشكلة أخرى، لي طريقة ولك طريقة، لكن هناك قواسم مشتركة، وهناك قواعد توحد بيننا.

هناك حديث عن المواطنة، وإن كنت أريد تفسيرًا أوضح للمواطنة التي نلتقي عليها.. لا اكتفاء ولا ارتماء.. ولكنه تقارب وتلاحم حول قضايانا، حول مشكلاتنا، حول رؤيتنا..

النقطة الثالثة: إننا نعيش في عصر قدره السرعة والتحول والتعقيد والمصلحية، هذا العصر يحتم علينا أن نتخذ قرارات، وأن ننتج برامج ونفعلها، فنحن في عصر سريع لا يمكن ملاحقته، لا سيما ونحن لسنا كثيرًا نصنع قراراته، وعلينا أن نتعرف إلى قدرنا في هذا العصر.

ربما - في عصر مضى - كان التحدي ثقافي، أو صراع ديانات، اليوم نحن في عصر إنما التحدي هو تحدي الوجود.. إما نوجد وإما لا نوجد، وليس هذا فقط في المحيط الثقافي أو الحضاري أو الديني بل وحتى البيئي.. لذلك فنحن كرجال فكر وأهل علم، علينا ألا نوغل في التنظير ونهمل حقيقة التفعيل والانتقال.. إن النجاح لا يكون بالوصول إليه، ولكن بالاستمرار فيه، فأرجو في هذه اللقاءات التي وصلنا إليها أن نستمر عليها، وأن تتحول إلى برامج، وأنا متفائل وإن كان أحيانًا التفاؤل ينبغي أن يكون بحذر، ولكنني متفائل إننا نسير على طريق مبارك وجميل، فأهلًا بأي إضافة من الإضافات، ومن أي فئة من الفئات، ومن أي طائفة من الطوائف.

نرحب بكل الإضافات الجميلة التي تصب في المشروع، وفي الهدف، وإننا سوف نحصل على نتائج جيدة.. صحيح أننا في مجتمع تكوم تكومًا ولم يتراكم تراكمًا.. ولكن بدأ الوعي، وبدأ الحضور الثقافي يحرك كثيرًا من التكوم، ويعيد تشكيله على نحو شكل مترامٍ متنامي، وبدأت الأصوات الواعية تنطلق، وكذا البرامج الواعية، ولكن ذلك يحتاج إلى تقنية، ويحتاج إلى استمرارية، وإلى إصرار منكم أهل الفكر، أهل الثقافة، أهل الحوار.

وإني اشكر معالي الشيخ عبد المقصود على هذا الجمع الكريم، الذي من خلاله أثنينا معترفين، وتعارفنا وتعرفنا، وأشكر له هذا الفضل الكبير في جمع هذه الوجوه المباركة، في جمع هذه الأفكار، وجمع هذه الحوارات، وجميل أن نختلف لنصل إلى مراحل أعلى وأعلى في حوارنا الثقافي، وأكرر الشكر للشيخ عبد المقصود، وأكرر الشكر أيضًا لكم وأستميحكم عذرًا.. والسلام عليكم ورحمة اللّه وبركاته..

كلمة الدكتورة أميرة قشقري:

السلام عليكم.. شكر خاص للرائد والمجدد الشيخ عبد المقصود خوجه..

مساء الخير للجميع..

شكر خاص وبصدق ومن القلب لفضيلة الشيخ حسن الصفار.. لا زلت أذكر إلى اليوم لقاءنا في الحوار الوطني الثاني في مكة المكرمة، وكيف كانت مداخلات الشيخ مثرية ومستنيرة وقادرة على إزالة اللبس والضباب والغبار الذي علق بأذهاننا منذ فتره.. ثم كيف كان حديثه مع النساء بشكل خاص حينما استطعنا أن نسرق بعض اللحظات لتبادل الأفكار علّها تزيح الكثير مما علق بأفكارنا من شوائب..

أود أن أعلق على نقطتين فقط: ذكرت في مداخلات الأخوة قبلي ومداخلة الأستاذة فريدة فارسي نقطة توسيع القاعدة، ثم نقطة لقاء النخبة، ومعظم لقاءاتنا لقاءات نخبة، وهي غير كافية ولكنها الانطلاقة الأولى التي أرى فيها أملًا كبيرًا، ومحرك نحو التغيير، كيف نتوسع؟ من خلال هذه اللقاءات، حتى نستطيع أن نبني قاعدة عريضة يلتئم فيها شأن الوطن والوحدة الوطنية، وتزال فيها الخلاف والخلافات العنصرية والقبلية والمذهبية والطائفية وغيرها..

أعتقد أن التوسع في هذا يأتي عن طريق المؤسسات.. ومؤسسات المجتمع المدني على رأسها، ولكن هنا أؤكد وأعيد التأكيد على مؤسستين مختلفتين، وهما المؤسسات التعليمية والمؤسسات الثقافية.. المؤسسات التعليمية كمثال، أذكر جامعة الملك فهد للبترول والمعادن.. كانت كلية البترول والمعادن، وكانت تضم طلابًا من مختلف المذاهب، وكيف استطاع الطلاب في تلك الفترة بناء جسور من التفاهم، وبناء علاقات، وإزالة الكثير من اللبس والمشاكل والهموم التي كانت تعترض المذهبين السني والشيعي.

