احتكار إسرائيل للقدرة النووية

مكتب الشيخ حسن الصفار


الخطبة الأولى: الشخصية النرجسية

ثمة بون شاسع بين احترام الذات والثقة بالنفس وبين الإعجاب بالنفس أو ما يطلق عليه وصف "النرجسية" بحسب علم النفس. فالثقة بالنفس واحترام الذات أمران مطلوبان، فمن لا يثق بنفسه لن يتسنى له تفجير طاقاته وقدراته، فلابد للإنسان وأن يتمتع بالثقة بنفسه، وأن يحترم ذاته، لأن من لا يحترم ذاته سيفرط في كرامته وقيمته.

في مقابل ذلك قد يصاب بعض الأشخاص بحالة الإعجاب بالنفس، وهي حالة مرضية تعني أن تتضخم في نفس الإنسان ذاته، وتجعله يغفل عن نقاط ضعفه، فيصيبه انتفاخ نفسي، يرى معه ذاته في أعلى علّيين فيما يرى الآخرين في مرتبة أدنى منه بدرجات.

وقد تأتي حالة الإعجاب بالنفس، نتيجة إنجاز يحققه الإنسان، أو بسبب نقاط قوة تبرز في حياته، فيصاب عندها بحالة من تضخم الذات والانتفاخ نتيجة المبالغة الزائدة في تقدير ذاته، وهو ما يطلق عليه في علم الأخلاق العجب، ويوصف في علم النفس الحديث بالشخصية النرجسية، وقيل بأن هذا التوصيف مأخوذ من أسطورة يونانية، جاء فيها أن شخصا كان معجبا بجماله إلى حد كبير، فكان يصرف ساعات طويلة أمام المرآة، وكان يمشي يوما ومر ببحيرة فلاح له منظره على صفحة الماء، ولأنه كان شديد الإعجاب بنفسه وقف أمام البحيرة وهو يطيل النظر في صورته التي ظهرت على صفحات الماء، ومن سيطرة هذه الحالة عليه فقد توازنه ووقع في الماء وغرق، ووفقا للأسطورة نبتت محل غرق الشاب نبتة، هي زهرة النرجس، فأطلق على حالة الإعجاب الشديد بالذات بالحالة النرجسية.

إن تقدير الذات والثقة بالنفس أمران يحتاجهما الإنسان شريطة الحذر من الوقوع في المحذور وهي الإصابة بحالة العجب بالذات.

إن الشخصية النرجسية لها سمات، وعلى كل إنسان أن يتأمل في نفسه ويتفحص مشاعره وأحاسيسه، تماما كما يفحص جسمه توقيا للأمراض الجسدية. ومن سمات مرض الإعجاب بالنفس ما يلي:

ـ تضخم قيمة الذات وميزاتها ومهاراتها عند الإنسان. فهذا الشخص ينظر إلى ذاته وإنجازاته ومهاراته بشكل مبالغ وغير طبيعي، وبعيدا عن الاتزان والموضوعية.

ـ حب المدح والإطراء. إن حب الإطراء يكاد يكون حالة بشرية عامة، اذ يفرح الناس عادة عندما ينالهم نصيب من المديح في هذا المحفل أو ذاك، ولكن هذه الحالة إذا تفاقمت وتمكنت من نفس الإنسان بحيث صار يتطلب المدح ويبحث عنه, فعندها تكون تلك حالة نفسية سلبية مدمرة، وفي المقابل تتفاقم لدى هذا الشخص الحساسية تجاه النقد، فلا يرضى بأي حال أن يقال له أنك أخطأت، علاوة على ما قد يحصل عند الإنسان من مبالغة وإفراط متجاوزان للحد، فكل شيء يرتبط به يعتبره الأفضل والأعلى في مقابل ازدراء أعمال الآخرين وتحقير انجازاتهم قلّت أو كثرت.

ـ توقع احترام الآخرين ومراعاتهم له وأن يجلعوه في الصدارة دائما، وإن لم يفعلوا ذلك اعتبره اهانة وإجحافا مقصودا بحقه، فالشخص النرجسي يترقب على الدوام الرئاسة في أي جماعة كان دون أن يقبل بأقل من ذلك، ويزعجه لو حصل خلاف توقعه. وفي المقابل تجده يقلل دائما من شأن الآخرين فلا يطيق أن يمدح عنده أحد ولا أن تبرز مقابله مكانة أحد, يغار من بروز الآخرين.

