المنزل وأجواء التربية الصالحة

مكتب الشيخ حسن الصفار

﴿وَاللَّـهُ جَعَلَ لَكُم مِّن بُيُوتِكُمْ سَكَنًا[سورة النحل، الآية: 80]

تتمثل وظيفة المنزل بالنسبة للإنسان في أمرين أساسيين؛ توفير الراحة الجسدية، إضافة إلى الراحة النفسية، وهي الأهم. ذلك أن المنزل ليس مجرّد مساحة لراحة الجسم وحسب، وإن كانت تلك إحدى وظائفه، بالنظر إلى حاجة الإنسان إلى التمتع بالخصوصية والراحة بعد العناء والتعب في البحث عن الرزق. غير أنه بالإضافة إلى ذلك يمثل سكنًا لنفس الإنسان، حيث يشعر الفرد داخل بيته بالأمن والاستقرار، وهو بين أفراد عائلته التي تبادله العطف والحنان. إنّ من المؤسف جدًّا أن تتحول بعض المنازل إلى أماكن للراحة الجسمية وحسب، على غرار الفنادق، في انتقاص بالغ لدور المنزل والعائلة في حياة الفرد. بينما ينبغي أن تتوفر في المنزل أجواء الراحة النفسية أولًا، وليس الراحة الجسمية فقط، وذلك حتى يجد الإنسان في بيته مأوى نفسيًّا بالدرجة الأساس، وليس مساحة مادية للراحة فقط.

وقد أشارت النصوص الدينية الى أهمية الجانب المادي في المنزل ودوره في حياة الأفراد. فقد ورد عن الإمام جعفر بن محمد الصادق أنه قال: «من السعادة سعة المنزل»[1] ، ومضمون ذلك أن من سعادة المرء أن يتوفر له المنزل الواسع بالقدر الذي يتناسب مع وضعه العائلي والاجتماعي. وجاء عن النبي في شأن نظافة المنزل أنه قال: «لا تبيتوا القمامة في بيوتكم وأخرجوها نهارًا فإنها مقعد الشيطان»[2] ، وليس جديدًا القول إنّ النظافة عامل أساس ومؤثّر جذري في حياة الفرد والعائلة، بحيث لا ينبغي أن تترك القمامة داخل المنزل لما فيها من أضرار على الصحة، وإنما جاء التعبير النبوي بلفظ الشيطان لما في ذلك من درجة بالغة من السوء.

إشباع العواطف:

غير أن الأهمّ مما سبق، هو ما تناولته النصوص الدينية من الدور النفسي المحوري للمنزل في حياة الأفراد والعائلة. فقد ورد في هذا السياق ثلاث طوائف من النصوص جلّها يصب في أهمية جعل المنزل منبعًا للحنان ومكانًا للاستقرار العاطفي والنفسي والروحي. وليس هناك أكثر مثالية من أن يؤوب الرجل إلى منزله بعد عناء العمل، ليجد أمامه متّسعًا للراحة النفسية التي تغمره وهو بين زوجته وأبنائه، والحال نفسه مع الزوجة والأبناء، فجميع أفراد الأسرة معنيون بتوفير أجواء العطف والمحبة والراحة النفسية في المنزل. إن الانسان المنشغل بتوفير الاحتياجات المادية للعائلة، ينبغي أن يفكر بموازاة ذلك في توفير ما يضفي البهجة والراحة النفسية ويسر قلوب أفراد العائلة، وينبغي أن يعلم الآباء أن توفير الطاقة العاطفية في العائلة، يضاهي في أهميته توفير الطاقة الكهربائية وسائر الخدمات الأخرى في المنزل. ورد عن النبي أنه قال: «إذا أراد الله بأهلِ بيت خيرًا أدخل عليهم بابًا من الرفق»[3] ، ومعنى ذلك أن يكون جميع أفراد العائلة رفقًاء ببعضهم، يظهرون المحبة لبعضهم بعضًا، ويدخلون البهجة على قلوب بعضهم بعضًا.