إذا استطاعت المؤسسات التعليمية أن تساهم في الوحدة الوطنية عن طريق إقامة برامج تبادل زيارات.. لماذا لم تكن هناك زيارات بين المنطقة الغربية والمنطقة الوسطى، والمنطقة الشرقية بشكل خاص؟ أو المدارس أيضًا، نحن نستطيع أن نبني التواصل ونزيح الاتهامات من النشء من عمر مبكر..

المؤسسات الثقافية أعتقد أنها بدأت تخطو خطوة لا بأس بها، وهنا أشير إلى الأندية الأدبية في المنطقة الغربية والمنطقة الشرقية والمنطقة الوسطى حيث تستضيف مفكرين ومثقفين ينتمون إلى مذاهب مختلفة، مذهب سني ومذهب شيعي، واذكر أيضا المجالس والصوالين الأدبية حيث تستضيف من المفكرين والمثقفين، وهي الطريقة التي توسع وتحرك من القاعدة وتفيدنا بشيء كبير في التغلب على الاختلافات المذهبية، وتقرب بين الفئات المختلفة، ويظل أخيرًا الشيء الأساس التمييز الطائفي والتقليل منه عن طريق تساوي الفرص لجميع المواطنين، حتى يشعر الجميع أنهم يحصلون على حقوقهم كاملة، ثم نستطيع أن نقرب بينهم، وان هناك المعتدلين من الطرفين في المذهبين، وهو شيء أساس، وأتمنى أن لا يكون هناك نظرة اهتمام للأقليات.

كلمة الدكتورة خديجة الصبان:

شكرًا للشيخ عبد المقصود والشيخ الصفار، تعليقي هنا على نقطة التعرف التي أشار إليها الشيخ عبداللّه.. بين يدي كتاب للدكتور عمر كامل.. كتاب الأدلة الباهرة على نفي البغضاء بين الصحابة والعترة الطاهرة.. وهو محاولة للتقريب، فهذا النوع من المنتوج الثقافي أراه من أهم وسائل التقريب بين المذهبين، لأنه مبني على أسس فعلًا تزيل ما علق بالأذهان، سواء لأهل السنة والجماعة، أو لأهل الشيعة حول أشياء تزيل الشحناء والبغضاء بينهم، وإزالتها من أسباب تذويب الفوارق، وهو وسيلة مهمة من وسائل تقوية التعرف.

كملة الدكتورة بديعة قشغري:

السلام عليكم..

أحب أن أعلق على شيء بسيط، وهو من الواقع، لأني كنت أقيم في المنطقة الشرقية بحكم عملي ومعايشتي للواقع لمدة عشرين سنة.

كنت أعمل في شركة ارامكو وكان عندي زملاء عمل، وصحافة وقلم، لأني كنت أعمل في قسم التدريب خلال فترة الثمانينيات والتسعينيات.

في الواقع أريد ان أقول: لم ألحظ ضمن معايشتي وتعاملي مع كل أهل المنطقة إلا سعة الأفق والوعي الفكري لم يكن هناك أي إقصاء أو اختلاف شعرنا به، سوى الطقوس الدينية أحيانًا تمتد لتصبح بحكم تقاليد الزواج.. وغيره كنت ألحظ رأي الطالبات وتميزهم كونهن أقلية وكونهن لم ينظرن إليّ كإنسانة سنية قادمة من المنطقة الغربية، كان هناك دائمًا نظرة متساوية ما عدا في العمل، كانت هناك تجربة أحزنتني جدًا، كان هناك زميل لنا في العمل سمعنا أنه تحول إلى سني وحصل هذا الكلام وكان هناك بعد الأحاديث هذه النقطة كانت ملحوظة في ذلك الوقت، لأنه لم يكن هناك حديث في الصحافة مسموح به للمذهب الآخر

شيء طبيعي الأقلية دائمًا تشعر بنوع من الشعور بالمغايرة، ولكن هناك شعور مختلف دائمًا يكون.. وحتى نحن الأكثرية مختلفين، ورد على أحد الأخوة الذي قال عن موضوع العراق لو كانت النظرة مختلفة ربما كان الوضع في العراق أعطينا صوره مختلفة.. ومن خلال معايشتي لكل العراقيين في كندا من الجاليات، أقول: إن لعبة الطائفية هي لعبة الكبار وليست لعبتنا، وهي أكبر منا بكثير.. الاشتغال على المذاهب وعلى التفريق والطائفية.. لي صديقه شيعية متزوجة سني، وهي عراقية الأصل.. كثيرات أمثالهن.. أوردت هذه الإضاءة.. والسلام.

الدكتورة أفنان الريس:

أسأل: أين العنصر النسائي بالنسبة لمذهب الشيعة؟ ولماذا لا يكون هناك حوار بيننا وبينهن؟ ولماذا لم تكن هناك زيارات متبادلة؟.

كلمة الأستاذ توفيق السيف:

بسم اللّه الرحمن الرحيم.. أبدأ بالشكر لمعالي الشيخ عبد المقصود ولجميع الأخوة الذين تفضلوا علينا بالحضور في هذا المكان العامر إن شاء اللّه..

إجماع النخبة

النخب الوطنية في كل بلد اجتماعها واتفاقها..

التوافق بين النخبة هو الأساس لوحدة كل بلد، وهو البديل عن التحول إلى الدولة البوليسية، إذا لم تكن النخب متفقة فإن الشعب لا يتفق، وإذا لم يكن الشعب متفقًا فإن الدولة تكون مضطرة إلى منظمة بوليسية تحاول المحافظة على وحدة الوطن بالقانون، لذلك فإن الطريق الأسلم في كل البلدان.. الطريق الذي سلكته جميع الشعوب المتحضرة هو التوافق بين النخب على الخطوط العامة..