إن الحالة النرجسية مرض يقود الإنسان إلى نتائج بالغة الضرر على شخصيته وحياته الاجتماعية، ومن ضمنها:

أولا: توقف مسيرة النمو والتقدم. فالمعجب بذاته الذي يرى نفسه في أعلى عليين ولا شيء أفضل منه، لن يسعى بطبيعة الحال إلى تحقيق مزيد من التقدم، بينما إذا كان الإنسان يرى أنه لا يزال في بداية الطريق وأن أمامه مشوارا طويلًا للتحصيل والتقدم، امتثالا لقول الله تعالى ﴿وما أوتيتم من العلم إلا قليلا، وفي آية أخرى: ﴿وقل رب زدني علمًا، فإن هذا الشخص سيكون مثابرا على تقوية الذات وتحقيق التقدم وكسب المعارف. إن صاحب الشخصية النرجسية يقف عند مكانه ولا يتقدم قيد أنملة، وهذا ما تشير إليه الكثير من النصوص والروايات، فقد ورد عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب في عهده لمالك الأشتر أنه قال (إياك والإعجاب بنفسك، والثقة بما يعجبك منها، وحب الإطراء فإن ذلك من أوثق فرص الشيطان في نفسه ليمحق ما يكون من إحسان المحسن). وجاء عنه (ما أضر المحاسن كالعجب)، وبذلك يشير الامام إلى أن نقاط القوة عند الإنسان يضرها إعجاب المرء بها فلا تنمو ولا تتصاعد. وورد عنه القول (الإعجاب يمنع من الازدياد)، كما ورد عن الإمام علي بن موسى الرضا قوله (لا تستكثروا كثير الخير).

ثانيا: كراهية الآخرين ونفورهم من الشخص النرجسي، لأن الناس بطبعهم ينفرون ممن يتعالى ويتكبر عليهم، يقول الإمام علي في هذا السياق ( ثمرة العجب البغضاء).

ثالثاً: التعرض لسخط الله تعالى, فالإنسان المعجب بنفسه يكون مسخطا لربه تعالى. وورد عن الإمام علي (من كان عند نفسه عظيما كان عند الله حقيرًا)، ومفاد ذلك أن من تتضخم ذاته في نفسه يحتقره الله لأنه سبحانه وتعالى يريد للإنسان أن يعيش حالة التواضع في نفسه مهما بلغت مراتبه في أي مجال كان، و نقرأ في دعاء مكارم الأخلاق أن الإنسان المؤمن يطلب من الله تعالى حالة التوازن كلما تقدم وأنجز، وان يظل متواضعًا في أعماق نفسه، فقد جاء في الدعاء (اللهم صل على محمد نفسي وآله، ولا ترفعني في الناس درجة إلا حططتني عند نفسي مثلها، ولا تحدث لي عزًا ظاهرًا إلا أحدثت لي ذلة باطنة عند نفسي بقدرها).

وورد عن رسول الله أن نبي الله موسى سأل إبليس، فقال: أخبرني بالذنب الذي إذا أذنبه ابن آدم استحوذت عليه، فقال إبليس: إذا أعجبته نفسه واستكثر عمله، وصغر في عينه ذنبه. كما ورد في السياق نفسه عن الإمام الصادق (من دخله العجب هلك).

من هنا كان على الإنسان أن يكون منتبهًا لنفسه فلا تتضخم ذاته وأن يعرف ويتذكر دائما فضل وقيمة الآخرين، فإن المعجب بنفسه لا يعرف لأحد فضلاً كما في الحديث، بل ولا يتردد في التقليل من شأن الآخرين وأعمالهم. إن على المرء أن يكون واعيا ومنتبها في تعامله مع عائلته وزملائه والناس حتى لا تنمو في نفسه هذه الحالة النرجسية،

على المرء أن يكون واعيا ومنتبها في تعامله مع عائلته وزملائه والناس حتى لا تنمو في نفسه هذه الحالة النرجسية

إن عليه أن ينظر إلى من هم أعلى وأرقى منه حتى يشعر بالتواضع. إن من يعيش مع أناس اقل شأنا منه قد تتكرس عنده هذه الحالة، ولكن إذا عاين من هم أعلى درجة منه، ووضعهم كنماذج يحتذي بهم، حينئذ سيشعر بأنه في بداية المشوار.