إنّ من المؤسف أن يتحول المنزل إلى عامل انزعاج في حياة الأفراد، فينصرفون إلى البحث عن الراحة خارجه. وذلك نتيجة اضطراب العلاقة بين أفراد العائلة، فلا يعود الفرد يشعر بالراحة في المنزل، بل الأنكأ عندما لا يذوق الفرد طعم الراحة إلا خارج البيت!. عندما يفتش الرجل عن الراحة مع أصدقائه، أو المرأة مع رفيقاتها، والحال نفسه مع الأبناء، فإنه مؤشّر على وجود خلل في شبكة العلاقة داخل الأسرة، بحيث انعدمت هنالك الراحة النفسية، وتلاشى الإغداق العاطفي بين أفراد العائلة.

الأجواء الروحية في المنزل:

لا بُدّ من القول أيضًا، أن الآباء مطالبون بإشباع الجانب الروحي في المنزل. وهنالك نصوص دينية عديدة تؤكّد هذا الجانب، ومن ذلك ما ورد عن استحباب أن يتخذ المرء لنفسه في منزله مصلى يؤدي فيه الصلاة النافلة ـ على اعتبار أفضلية الصلاة الواجبة في المسجد ـ ليتسالم جميع أفراد العائلة على اعتبار تلك الزاوية من المنزل مصلّى ومكانًا للعبادة، وليكون عندها ذلك المصلى جزءًا أساسيًّا من تصميم المنزل، فذلك ما يترك خلفه أثرًا تربويًّا روحيًّا على الجميع. ورد عن الإمام جعفر بن محمد الصادق أنه قال: «كان عليّ قد اتخذ بيتًا في داره، ليس بالكبير ولا بالصغير، فكان إذا أراد أن يصلي من آخر الليل، يذهب إلى ذلك البيت فيصلي»[4] ، وقد كتب الإمام الصادق إلى أحد أصحابه: «إني أحبّ لك أن تتخذ في دارك مسجدًا في بعض بيوتك»[5] .

وقد وردت تعاليم دينية كثيرة حول أهمية ذكر الله تعالى في المنزل. إنّ من الخطأ الاعتقاد بأن مكان العبادة هو المسجد فقط، وأن المنزل مجرّد مكان مخصص للأكل والنوم!، والصحيح أن ربّ العائلة مطالب بتوفير أجواء الذكر في منزله لينعم الجميع بالأجواء التي فيها ذكر الله تعالى. وجاء في هذا الصدد عن النبي أنه قال: «مثل البيت الذي يذكر الله فيه، والبيت الذي لا يذكر الله فيه، مثل الحيّ والميت»[6] ، وتلك مقارنة نبوية لافتة، بأن يفرق بين البيت الذي يذكر فيه اسم الله والآخر الذي لا يذكر فيه اسمه تعالى بالفرق بين الموت والحياة!. ويجري الحال نفسه مع تلاوة القرآن الكريم في المنزل، فما أروع أن يكون للأبوين برنامج لقراءة القرآن الكريم في المنزل، على مسمع من أفراد العائلة، فيتعود الجميع ذلك، حتى تصبح تلاوة القرآن جزءًا من حياتهم. وقد لفت نظري عند سؤال بعض الأصدقاء عن تلاوتهم القرآن الكريم في منازلهم، ليظهر أنهم لم يعتادوا على ذلك، وإنما يكتفون بتلاوة القرآن في المسجد باستثناء التلاوة في شهر رمضان المبارك. والحال أن المرء مدعو لأن يضع لنفسه برنامجًا يوميًّا، لتلاوة القرآن على مسمع ومرأى من أفراد أسرته. وقد ورد عن النبي أنه قال: «نوّروا بيوتكم بتلاوة القرآن (...)، فإن البيت إذا كثرت فيه تلاوة القرآن كثر خيره واتّسع أهله وأضاء لأهل السماء كما تضيء نجوم السماء لأهل الدنيا»[7] ، وجاء عن الإمام الصادق أنه قال: «البيت الذي يقرأ فيه القرآن ويذكر الله فيه تكثر بركته وتحضره الملائكة وتهجره الشياطين ويضيء لأهل السماء كما تضيء الكواكب لأهل الأرض، والبيت الذي لا يقرأ فيه القرآن ولا يذكر الله فيه، تقلّ بركته، وتهجره الملائكة، وتحضره الشياطين»[8] .