في الاثنينية
من الارشيف

كيف يعيشون؟ كيف يحلون مشاكلهم؟ كيف يصلون إلى أهدافهم في المستقبل؟

وما هي الخطوط الحمراء التي لا يتجاوزها أحد وهي تخص سلامة الوطن؟

توافق النخبة يبدأ بمفهوم أساس ومسألة أساس وجوهرية، وهو موضوع هذا التوافق.. أول خطوه للتوافق الحقيقي هي تحديد هذه النقطة..

هل نتوافق لأننا مسلمون؟.

نتوافق لأننا عرب؟

نتوافق لماذا؟

في حقيقة الأمر نتوافق على أننا أبناء بلد واحد فقط.. إذا كان بيننا غير مسلم ألا نتوافق معه؟.. البلدان التي تضم أقليات دينية، وليست أقليات مذهبية ألا يتفق المواطنون فيها على أساس المواطنة؟.. إذن المواطنة هي النقطة الأساس.. المواطنة إذا أردت تشريحها، فسأقول: إنها الاعتراف المتبادل بين جميع الناس، ولاسيما في النخبة، بأن مصدر علاقتهم هو شراكة في التراب.. على افتراض أن عدد السعوديين عشرون مليون..أنا أقول: إن كل سعودي يملك واحد من عشرين مليون حصة في هذا البلد.. أين ما كان؛ في القطيف.. في جيزان.. في تبوك أو جدة.. الشراكة في التراب الوطني الذي هو قاعدة الوطن، وأساسه، وما فوقه من موارد هو موضوع المواطنة، هو موضوع الحقوق المتبادلة والواجبات.

إذا استطعنا كمتعلمين، كقراء كنخبة، إذا استطعنا أن نتفق أن الموضوع الرئيس الذي يجمعنا مع بعضنا هو الشراكة في تراب الوطن، وليس الشراكة في الدين كوننا مسلمين، وليس الشراكة في اللغة، وليس الشراكة في الطبقة الاجتماعية والتمتع بالخيرات، الشراكة في التراضي.. أظن أننا إذا استطعنا أن نصل إلى هذه النقطة، أن نطور هذه النقطة، عند ذلك لن يكون المذهب مشكلة، ولن نحتاج أصلًا إلى موضوع التقارب المذهبي.

في كل البلدان هناك أحزاب مختلفة، هل تعقد مؤتمرات للتقارب بين الأحزاب هناك؟ وهناك قوميات مختلفة، هل يعقدون مؤتمرات للتقارب بين القوميات؟ وهناك قبائل مختلفة، هل يعقدون مؤتمرات للتقارب بين القبائل؟

لماذا نضطر إلى التفكير دائمًا بأننا في حاجه للتنازل وأخذ شيء من طرف ثانٍ، دع كل يعبد ربه كيفما شاء.. سواء كان سنيًا أو شيعيًا.. يهوديًا أو مسيحيًا.. هب أن أحدًا تحول من الإسلام إلى اليهودية، هل يفقد جنسيته؟ هل يفقد حقه في الوطن؟ لا يفقد حقه في الوطن ولا يفقد جنسيته..

أقول: إن مصدر الحقوق الأساس قاعدة العلاقة الأساس في هذا البلد هي ملكية الأرض التي نعيش عليها، إذا استطعت أن تحرمني من ملكي وأنا واحد من عشرين مليون مثلك فأنت تستطيع أن تفرض عليّ ما تشاء، لكن طالما أن هذا ملكي فلا تستطيع أن تحرمني، وأنا لا استطيع.. أظن أن هذه المسألة الرئيسة.. وشكرًا.

الأستاذ مشعل السديري:

السلام عليكم ورحمة اللّه وبركاته.. أرحب بالشيخ الصفار.. وأشكر الشيخ عبد المقصود، أنا لي كلمه واحدة، أحب أن أشكر الأخ توفيق السيف.. وأؤيده في كل كلمة قالها. فالأستاذ الدكتور توفيق السيف قال: إذا تحول إلى اليهودية لا يفقد جنسيته؟. أنا أسأل الشيخ الصفار: هل يفقد حياته؟.

الأستاذ عبد المحسن هلال:

تكلمتم عن مساحات الحوار، ومنكم من تكلم عن المجتمع المدني، ومنكم من تحدث عن تكثيف اللقاءات، ولكن أعتقد هناك نقطه رئيسة، أنا لا أقول إني فقدت الأمل في جيلنا.. وإذا فتحنا حوارًا في هذه الليلة بين الشيعة والسنة هل نختلف مع بعض؟. الأفضل ألا نفتح هذا الكلام، وأن نقبل بعضنا البعض، وعلينا أن نبحث عن ثقافة، عن قرار أو نظام أو قانون يمنع التحريض.. المشكلة في التحريض..