إن الحالة النرجسية ليست مرتبطة بالأفراد فحسب بل قد تضرب مجتمعات بأكملها. فكما يشعر بعض الأفراد بأنهم عظماء وأنهم أعظم شأنا من غيرهم دون وجه حق، كذلك قد تصاب مجتمعات بأكملها بهذه الحالة. وتتعدد أسباب نشأة هذه الحالة لدى المجتمعات، فقد يعتبر صنف من الناس أن مجرد انتمائهم إلى منطقة معينة يجعلهم الأفضل على من عداهم، ويدفعهم ذلك للازدراء بأهل المناطق الأخرى فيعتبرونهم أقل مرتبة ومكانة منهم، فيما تجنح مجتمعات أخرى نحو الحالة النرجسية اتكاءً على أصولها العرقية أو القومية أو الدينية.

لقد عاب القرآن الكريم على اليهود والنصارى ادعاؤهم أنهم أبناء الله وأحباؤه، وأنه لن يدخل الجنة إلا من كان هودًا أو نصارى، إن هذه الحالة النرجسية تكاد تتجسد في أتباع العديد من الأديان أو المذاهب، فكثيرا ما تجد فئة من الفئات تعتبر نفسها الأعلى شأنا لانتمائهم لذلك المذهب أو تبنيهم لذلك المعتقد فتجدهم يعتبرون أنفسهم خيرة الناس على العالمين.

إن  مجرد الانتماء الاسمي لقومية أو دين أو معتقد معين لا يجعل من أحد أفضل من الآخرين على نحو تلقائي. يقول تعالى: ﴿وَقَالُواْ لَن يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلاَّ مَن كَانَ هُوداً أَوْ نَصَارَى تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ قُلْ هَاتُواْ بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ * بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِندَ رَبِّهِ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ وورد عن الإمام الصادق القول (أبلغوا شيعتنا لا تذهبن بكم المذاهب فإنا لا نغني عنكم من الله شيئًا إلا بالعمل الصالح، والله ما شيعة علي إلا من اتقى الله وأطاعه).

إن الحالة النرجسية سواء كانت على مستوى الذات أو على مستوى الجماعة هي حالة مرضية على المرء أن يكتشفها ويعالجها قبل أن تستفحل.

نسأل الله تعالى أن يعيننا على أنفسنا وان يمكننا من تجاوز سيئاتنا ونواقصنا.


الخطبة الثانية: احتكار إسرائيل للقدرة النووية

المبادئ الإلهية تربي المؤمنين بها على العزة والكرامة. فالأمة المؤمنة يجب أن تمتلك إرادتها الكاملة، وأن لا تخضع لهيمنة الآخرين، وحين تفقد الأمة إرادتها ويمارس الآخرون الهيمنة عليها، فإنما يؤشر ذلك إلى خلل كبير تعيشه الأمة في داخل إيمانها، فلو كانت الأمة صادقة في التزامها بمبادئ الإيمان، لما كانت في مثل هذه الحالة. إن أمتنا مطالبة على الدوام بأن تبحث عن تفجير قدراتها, وامتلاك قوتها, وأن لا تقبل الخضوع لهيمنة أو نفوذ أجنبي, مهما بلغت قوة أعداءها.

إن آيات الكتاب الحكيم تربط بين مكانة الأمة من حيث العزة والكرامة وبين إيمانها والتزامها بمنهج الله سبحانه وتعالى، حيث جاء في الآية الكريمة ﴿ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين، ومنطوق الآية الكريمة أنكم حينما تطبقون الإيمان على حقيقته وتلتزمون بمبادئه، فإنكم ستكونون الأعلون، بمعني غير خاضعين لهيمنة الآخرين، ولا تسيطر عليكم القوى المختلفة، وأنكم حتى لو واجهتم في وقت من الأوقات قوة ساحقة للعدو فإنها تبقى حالة مؤقتة ما دمتم لا ترضون بها وتسعون لتجاوزها.

وفي آية أخرى يقول الله تعالى ﴿فلا تهنوا وتدعوا إلى السلم وأنتم الأعلون والله معكم، وفي ثالثة ﴿ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين، وهكذا تؤكد النصوص والروايات على وجوب أن تكون الأمة الإسلامية في موقع العزة والكرامة، وألا تسمح بهيمنة الآخرين عليها، وتسلطهم على شؤونها وإرادتها.

من هنا حينما نجد الآن ما تعيشه الأمة الإسلامية من خضوع غالب بلدانها وشعوبها لهيمنة الأجانب ونفوذهم، فلابد وأن ذلك ناتج عن خلل كبير في واقع الأمة، فلو كانت الأمة ملتزمة بالمبادئ والقيم, وتعمل بما أمرها الله به لما أصبحت في مثل هذا الوضع، وحينما تسعى أجزاء من الأمة لتجاوز هذه الحالة ونراها تنجح في تحقيق ذلك فهذا دليل على صحة هذه الحقيقة وعلى صوابية هذا الكلام.