التأهيل الاجتماعي:

 أما الجانب الأخير فهو أن يصبح المنزل مكانًا للتأهيل الاجتماعي لأفراد العائلة. وذلك بأن يتعلم الأبناء أفضل السبل في التعامل مع محيطهم الاجتماعي، فلا تكون الأسرة منعزلة عن الناس، وإنما تكون السمة الأساس لدى أفراد العائلة هي التواصل الاجتماعي مع الأقرباء والأرحام والجيران وسائر أبناء المجتمع. إنّ انعدام التداخل مع الناس لا يساهم في تنمية الحسّ الاجتماعي لدى أفراد العائلة. من هنا نفهم الوصايا الدينية التي تشدّد على استقبال الضيوف في المنزل، من الجيران والأقرباء وسائر أبناء المجتمع، ذلك ليتعزز الحسّ الاجتماعي عند أفراد الأسرة ويكون في أحسن حالاته. وقد ورد عن النبي أنه قال: «الضيف ينزل برزقه ويرتحل بذنوب أهل البيت»[9] ، وقد كان معروفًا في السابق أن الضيف يقيم في منزل مضيفيه ليوم أو اثنين أو ثلاثة، وذلك لطبيعة الظروف في ذلك الوقت مع انعدام الفنادق، على خلاف ما هو قائم اليوم، حيث بات الضيف يأتي لوقت قصير جدًّا ويغادر سريعًا. وجاء عنه أنه قال: «كلّ بيت لا يدخل فيه ضيف لا تدخله الملائكة»[10] ، ذلك أنّ مجيء الضيوف إلى المنزل، يعود بتأثير كبير على سائر أفراد الأسرة. وروي في السياق أن أمير المؤمنين عليًّا رؤي ذات يوم حزينًا، فقيل له: مِمَّ حزنك؟ قال: «لسبع أتت لم يضف إلينا ضيف»[11] . أي إنّ مجرد انقطاع الضيوف عن المجيء لأسبوع واحد لمنزله كان مدعاة لحزنه. وقال أمير المؤمنين: «من آتاه الله مالًا فليصل به القرابة، وليحسن منه الضيافة»[12] .

من هنا ينبغي أن نجعل من منازلنا مأوى للعاطفة، وتربية الأحاسيس والمشاعر الخيّرة، إضافة إلى تعزيز حسّ التواصل الاجتماعي بين أفراد العائلة وبينها وبين المجتمع. فهذه الأمور بمجملها هي التي تساعد في بثّ الحياة في المنزل والنأي به عن أن يكون مجرّد مساحة للراحة الجسمية وحسب.

 

الخطبة الثانية: إحياء عاشوراء عطاء يتجدد

﴿فَاصْبِرْ إِنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ[سورة الهود، الآية: 49].

يواجه الأنبياء والمصلحون في حياتهم الكثير من المحن والشدائد، وفي بعض الأحيان قد يبدو الأفق مسدودًا أمام دعواتهم، حيث يتكالب عليهم الأعداء ويخذلهم القريبون، فيبدو وكأن الدعوة لا أفق لها، وأن الرسالة ستنتهي دون نجاح، لكن الله سبحانه يثبّت أنبياءه وأولياءه بأن المحن والشدائد ما هي إلا طريق لا بُدّ للرسالات والدعوات الإصلاحية أن تشقّه، أما النتيجة فهي انتصار دعوات الإصلاح على المدى الطويل.

قد تكون المسألة مسألة زمن وتحمّل للشدائد والمحن. حيث يمتحن الله أولياءه ليظهر معادنهم، ولكي تتبين سماتهم، ويكونوا نماذج وقدوات لمن خلفهم، ممن يسيرون في طريق الخير والصلاح.