أريد أن أسأل: هل الصحافة تقوم بدورها؟ هل توجد تجربة في الصحف مسائل تدعو إلى الكراهية بين الطوائف.. أعتقد صحفنا المطبوعة لا يوجد فيها شيء من هذا، ربما أحيانًا يتسرب مقال، أو تتسرب فكرة، أو أحدهم يحاول أن يسربها بين السطور، لكن رؤساء التحرير لن يسمحوا بتمرير هذا.. لكن الانترنت مليئة بهؤلاء الناس، بعضهم حتى لا يتحرج بالتصريح باسمه.. وهناك شيخ كبير معروف عمل بحث في خطر الشيعة في المملكة العربية السعودية.. المشكلة لا يوجد لدينا نظام يحاسب على التحريض.. أمريكا دولة فيها عنصرية، ولو لم يكن هناك قانون في أمريكا لما نجحوا في خلق هذا الوئام الذي يعيشونه.. ليس كل الأمريكان متسامحين مع بعضهم البعض.. وإذا كان هناك أي مرشح أمريكي صرح بأي تصريح فيه انتقاص من السود أو اليهود أو الاسبانيين سوف يكون هذا أمر معيب جدًا ويحرج، ونحن نحتاج لنعيش مع بعض لقانون، يجب أن يحاسب كل شخص يقول شيئًا معيبًا في حق طائفة.. وهناك أحيانًا باسم الفتوى، وباسم المقالة يوجد تحريض، يجب أن يكون هناك قانون يحاسب المحرضين..

التحريض ضد الطوائف يقسم الأمة.. وللأسف التحريض الآن ضد الطوائف، والتحريض ضد الأشخاص، وطائفة اللبرالية، يوجد تحريض عليها، ونناشد المسئولين أن يكون هناك نظام يحاسب على التحريض.

الأستاذ عبد الفتاح أبو مدين، الكاتب والأديب المعروف:

بسم اللّه الرحمن الرحيم.. الحمد للّه حمد الشاكرين.. والصلاة والسلام على سيد الأولين والآخرين ورحمة اللّه على العالمين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهدية إلى يوم الدين، وبعد..

أبدأ بما طرحه أخي الأستاذ عبد اللّه الشريف، ما طرحه الأستاذ الشريف ينبغي أن يكون منطلقًا لهذا التقارب إن صح هذا التعبير.. وهو السبيل الوحيد للتواصل الفعال حينما نقدم بعض التنازلات.. والشيخ محمد قال: إن المواطنة انتماء، وأنا أقول بكل صراحة: إن انتماءنا ضعيف جدًا وعن تجارب ليست قصيرة.. والتقصير فيه يرجع إلى سلم التعليم الأساس.. وإذا لم نستطيع أن نعالج ذلك لا نستطيع أن نرقى إلى أحسن من هذا.. ومن قبل الفتنة الكبرى، كما سماها طه حسين في كتابه الإمام علي وبنوه.. هناك أساسيات إسلامية مثل الأذان، لا نريد أن نختلف فيه..أشهد أن عليًّا ولي اللّه.. لماذا نختلف في الأذان؟. ولماذا هذا الانشقاق في البدايات؟.

نرجو من الأخوة الشيعة أن يتنازلوا (شوي).. أعتقد أنه في هذا النوع من التقارب في المنطقة الشرقية والغربية ونستطيع أن نتقلب من الصغيرة إلى الكبيرة..هناك كتب أيضًا من خلالها يمكن أن تزيد من التقارب.

الأستاذ عبد القادر الجراح:

بسم اللّه والصلاة والسلام على رسول اللّه.. حقيقة من مراقبتي لما طرحه الأستاذ توفيق السيف يجب أن نعتقد أننا كلنا نتفق على أن يكون هناك تقارب واتفاق، وأن يكون هناك قانون صارم لكي يحدّ من أي تحريض.. ودورنا هنا كإخوان أن نكون متفقين..

الأستاذ محمد الطيب:

الحقيقة أنا استغرب من كلمة تنازلات في كلمة الأستاذ عبد الفتاح أبو مدين بدلا عن التنازلات يجب أن نعترف بأخطائنا وخطايانا أولًا، وأن نعترف أن هذه الطائفة النبيلة هي جزء من هذا الوطن، ليسوا دخلاء عليه، ولا متطفلين، وهم جزء لا يتجزأ، ولهم ما عليهم ولنا ما علينا.. القضية قضية حوار.. والحرص على عدم التحريض.. وإذا كنا حريصين على هذا الوطن ووحدته فلنقف ضد هذا التحريض..

الدكتور عاصم حمدان:

أرحب بالشيخ حسن الصفار ورفاقه الكرام في هذا الجزء الغالي من الوطن، وأشكر الشيخ عبد المقصود خوجه لتكريمه المثقفين والعلماء والمفكرين..

نعم، أقول إن المواطنة هي الأساس عند الشعوب المتقدمة.. الشعوب المتقدمة هي التي تكون عندها المواطنة هي الأساس.. وأن ما يثار من حساسية بين الطوائف الإسلامية، أن ما بين الكافرين والبروتستانت في الغرب أكثر بكثير مما هو عند الطوائف الإسلامية.. ومع هذا فإنهم يتعايشون في وئام وسلام، وهذا راجع إلى الصياغ الحضاري والفكري الموجود في الغرب.. وعلينا أن نعترف أنهم ولو كانوا أعداءنا لأنهم سبقونا كثيرًا وأخذوا كثيرًا من معطيات حضارتنا وحولوها إلى قوانين تحمي كل فرد وكل شخص.. قضية التحريض، يؤسفني القول: كيف أسمع من أخ في الوطن عن شخص آخر بأنه خنزير.. يؤسفني القول: إنه كيف واحد ينعتني وأنا أسمعه أننا أحفاد حمزة أو أننا أحفاد خديجة أو أحفاد محمد، ولا يوجد في التاريخ الإسلامي أن طائفة عبدت حمزة ولا يوجد في التاريخ الإسلامي أن طائفة عبدت محمد بن عبد اللّه، ولا يوجد في التاريخ الإسلامي أن طائفة أخرى عبدت خديجة (رضي الله عنها).. وإذا وجد هذا الأسلوب حتى في المنابر أو بعض المتشددين في بعض المساجد.. وإننا في سبيل وحدة الوطن الكبرى.. وأن لا يكون للتحريض بيننا مكان، ودمتم..