والسؤال الكبير هنا؛ كيف ترضى هذه الأمة الإسلامية الغنية بشريا، والمترامية الأطراف جغرافيا، وبمواردها الاقتصادية الضخمة أن تجرح كبرياءها وتهيمن على إرادتها أمة صغيرة قليلة العدد, كما نراها الآن أمام عربدة الكيان الصهيوني؟

كيف ترضى هذه الأمة الإسلامية الغنية بشريا، والمترامية الأطراف جغرافيا، وبمواردها الاقتصادية الضخمة أن تجرح كبرياءها وتهيمن على إرادتها أمة صغيرة قليلة العدد, كما نراها الآن أمام عربدة الكيان الصهيوني؟

إن هذه الحالة تكشف عن خلل فضيع تعيشه هذه الأمة، فاليهود بأجمعهم لا يزيد تعدادهم عن 22 مليون نسمه في العالم كله، فيما يتجاوز تعداد الأمة الإسلامية على مليار وأربعمائة مليون مسلم!، فبالله عليكم كيف لعشرين مليون أن يمارسوا هذه العجرفة في ساحة هذه الأمة الطويلة العريضة؟.

يقوم اليهود بتجميع شذاذهم من مختلف مناطق العالم, فيجيئون بهم إلى أرض فلسطين فيغتصبون ديار المسلمين، ويحتلون مقدساتهم كالمسجد الأقصى أولى القبلتين وثالث الحرمين، ويسفكون الدماء ويهجرون الناس ويهلكون الحرث والنسل, ويمارسون هيمنتهم في المنطقة كلها.

المسالة لم تعد اليوم مسألة كيان غاصب قد زرع في قلب المنطقة العربية والإسلامية وانتهى الأمر، بل الأدهى من ذلك أن هذا الكيان الغاصب المزروع قسرا بات يمارس هيمنته علينا، ويجعل إرادته هي النافذة على المنطقة كلها, بزعمه أنه صاحب القوة التي لا تقهر، ويصر على أن يكون متفوقا في قدراته العسكرية والتكنولوجية, بحيث تكون جميع شعوب هذه الأمة تحت هيمنة الإرادة الصهيونية الإسرائيلية. إن هذه الأمة الكبيرة يجب أن ترفض رفضا قاطعا هذه الهيمنة من هذا الكيان, بأي شكل كان وعلى أي نحو من الأنحاء.

إن سبل ومظاهر الهيمنة الصهيونية باتت لا تخطئها العين. فإسرائيل التي تمتلك الطاقة النووية منذ بداية تأسيسها, ولديها ترسانة عسكرية نووية رهيبة تعرف عنها الدوائر الاستخباراتية والعسكرية في العالم، لكنهم يغضون الطرف وكأنهم لا يعلمون ولا يدرون، بل ويرفضون حتى مجرد الحديث أو النقاش تجاه الملف النووي الإسرائيلي، علما بأن إسرائيل لم توقع على المعاهدة النووية, ولا على اتفاقية حضر انتشار الأسلحة النووية. في مقابل ذلك يبقى محل شك أي بلد عربي أو إسلامي إذا ما حاول أن يمتلك التكنولوجيا النووية, حتى لو أعطى كل التطمينات بأن برنامجه سلمي، وأن برنامجه تحت إشراف وكالة الطاقة النووية. إن هذا التصرف يجيز لإسرائيل ويفسح المجال أمامها لمواجهة وتعطيل أي مسعى لإنشاء برنامج نووي عربي أو إسلامي.

وبالعودة إلى التاريخ الحديث نتذكر الآن كيف حصل العراق من الاتحاد السوفيتي على أول مفاعل نووي سنة 1968، ومنذ سنة 1975 زودت فرنسا العراق بمفاعلين يعملان باليورانيوم المخصب، وأطلق على أكبرهما اسم تموز واحد، أما الصغير فكان يستخدم مفاعلًا تجريبيًا. ووقع العراق عام 1977 برتوكول تعاون نووي مع إيطاليا يهدف إلى التدريب وأعمال الصيانة، كما تعاونت فرنسا مع العراق في إنشاء المفاعل النووي، لكن جميع ذلك لم يمنع إسرائيل من أن تقوم بنسف هذا المفاعل النووي العراقي في حزيران سنة 1981 على مشهد ومرأى من العالم كله، فقد قصفت المقاتلات الإسرائيلية المفاعل النووي العراقي الذي أشيد بتعاون أروبي غربي، لا لشيء  سوى رفضها قيام قو نووية في المنطقة حتى تبقى هي الأقوى.