وحينما نجد أن الأنبياء الذين بعثهم الله تعالى لا تتحقق لهم الانتصارات سريعًا بل تنصبّ عليهم أمواج البلاء والمحن، فإنه يتوجب على من يسير على طريق الإصلاح ألّا يتوقع سرعة النجاح والانتصار. وهذا ما يعطي للإنسان وعيًا بأن الرسالة والإصلاح طريق تزدحم فيه المكاره كما ورد في الحديث عن رسول الله: «حفّت الجنة بالمكاره وحفت النار بالشهوات»[13] ، وعن الإمام الصادق : قال: «الجنة محفوفة بالمكاره والصبر، فمن صبر على المكاره في الدنيا دخل الجنة وجهنم محفوفة باللذات والشهوات فمن أعطى نفسه لذتها وشهوتها دخل النار»[14] . طريق الإصلاح وهو طريق للجنة فيه من الصعوبات ما فيه، وللحصول على النتائج المرضية، لا بُدّ من الصبر والتحمّل، كما يخاطب الله تعالى نبيه: ﴿فَاصْبِرْ إِنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ[سورة الهود، الآية: 49]، ليس في الآخرة فقط، وإنما في الدنيا كذلك تكون العاقبة للمصلحين.

عاشوراء أنموذج النصر المستقبلي:

عشنا هذه الأيام موسم إحياء ذكرى أبي عبدالله الحسين. من كان يتصور حين ذاك في يوم عاشوراء، وبُعَيْدَ عاشوراء، أن الإمام الذي اجتمع القوم عليه وعلى عائلته، فذبحوه وأهله وأنصاره، وسبوا عياله وحرمه، وحرقوا خيمه، وجالوا بعائلته في البلدان، وأظهروا الشماتة بهم، من كان يتصور أن هذه الحركة والنهضة ستخلّد وتكون لها هذه الآثار العظيمة؟! لعلَّ كثيرين آنذاك كانوا يرون أنها حركة عقيمة حيث كانت سيطرة الأمويين على كل شيء، لكن الله تعالى يَعِدُ، ووعده الحقّ: ﴿إِنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ[سورة الهود، الآية: 49]. وللإمام الحسين كلمة يذكرها أرباب السير والتاريخ أنه خاطب قومه حينما حمل على القوم يوم عاشوراء قائلًا: «صبرًا يا بني عمومتي، صبرًا يا أهل بيتي، لا رأيتم هوانًا بعد هذا اليوم أبدًا»[15] . هذه المحن التي تواجهكم اليوم ستعقبها كرامات وانتصارات، وهذا ما نراه فعلًا، فأين بنو أمية الآن؟ أين من كان ظاهر النصر لهم؟ الآن كما قالت العقيلة زينب: «فانظر لمن الفلج يومئذٍ»[16] . زينب تتوعد يزيد بأن زهوك بالنصر الظاهري لن يدوم، إنما النصر والفلاح لنا يوم غد.

حينما يحتفي العالم سنة بعد أخرى بعاشوراء، وفي كلّ عام تجد الرقعة تزداد زمنًا ومكانًا وعددًا، أليس هذا مصداقًا لقوله تعالى: ﴿إِنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ[سورة الهود، الآية: 49]؟

وبحمد لله فقد أحيا الناس في بلادنا هذا الموسم على خير وجه، المواكب الكبيرة والمتعددة، والتنظيم المتميز لها، وما فيها من بذل وإطعام، والوعي الذي ساد المجتمع، والنشاط الفني المتنوع، هذه الصورة الرائعة التي عشناها أيام عاشوراء هي من ثمار وبركات دماء أبي عبدالله الحسين، ومن بركات صمود أبائنا وأجدادنا على إحياء هذه الذكرى حيث دفعوا الأثمان البالغة، وما زال المؤمنون يدفعون الأثمان لحفظ ذكرى هذه النهضة المباركة، حيث نسمع عمّا يواجهه الشيعة في باكستان من تفجير مواكبهم العزائية، وكذلك في العراق حيث زوار سيد الشهداء، لكن هذه الأثمان يدفعها المؤمنون بطيب نفس؛ لأنهم يقصدون وجه الله، ولأنهم يحققون وعدًا إلهيًّا في إظهار رسالة أبي عبدالله الحسين.