الأستاذ خالد الحسيني الصحفي المعروف:

أحب أن انقل لكم أننا كنا في مجلس الأسبوع الماضي.. سألنا أحد الأخوة في مكة المكرمة أن هناك كارثة ستحل بالمجتمع أو على المنطقة أو على مكة المكرمة، وعندما سألته عن هذه الكارثة..قال لي: إن هناك مجالس شيعية في مكة وجدة.. هذه الأخلاق وهذه العبارات نستمع إليها دائمًا بحكم معاشرتنا للحجاج في مكة المكرمة.. وجدنا أنه ما زال هناك مشكلة كبيرة، فيه مشكله اجتماعية ما زال الناس يتهيبون من الحاج الإيراني.. أريد أن أعرف الأسباب.. هل هي خلقية في التربية؟ هل ما زالت الأجيال الحالية تنتقل إليهم، هذه الأخلاق بأن إخوانهم الشيعة لديهم مخالفات تجعلنا نبتعد عنهم؟ هذا الأمر مهم وعلينا التفكير في طريقة للقضاء عليه.. سوى في المدارس وفي البيت وفي المجتمع وغيرها.. البعض ما زال يتهيب من الشيعة، وهذه مشاهدة ما زلنا نراها، وهناك كثير من الاحتياطات يقوم بها أهل البيوت في مكة المكرمة خوفًا من الشيعة.

الدكتور عبد الله مناع:

أرحب بالشيخ حسن، ومع هذا الترحيب الاعتذار عن التقصير غير المقصود.. وجدت الجمع يتحدث عن التحريض.. نعم هنالك تحريض، والتحريض الذي أفهمه ليس تحريضًا ضد الشيعة، وإنما تحريضًا ضد إيران.. والحقيقة أنني أدهش لمن يقول إن لنا عدوين، هما: إيران وإسرائيل...

مقاطعة الشيخ عبد المقصود خوجه :أنا لا أحب أن يكون هناك تحريض ضد إيران، التحريض بين إخواننا في السنة مع الشيعة الذين هم بيننا..

أنا لا أعتقد أن هناك تحريضًا ضد إخواننا الشيعة.. ولكن هناك مشاعر، وهناك تردد وقلق يحتاج إلى توضيح أكبر، ويحتاج إلى إعلام أكثر، ويحتاج إلى رؤية أيضًا سياسية أفضل، ولكنني قصدت التحريض السياسي الذي يقوم على عداء ضد إيران، وطبعًا منشؤه إنهم شيعة، وأن هناك حلفًا شيعيًا يقوم ويتسلسل بين حزب اللّه وحماس وسورية.. أنا حمدت اللّه أن رحلة الرئيس بوش التحريضية عادت خائبة، فلم يستطع أن يدفع بالخليجيين أن يكونوا مخلب قط ضد إيران.. أنا أعتقد أن الجهود يجب أن تبذل في تلطيف الأجواء ما بين السنة والشيعة.. وأنا رأيت أناسًا سنة محترمين جدًا ومستنيرين ولكن مع ذلك يقفون في موضوع الشيعة بعض التوقف.. الأمر يحتاج من الطرفين إلى تبادل الزيارات، تبادل الأفكار، وتبادل الطرح، وتبادل اللقاءات، نحن في وطن واحد، معقول أن نختلف مع مسلم لأنه شيعي ونقبل بغيره.. هذا ليس منطقًا.. نرجو أن يتكاتف الجميع وفي مقدمتهم المثقفين على بذل الجهد المستمر في تلطيف الأجواء، والتقارب المستمر بين الشيعة والسنة.

كلمة فضيلة الشيخ حسين الراضي من علماء الأحساء:

أعوذ باللّه من الشيطان الرحيم.. بسم اللّه الرحمن الرحيم.. والحمد للّه رب العالمين.. والصلاة والسلام على محمد وعلى آله الطاهرين وعلى أصحابه المنتجبين..

السلام عليكم أيها السادة والسيدات ورحمة اللّه وبركاته..

أشكر معالي الشيخ عبد المقصود خوجه الذي كان سببًا لهذا الاجتماع الطيب والوجوه النيرة.

ليس لدي كلام كثير على ما تقدم من كلام سماحة الشيخ الصفار، وبقية الأخوة وما أدلو به من آراء متعددة.. وهذه الآراء المتعددة علامة الصحوة والانطلاقة المخلصة إن شاء اللّه.