كما شنت إسرائيل حملة على الحكومة الألمانية حينما وافقت على مساعدة مصر في إنشاء برنامج نووي، وقامت بعدها المخابرات الإسرائيلية باغتيال بعض العلماء المصريين المتخصصين في مجالات الذرة والفيزياء النووية, لأن لهم بحوثا ونشاطا في المجال النووي، سعيا منها لوأد أي مشروع نووي عربي.

وعلى غرار ذلك حينما وصلت أخبار إلى إسرائيل بأن سورية تفكر أو تعمل على إنشاء مفاعل نووي قررت أن تشن غارة وتقصف تلك المفاعلات النووية التي كانت تحت الإنشاء في أغسطس 2007 وكان ذلك على مرأى العالم ومشهد منه. وتكرر ذات الأمر مع ليبيا حينما أسست برنامجا نوويا فاشتدت عليها الضغوط الدولية إلى أن تنازل المقبور القذافي عن مشروع البرنامج النووي وبذلك كسب رضا أمريكا والغرب عنه. ونتابع هذه الأيام تصاعد التهديدات الإسرائيلية لإيران وأنها بصدد شن غارات جوية ضد مفاعلات إيران النووية. هكذا تسعى إسرائيل إلى أن تكون هي القوة الوحيدة في الشرق الأوسط لكي تهيمن على شؤون هذه المنطقة.

ويبقى السؤال، هل تستطيع إسرائيل مواصلة عجرفتها وعنجهيتها إلى الأخير؟ حقيقة الأمر لقد استطاعت إسرائيل فرض هيمنتها على دول المنطقة، لأن الإرادة التي كانت تواجهها من الأمة العربية والإسلامية كانت هشة، ضعيفة، ولكننا نعتقد أن الزمن قد تغير وأن الأوضاع قد تغيرت، إسرائيل لن تعود بعد اليوم القوة التي لا تقهر، ولن تعود القوة التي لا توازى، لقد انتبهت الشعوب وامتلكت إرادتها، وإن كان بشكل تدريجي في بعض أجزاء هذه الأمة.

لقد رأينا كيف عجزت إسرائيل عن كسر إرادة الفلسطينيين المحاصرين في غزة، فقد صمدوا رغم كل الحصار وكل الهيمنة، وكل وسائل الضغط العسكرية بمختلف الطرق والتي شملت الاغتيالات وشن الغارات والحصار الاقتصادي، لكنهم صمدوا أمام ذلك. كما رأينا صمود اللبنانيين المقاومين الشرفاء رغم وقوف العالم كله بالضد منهم دعما لإسرائيل، كما نجد الآن إصرار الجمهورية الإسلامية في إيران على حقها في إكمال برنامجها النووي, وتواجه في سبيل ذلك الغطرسة الصهيونية المدعومة بغطرسة غربية.

إن جميع ذلك يجعلنا نزداد أملا وتفاؤلا بأن القوة الصهيونية بدأت عدها التنازلي، وأن هيمنة أمريكا والغرب بدأت تنحسر وتزول عن هذا العالم، كما سنرى بحول الله تعالى وإذنه كيف أن هذه التهديدات الإسرائيلية والغربية ليست سوى حملة إعلامية.

إن شعوب المنطقة مصرة على انتزاع حريتها وعلى أن تعيش العزة والكرامة التي أرادها الإسلام لها, مهما فعل الأعداء. نعم، قد تواجه الشعوب المزيد من الصعوبات والنكسات والضغوط، لكن الأهم في الأمر أن لا تفقد إرادتها وعزمها وتصميمها، وهذا ما نأمله من القوى المقاومة لهذا العدوان الإسرائيلي والهيمنة الغربية، ومع تحرك الشعوب العربية في أكثر من بلد ستكون الفرصة متاحة على نحو أفضل لتعزيز إرادة المقاومة والممانعة والتحدي.

هذا ما نرجوه ونأمله، ونسأل الله تعالى النصر للإسلام والمسلمين وأن يدفع كيد الأعداء من الصهاينة والغربيين.

لمشاهدة الخطبة الأولى:

http://www.youtube.com/watch?v=EInz_NOb2f0&feature=channel_video_title

لمشاهدة الخطبة الثانية:

http://www.youtube.com/watch?v=G75YNYaArn8&feature=channel_video_title

 

خطبة الجمعة بتاريخ 15 ذو الحجة 1432هـ الموافق 10 نوفمبر 2011م.