الشيخ الصفار ينتقد التصريحات السياسية الطائفية

أعده: م/ تركي العجيان

انتقد سماحة الشيخ حسن الصفار التصريحات السياسية الطائفية والتي صدرت من كلٍ من: الرئيس اليمني بمنعه الكتب الجعفرية لأنها تمثل خطراً على الوحدة الوطني، وملك الأردن حول الهلال الشيعي، وأكد أن هذه التصريحات تصب في خدمة الأعداء والمصالح الشخصية لهؤلاء الحكام. وأضاف الشيخ الصفار: إن المذهب الجعفري يكفي في أصالته وعراقته هو انتماء أتباعه لأهل البيت (عليهم السلام) وهم فضلاً عن مكانتهم التي لا يُدانيها أحد، ولا يناقش فيها أحد، هم أساتذة أصحاب المذاهب الإسلامية الأخرى. وأن هذه المواقف تجاه المذهب الجعفري هو الذي سيجعل فكر ومعارف هذا المذهب تنتشر أكثر بين الناس. جاء ذلك في الخطاب الأسبوعي الذي ألقاه الشيخ الصفار ظهر الجمعة 26 ذو القعدة 1425هـ (7 يناير 2005م).

قارب الشيخ الصفار في بداية خطابه بين عضلات الإنسان الجسدية وبين العقل الذي منحه الله إياه، فقال: كما منح الله الإنسان عضلاتٍ يتحرك بها ويتعامل مع الأمور المادية الحسية، كذلك منحه عقلاً يتحرك به للتعامل مع الأمور المعنوية والعلمية والفكرية.

وأضاف: بالعقل يُحاول الإنسان أن يكتشف الحقائق، ولكنه في كثير من الأحيان يُخطئ ويضل السبيل، فيعتنق بعض الأفكار والمعلومات ظناً منه بصحتها. وأكد أن البعض قد يتظاهر باعتناق بعض الأفكار مع عدم اقتناعه بصحتها، معتبراً السبب في ذلك إما لتكيفٍ مع المحيط، أو لمصلحةٍ يجتنيها من وراء اعتناقه هذه الفكرة أو تلك.

وضمن هذه التموجات يقول الشيخ الصفار: يحدث هناك صراعٌ فكري حيث تسعى كل جهةٍ تؤمن بفكرةٍ أو رأي معين لنشر هذه الفكرة أو ذلك الرأي بشتى الوسائل، وذلك لذات الأسباب لاعتناق الإنسان بعض الأفكار مع عدم اقتناعه بصحتها.

والسؤال المهم الذي أجاب عليه الشيخ الصفار في خطابه هو: ما الموقف تجاه الصراعات الفكرية؟ هل بالقمع والإرهاب واجتثاث الآراء والأفكار المخالفة؟ أم أن هناك موقفاً حكيماً تجاهها؟

يقول الشيخ الصفار: لقد أثبتت التجارب البشرية فشل أسلوب القمع والإرهاب في اجتثاث الآراء والأفكار، بل قد يزيد في ترسيخها وتعميقها عند الناس، مضيفاً: إن التعذيب والإرهاب يُصيب الجسد، والأفكار موطنها العقل، وبذلك لن تتأثر الأفكار مهما طال الإرهاب والتعذيب.

وأشار أن الأنبياء والأئمة (عليهم السلام) لم يواجهوا الأفكار والآراء المخالفة والضالة بالقمع والإرهاب، وإنما كان لهم أسلوبهم الخاص. فما هو ذلك الأسلوب؟

يقول الشيخ الصفار: إن الأسلوب الأنجع في مواجهة الأفكار والآراء هو مناقشتها وتسليط الأضواء على نقاط الضعف والخطأ فيها. والقرآن الحكيم رائدٌ في هذا الأسلوب، يقول تعالى: ﴿قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنْ أَنْتُمْ إِلاَّ تَخْرُصُونَ (148) قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ فَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ (الأنعام، 149).

وأكد أن من مصلحة البشرية أن يكون هناك اعتصارٌ للأذهان، بحيث يعتصر كل صاحب فكرةٍ ذهنه لابراز رأيه وطرحه كما يُريد، مضيفاً أن هذه الحالة ينبغي أ، تنعكس على مختلف المجالات الحياتية: الطب، الصناعة، الاقتصاد، السياسة، وغيرها.

وأكد الشيخ الصفار أن الإنسان إنما يخاف من الرأي الآخر إذا لم تكن عنده ثقة تامة برأيه وفكره. وأضاف: إن المجتمعات المتقدمة تعتمد الآن هذا الأسلوب في مواجهة الأفكار والآراء والأطروحات الجديدة. أما المجتمعات الإسلامية والعربية في ما زالت تعيش حالة الإرهاب الفكري، ومصادرة الآراء.

وانتقد الشيخ الصفار الوضع القائم في بعض الدول العربية حيث تعالت بعض التصريحات من رؤسا بعض الدول كشفت الستار عن نوايا متجذرة في استمرار حالة النزاعات الطائفية، وهذا يُجلي بوضوح الوضع المأساوي الذي تعيشه الشعوب العربية والإسلامية.

وسلّط الشيخ الصفار الضوء على تصريح الرئيس اليمني الذي صرّح بوجوب منع الكتب الجعفرية لأنها خطراً على الوحدة الوطنية، وكذلك تصريح ملك الأردن حول الهلال الشيعي. وأدان الشيخ الصفار هذه التصريحات معتبراً إياها تصب في خدمة الأعداء وخدمة المصالح السياسية.

ومن ناحية أخرى يقول الشيخ الصفار: إن مذهب التشيع يكفيه ليُثبت أصالته وعراقته هو انتماء أتباعه لأهل البيت (عليهم السلام) وهم فضلاً عن مكانتهم التي لا يُدانيها أحد، ولا يناقش فيها أحد، هم أساتذة أصحاب المذاهب الإسلامية الأخرى.

ويُضيف: إن الرأي العام العالمي هو الحكم أمام هذه الأوضاع، فهو يرى بوضوح ما يجري، فهناك مذهب يُريد أن يطرح رأيه من خلال الكتب ويُريد أبناؤه الحصول على حقوقهم من خلال الانتخابات كما في العراق، وفي مقابله من يُريد أن يفرض نفسه بالقمع والإرهاب. فلندع الإنسانية تحكم، وليُدلي الرأي العام برأيه تجاه ما يجري.

وأكد الشيخ الصفار وأن هذه المواقف تجاه المذهب الجعفري هو الذي سيجعل فكر ومعارف هذا المذهب تنتشر أكثر بين الناس.

وأضاف: كنا نتمنى أن يكون إصلاح الشعوب العربية والإسلامية من داخلها، ولكن ما نصنع إذا كانت هناك قوى سياسية تتشبث بمواقعها مصرةً على أسلوب الإرهاب والقمع. مؤكداً أن مجتمعاتنا إن قبلت بهذا الوضع فإن العالم لن يقبل وبذلك وسيتدخل الآخرون لردع هذه الديكتاتوريات.

واختتم الشيخ الصفار خطابه بالتأكيد على أن الثقة بوعي أبناء الأمة وبالرأي العام العالمي، وأن المواقف التي تتخذها القوى السياسية لا تعبر عن رأي الناس، فالفكر الإنساني قد تطور وأصبحت الشعوب لا تتكلم بلسان حكامها.