أريد أن أعقب على بعض الآراء التي طرحت من قبل بعض الأخوة.. في حالة التشاؤم أو الاختلاف العقدي أو الفقهي الذي سبب المشكلة بين الطائفتين.. أؤكد على أنه إذا رجعنا إلى المسائل العقدية عند المذاهب الأربعة غير الشيعة نرى أن الاختلاف بينهم في مسائل كبيرة وأساسية.. قبل الاختلاف الفقهي.. وحينئذٍ هذه الاختلافات لم تشكل خطرًا أو أنهم قد خرجوا من الدين.. كما أن الاختلاف عند الشيعة أنفسهم وهم طائفة واحدة عندهم من الاختلافات العقدية والفقهية الشيء الكثير.. المشكلة الأساس الموجودة لدى الجميع سنة وشيعة هي الجهل بالإسلام حقيقة.. أنا لا أوافق الدكتور توفيق في تحديده المشكلة في الجانب الوطني بشكل مطلق، لأنه لو أخذنا بذلك لا تنحل بقية المشاكل الناشئة من الجانب العقدي والجانب الفقهي.. فتنحل بشكل جزئي لكنها لا تنحل بشكل مطلق.. إذا رجعنا للإسلام حقيقة بدون تعصب، ودون انحياز، نرى أن المشاكل الموجودة لدينا بين السنة أنفسهم ومع بعضهم، أو بين الشيعة مع بعضهم، وبين السنة والشيعة، نرى أنها يمكن أن تنحل.. وأنا أرى أنه يوجد بين الشيعة أنفسهم من الاختلاف بمقدار ما هو الاختلاف بين الشيعة والسنة، وقد صرح أحد علمائنا في القرن الخامس الهجري، وهو الشيخ الطوسي: الاختلافات الفقهية التي بيننا نحن الشيعة أكثر ما بيننا وبين أبي حنيفة.. وفي الجانب العقدي الكثير، ربما خمسة وتسعون في المائة بين الشيعة يوجد بينها خلاف.. أنا اطمئن الأخ الذي علق على قضية الأذان الموجود لديهم.. حتى إنه الأذان أيضًا مختلف بين الشيعة والسنة، وكذلك الأذان مختلف فيه أيضًا بين الشيعة أنفسهم.. وعدد من المراجع الآن الموجودين لدينا لا يستعملون أن عليًا ولي اللّه.. ومنهم السيد فضل اللّه في لبنان، وأحد المراجع في قم.. وهم لا يرون أن هذه جزئية من جزيئات الدين.. وأكثر من ذلك الشيخ الصدوق أحد علماء القرن الرابع الهجري يقول: هذه قد أضيفت على الأذان وضعها الغلاة.. حينئذٍ علينا إذا رجعنا إلى الإسلام حقيقة نرى الاتفاق بين السنة والشيعة المساحة واسعة أكثر من الاختلاف بينهم، ونحن متفائلون مع الاختلافات وتعدد الآراء، ونحن متفائلون أن نصل إلى مرحلة المقدمة.

الشيخ حسن بن موسى الصفار:

جلسة مفيدة والحمد للّه.. كان فيها ثراء فكري، ونستفيد - إن شاء اللّه - مما طرح من آراء.

وددت في الختام الإشارة إلى أني كنت متفائلًا إلى حد كبير في الحوار الوطني، وباللقاءات التي حصلت هنا وهناك، لكنني في السنة الماضية شعرت بنوع من الإحباط.

بعد الأحداث التي حدثت في العراق شعرت مما سمعته وكأننا نكاد نكون رجعنا إلى المربع الأول.. بدأت أسمع ما عبر عنه الأستاذ جمال بالتحريض المنطلق من خطب جمعة، ومن كتابات في الانترنت، وحتى بعض الصحف فيها تحريض كثير، وممن كنت أعرف من الأخوة الذين كنت أراهن على وعيهم ودورهم الوطني شعرت أن هناك اهتزازًا في الموقف، أو في القناعة بعد أحداث العراق.

الحمد للّه تغيرت الحالة في العراق، وتغيرت الحالة في المنطقة كلها، ولكن كل هذا لا يطمئن أن تكون أوضاعنا رهنًا بالتغيرات والأحداث السياسية.

أذكر السنة الماضية في مثل هذا الوقت كنا في مجلس في الرياض، وكانت فيه نخبة أيضًا من أبناء الوطن، من ذوي الرأي من مختلف المواقع، وكانت الأسئلة توجه لنا كأننا مسؤولون عراقيون.

لماذا تحرق مساجد السنة في العراق؟

لماذا يقتل أهل السنة في العراق؟

كيف نطمّن الناس أن الشيعة مؤتمنون؟

قلت لهم: أريد أن أتساءل كمواطن من الشيعة: نحن مواطنون أم رهائن في البلد؟

هل الشيعة في المملكة رهائن بحيث إذا حصل أي اعتداء من شيعي على سني نحن ندفع الثمن، وندفع الضريبة؟

أقول: هذا يوضح كيف أن الوعي الوطني ما زال في مساحة واسعة يحتاج إلى تثبيت وترسيخ.

لا نريد أن تكون وحدتنا معلقة بمجريات أخرى، ماذا لو حصل صراع بين أمريكا وإيران؟ ماذا لو حدثت مشاكل في لبنان؟ وفي العراق؟ لماذا يتأثر وضعنا الداخلي؟

لقد سمعت من بعض الأخوة في جدة خلال اليومين الماضيين بعض الهواجس، أشار لها بعض الأخوة وصورحت بها.

قالوا: إننا نريد أن نتعاون، لكننا فوجئنا أن هناك مجالس تعقد للشيعة في جدة، وبعضها في مكة، وهذا يخيف المواطنين بأن هناك تبشيرًا شيعيًا، وأن هناك نشاطًا شيعيًا، وسمعت كلامًا بهذا الاتجاه من أكثر من واحد، ما هذا؟ مجموعة من المواطنين الشيعة أصلهم من المدينة وجدة، أو من المنطقة الشرقية، لهم مجالسهم في مناسباتهم الدينية، لماذا توضع علامة استفهام على ممارسات يمارسها مواطن حسب مذهبه؟

هل يستكثر عليهم وهم في جزء من وطنهم أن يمارسوا نشاطهم فيما بينهم؟

هذا ليس صحيحًا، وحتى الكلام عن تبشير، وأن هناك أبناء من السنة تأثروا بالشيعة وأصبحوا شيعة، وأن هناك أبناء من الشيعة تأثروا بالسنة وأصبحوا سنة.

