خلال الندوة الأسبوعية في مجلس سماحته

الشيخ الصفار يطالب الآباء بتفهم ظروف أبناءهم واستيعاب تطورات الحياة

مكتب الشيخ حسن الصفار

طالب سماحة الشيخ حسن الصفار الآباء بتفهم الظروف الجديدة التي يعيشها أبناءهم، والتي تختلف عن الظروف التي عاشوها، مشيرًا في الوقت نفسه لأهمية تفهم الأبناء عمق محبة الآباء وحرصهم على مصلحتهم.

جاء ذلك خلال الندوة الأسبوعية التي يقيمها سماحته في مجلسه الأسبوعي مساء يوم الخميس 3 جمادى الآخر 1438هـ الموافق 2 مارس 2017. وجاءت تحت عنوان: "سلطة الآباء وحرية الأبناء". ويحاوره الأستاذ عبد الباري الدخيل.

وقال الشيخ الصفار: إن سرعة التطور في الحياة خلق فاصلًا كبيرًا بين الآباء والأبناء، مشيرًا إلى أن التطورات التي حصلت في الحياة على المستوى العلمي والتكنولوجي والاقتصادي والاجتماعي جعل وكأن كلًا منهما ينتمي إلى عالم يختلف عن الآخر.

وأكد سماحته ان من حق الأب أن يعمل ويسعى لمصلحة وصلاح الأبناء "ذكورًا وأناثًا"، وتأمين مستقبلهم ، ونقل تجاربه لهم، لافتًا أن ذلك يعتبر أمرًا فطريًا. مضيفًا أن جانب الخطأ يكمن في الأساليب التي يتخذها بعض الأباء تجاه الأبناء.

وأشار إلى أن من حق الابن أن يتمتع بحريته واختياره كونه إنساناً، لكن من الخطأ أن يتجاهل عواطف وتجارب أبيه.

وشدد على أهمية التفكير في اختيار الأسلوب المناسب، من خلال الإقناع من جانب الأب تجاه ابنه، وأسلوب الامتناع من قبل الابن تجاه والده، بحيث لا يكون الامتناع جافًا وصلفًا ويتجاوز حدود الأدب تجاه الأب.

وفي مسألة حدود الأب في إصلاح ابنه، أشار سماحته لوجود مرحلتين الأولى قبل سن البلوغ والرشد، فيكون الابن في ولاية الأب.

وأوضح أن المرحلة الثانية هي ما بعد البلوغ حيث أصبح الابن شخصية مستقلة، وصلاحية الأب تجاه ابنه في حدود الواجبات الإسلامية العامة كواجب الأمر بالمعروف والنهي على المنكر وواجب الهداية والإرشاد فقط.

وأسف الشيخ الصفار لاستخدام العنف من قبل بعض الآباء تجاه أبناءهم الصغار، مشيرًا إلى أن الشرع لا يسمح باستخدام العنف إلا في ظروف معينة، وألا يكون الضرب مؤذياً مبرحاً، مضيفًا أن الأفضل هو عدم العنف لأنه غير مجدٍ تربويًا.

وأكد سماحته ألا سلطة للآباء تجاه أبناءهم البالغين سوى واجب الأمر بالمعروف والنهي المنكر، مشيرًا أن الولد مثله كمثل الشخص الأجنبي في هذا الشأن، مع فارق ما للوالد من مقام، لكن شرعيًّا لا وجوب على الأب أكثر من ذلك.

وتابع "ليس من حق الإنسان ولا يجب عليه أن يفرض الصلاح على الناس، سواء كانوا أجانب أو من أهل بيته".

واستنكر سماحته ما يحصل تجاه النساء فيما يسمى "جرائم الشرف" في بعض المجتمعات والبلدان، والتي تسوّغ للعائلة والأخوة  قتل المرأة بسبب انحرافها، بل في بعض الأحيان هناك حالات قتل لمجرد الشك في انحرافها. مؤكدًا أن إقامة الحدّ الشرعي لا يقوم به كل إنسان، بل راجع للحاكم الشرعي وبعد إثبات الحكم الشرعي.

وانتقد حالة التنميط في تحميل الأب أو العائلة في مسؤولية انحراف الأبناء، مشيرًا أن القران الكريم يتحدث عن بيوت كانت بها انحرافات في أولادها ، كقصة ابن نبي الله نوح الذي اختار الضلال والانحراف، ولم يكن هناك تقصير من قبل أبيه.

وأشار لوجود حالات انحراف لدى بعض أبناء الأئمة، كما في قصة عبد الله الأفطح ابن الإمام الصادق، حيث قام بتخطئة موقف أمير المؤمنين في حرب صفين والجمل، ومن ثم طرح إمامته ورغم أنه ابن إمام معصوم وجعفر الكذاب ابن الإمام الهادي، وهذا ما يوجب عدم تحميل العائلة مسؤولية انحراف بعض أبنائها.

وطالب سماحته المجتمع بعدم القسوة تجاه الآباء والعوائل التي قد تبتلى بانحراف أبنائها، مشيرًا لأن هذه العوائل تصاب بمصيبتين، مصيبة انحراف الابن، ومصيبة تحميل المجتمع لهم هذا الانحراف، مؤكدًا أن هذا أمر خطأ وغير سليم.

وانتقد الشيخ الصفار الفرض الذي يمارسه بعض الآباء في الأمور الشخصية على أبنائهم، كالزواج من امرأة معينة أو في اختيار التخصص الدراسي.

وأكد أن رفض الابن لذلك الاختيار لا يصيّره عاقًا لوالده، كون تلك الأمور من اختيار الإنسان الشخصي، ولا يصح للإباء أن يفرضوا فيها على أبنائهم.