ماذا يزعجنا لو أن كثيرًا من السنة أصبحوا شيعة؟ أو كثيرًا من الشيعة أصحبوا سنة؟

ما الضير في ذلك؟

إلا أننا نرفض وندين الاشتغال بالتبشير المذهبي، فالتبشير المذهبي أمر مرفوض، ونعني به أن يكون كعمل نحترف ونهتم به، لكن لو حصلت حالات فردية بسبب قناعات هنا وهناك هذه ليست مشكلة.

حصلت في البلاد العربية والإسلامية أحزاب، هناك الحزب الشيوعي في العراق، والحزب الشيوعي في لبنان، والحزب الشيوعي في مصر، والحزب الشيوعي في السعودية، هذا يعني أن القناعات والأفكار لا يستطيع أحد أن يقف أمامها.

النقطة الثانية التي أريد أن أثيرها أمام الأخوة الأعزاء: نحن الآن وللّه الحمد نعيش شيئًا من الانفتاح السياسي قياسًا إلى ما سبق، في الماضي كان الحديث عن حقوق الإنسان أمر خطير، ولكن الآن هناك مؤسسات رسمية معترف بها تنشغل أو تتحدث أو تتحرك في مجال حقوق الإنسان، في الماضي لم يكن ممكنًا أن تنتقد الصحافة أي جهاز من أجهزة الدولة، خاصة المواقع ذات الشخصيات الخاصة، اليوم صار هناك نقد لكثير من أجهزة الدولة، ولكثير من المؤسسات.

أيها الأخوة: إن التمييز الطائفي في البلد مشكله قائمة، وهو يمارس من قبل بعض الموظفين، وبعض الأجهزة والجهات، اليوم كان عندي مجموعه من أهل المدينة المنورة، جاؤوا يتحدثون حول ما يعانونه، عندهم معاناة في دفن موتاهم، لا يستطيعون الدخول بجنازة المتوفى من الشيعة إلى المسجد النبوي الشريف.. وحتى إن عائلة المشاهدة المعروفين، هؤلاء كانوا يدخلون جنائزهم، بسبب علاقتهم الخاصة حصلوا على نوع من الاستثناء، ولكن في آخر حادثة قبل أسبوعين منعوهم من ذلك، قالوا لهم: أنتم شيعة ولا يجوز أن تدخل جنازة الشيعي إلى المسجد النبوي الشريف، أما بقية الشيعة النخاولة الموجودين في المدينة فهم يعيشون هذه الحالة ولا يستطيعون مطلقًا.

هذه الأشياء تحصل عندنا أيضًا في المنطقة الشرقية، هناك شيعة يقيمون في الدمام، وعدد سكان الدمام عشرون في المائة من الشيعة، إنهم يعانون من مشكلة دفن موتاهم، لا يستطيعون دفنهم في المقبرة العامة في الدمام، حاولوا أن يشتروا أرضًا يصيروها بعد ذلك مقبرة لدفن موتاهم، لكن لم يستطيعوا إلى الآن، ونفس الكلام قيل لهم: أنتم شيعة ادفنوا في منطقتكم.. هنا منطقة سنة، هل بدأنا في منطقة فرز جغرافي بين السنة والشيعة، هذه مشاكل موجودة على مستوى الوظائف، وعلى مستوى المواقع الإدارية، هناك معاناة حقيقية.

القيادة العليا في الدولة تتحدث باتجاه العدل، وحقوق المواطنة، ونحن نعتقد أن القيادة تريد هذا الشيء، ولكن القيادة تحتاج إلى قول من النخبة، ومن المواطنين، حتى يكون هناك وضع حد لهذه الممارسات التي تمارسها بعض الجهات.

نحن نحتاج إلى أن يكون هناك نشاط وحركة، وحديث صريح: لماذا لا نتحدث عن المشكل الطائفي بكل صراحة؟ إنها مشكلة موجودة.

سبق أن تحدثنا عن العنف الأسري، وعن التحرش الجنسي، لقد بدأنا نتحدث، كان في الماضي عيب، وكنا في الماضي لا نستطيع أن نتحدث عن أشياء كثيرة، لكن اليوم نستطيع التحدث عن كل شيء، أنا أعتقد أن النخبة بإمكانها أن تكسر هذا الحاجز، وأن تتحدث عن هذا الموضوع، وأعتقد أن القيادة السياسية في الوطن هي أيضًا ستكون مرتاحة لهذا التوجه، وهي غير راضية في أعماقها عما يجري، ولكنها في حاجة إلى عون من النخبة والمواطنين للوقوف أمام هذه الممارسات.

ما كنت أحب أن أختم الجلسة بهذا الحديث الساخن، ولكن أعتقد أن الموجودين هم نخبة من قادة الرأي، وهم نخبة متنورة وواعية، ويتألمون لمثل هذه الأمور، وأنا لا أتحدث بصفتي من طائفة أو مذهب، واللّه لو كان هذا يحدث لطائفة أخرى لحملنا هذا الهم، وهذا الألم.

لا أريد أن أتحدث بصراحة ووضوح عن سؤال الأخ الكريم، ولكنني تألمت كثيرًا عندما قرأت قبل شهور أن مسيحيين في إحدى القرى في مصر كانوا يستمعون والإمام حرض في خطبة الجمعة ضدهم، إنهم يريدون بناء كنيسة، فهجم عليهم المسلمون وأحرقت، تألمت كثيرًا، وتحدثت في المسجد عن هذا الموضوع.

إننا لسنا مكتملي الإنسانية إن لم نتألم لإنسان يظلم فيما بيننا، وفي أمتنا، وفي وطننا الإسلامي العربي الكبير، هل لأنه مسيحي نتغاضى عن الظلم الذي يصيبه؟

الإنسان المسلم مسئول أمام اللّه أن ينصر المظلوم من أي جيل، ومن أي مذهب، وأمام أي اتجاه، وأن يقف أمام الظالم، إن كان أباه أو أخاه أو أسرته، وكلكم تعرفون الحديث الشريف: (انصر أخاك ظالمًا أو مظلومًا...) إذا كان ظالمًا برده عن ظلمه.

الإمام أمير المؤمنين علي كان يتحدث في خطبة له عما حصل في بعض نواحي دولته، يقول: «وَ لَقَدْ بَلَغَنِي أَنَّ الرَّجُلَ مِنْهُمْ كَانَ يَدْخُلُ عَلَى الْمَرْأَةِ الْمُسْلِمَةِ وَ الْأُخْرَى الْمُعَاهِدَةِ فَيَنْتَزِعُ حِجْلَهَا وَ قُلُبَهَا وَ قَلَائِدَهَا وَ رُعُثَهَا... فَلَوْ أَنَّ امْرَأً مُسْلِمًا مَاتَ مِنْ بَعْدِ هَذَا أَسَفًا مَا كَانَ بِهِ مَلُومًا بَلْ كَانَ بِهِ عِنْدِي جَدِيرًا»، كل أذى يحلق بالمعاهدة والمسلمة سواء.

أكرر شكري لمعالي الشيخ ولكم جميعًا.. وقد غمرتمونا بفضلكم، ودائمًا حينما نأتي إلى هذا الجزء الغالي من الوطن، نلتقي بهذا الجيل من الرواد في مجالات عملهم الفكرية والإعلامية والثقافية، وتغمروننا بفضلكم وإحسانكم..

والسلام عليكم ورحمة اللّه وبركاته..

كلمة الختام

كلمة الشيخ عبد المقصود محمد سعيد خوجه:

شيخنا الجليل الصفار وصحبه الكرام: سعدنا بهذا اللقاء، وسعدنا بهذا الطرح المتبادل وسعدنا بتعليقكم عليه.. ولي كلمة أقول: إن هذه الاجتماعات هي دؤابة اللحمة بين جناحي هذا الوطن.. إن هذه الاجتماعات أن تتبلور كعمل، إذا لم تتبلور الأفكار، وإذا لم تتبلور الأطروحات لتصبح واضحة بين أي طرفين فيهم قدوه لتقرب وجهات النظر، ولردم هذه الفجوة هذه اللقاءات يجب أن يتسع لها صدر الطرفين.. طرح على طرح.. أحب استخدم المثل المكي: كثرة الدق تفك اللحام.. هذه الاجتماعات طرقها في نظري هو بدء ردم الفجوة.. لا يمكن لمجالس كهذه إلا ولها ثمارها الناضجة.. هذه لأول مرة أخالفكم الرأي أن نستمع وأن نتواصل.. ودعوني أقولها صراحة.. سعيت إليكم وهذا من حقكم.. وسعيتم إلينا وهذا من حقنا عليكم.. إذا لم نعرف بعضنا البعض فكيف نتسامح مع بعضنا البعض.. كيف نحس بأذى إذا كان هناك أذى لنزيلة.. لا بد من تواصلنا.. وأعلمكم في هذا الجمع المثقف المستنير من رجال الفكر والأدب والثقافة والفضل.. وقد وجهت لنخبة من الأساتذة والمعنيين لنسعى إليكم، ووضعت التاريخ لبعض شهر من الآن حتى أقرب لئلا تكون هناك أعذار، وتركت الباب مفتوحًا لأي رأي وأي طرح، وأعلنها واضحة أننا لسنا في موقف مناصرة، ولا موقف مدافعة، ولا موقف محاسبة.. ولكن في موقف المقاربة والمحاضرة لنخدم بعضنا البعض، ولنكون لبعضنا البعض، فنرحل إليكم وترحلون إلينا، لنلقى بعضنا البعض، نلاقح الأفكار والاستماع إلى بعضنا.. هذه الأطروحات لا بد أن تنتج عنها ما يسمى ورقة عمل.. هناك جزء يتحمله أبناء الوطن.. هناك جزء تتحمله القيادة.. وباشرت إليهم القيادة تسعى إلى ردم الفجوة وتعلنها صريحة.. ونتمنى أن يكون هناك دعم من جميع الأطراف.. نسأل اللّه أن يمدنا بالعون وأن يجري على أيديكم الخير جميعًا.. وأن يجمعنا إلى طريق السداد إلى ما فيه الخير لهذا الوطن.. وشكرًا لجمعكم الكريم لاستجابتكم لهذه الدعوة..

والسلام عليكم ورحمة الله.

* أقيم حفل عشاء على شرف سماحة الشيخ حسن بن موسى الصفار بمنزل الشيخ عبد المقصود خوجه بتاريخ 20/1/1429ﻫ الموافق 29/1/2008م تخللّه كلمات ومداخلات ونشر في كتاب الإثنينة المجلد 25 الجزء 2 وشغل الصفحات من 1225 إلى 1256.
[1]   مدير جامعة الملك عبدالعزيز الأسبق وعضو مجلس الشورى السابق.