ومن الجميل أننا أصبحنا نجد تجاوبًا وتفهمًا يزداد سنة بعد أخرى من مختلف المجتمعات. فكثير من الناس من خارج أتباع أهل البيت كانوا لا يتفهمون إحياء هذه المناسبة، ويضعون كثيرًا من علامات الاستفهام حولها، ولكن الآن ومع الانفتاح والتواصل العالمي أصبح هناك تفهّم أكبر. في بلادنا بدأنا نسمع أصواتًا واعية جريئة تبدي تفهمها لإحياء هذه المناسبة. في الماضي كانت الصورة مشوشة مشوهة حتى من كان له وجهة نظر إيجابية قد لا يكون قادرًا على إبدائها، ولكننا وجدنا في هذا العام وبعض الأعوام السابقة تغطية بعض الصحف المحلية للمناسبة. ويفترض أن هذا الحراك الحسيني الشعبي يحظى بتغطية كاملة. فإذا كانت وسائل الإعلام تغطي المباريات أو سباق الهجن أو العرضة النجدية مثلًا، فلماذا لا تهتم بالتغطية الإعلامية لموسم عاشوراء وتفاعل الناس معه؟ إنه نشاط ذو بُعْدٍ ديني ثقافي اجتماعي، وهو نشاط ينجز بأعلى درجات الإتقان من حيث النظام والهدوء. الناس يجتمعون ألوفاً في بعض الأماكن، ثم يتفرقون بهدوء وانتظام. هذا يدلّ على روح راقية، وتربية سليمة، واحترام لأجواء هذه المناسبة عند هؤلاء الناس. أفلا تستحق أن تغطّى إعلاميًا كما يغطى أيّ نشاط شعبي؟ نعلم أنه ما تزال هناك عوائق، لكنا نأمل أن التغطيات الإعلامية التي أجرتها بعض الصحف المحلية لهذا الموسم تشكل بداية طيبة.

مبادرات تستحق الإشادة:

كما أنه لا بُدّ لنا من أن نشير إلى بعض الكتاب من إخواننا أهل السنة الذين كتبوا كتابات جيّدة ونشروها في الصحف، والذين تضامنوا مع بعضنا بالاتصال، وأبدوا ارتياحهم وإعجابهم. وكثير منهم حينما يلتقون إخوانهم الشيعة يعزّونهم ويعظمون لهم الأجر، ويبدون تفهمًا لهذه المناسبة، وهذا أمر طيب ينبغي أن نشيد به وأن نشكر هذه المشاعر والعواطف الطيبة، وأن نتحمل مسؤوليتنا في تنمية هذه الحالة، وذلك بأن يكون الإحياء بطريقة مشرقة زاهية لا يترك مأخذًا عند الآخرين. بعض الناس يمتلكهم الحماس ويريدون أن يتصرفوا كيفما شاؤوا، ولا يهمّهم ما يقول الآخرون عنهم، وهذا خطأ، فالأئمة يقولون: «كونوا لنا زينًا، ولا تكونوا علينا شينًا»[17] .

عليك أن تحسب حسابًا لنظرة الآخرين إليك، فكلما كانت نظرتهم إليك أفضل كان ذلك لصالح دينك ومجتمعك. هذا أمر ينبغي أن نأخذه في الاعتبار عند إقامة شعائرنا، وليست المسألة في أن نتنازل أو أن نترك شيئًا مما نعتقد أنه صحيح وسليم، أنت تعيش في محيط تريد أن يكون لك سمعة حسنة فيه، كما ورد: «رحم الله امرئً جَبّ الغيبة عن نفسه»[18] ، «رحم الله من استجرّ مودة الناس إلى نفسه وإلينا»[19] ، كما يقول الإمام الصادق. يجب أن نأخذ هذا الأمر بعين الاعتبار حتى ندخل السرور على أهل البيت، والأهمّ من ذلك أن نجد انعكاسات هذه الأمور على نفوسنا وأخلاقنا، وأن نكون في كلّ عام أقرب للتماسك فيما بيننا.

الجمعة 16 محرم 1434ﻫ الموافق 30 نوفمبر 2012م
[1] الكافي، ج ٦، ص٥٢٥، حديث 1.
[2] وسائل الشيعة، الحرّ العاملي، ج5، ص٣١٨، حديث 2.
[3] كنز العمال، المتقي الهندي، ج3، ص٥٣، حديث5456.
[4] وسائل الشيعة، ج5، ص٢٩٥، حديث 4.
[5] بحار الأنوار، ج٨١، ص٢٤٤، حديث 32.
[6] صحيح مسلم، ص393، حديث 211.
[7] وسائل الشيعة، ج٦، ص٢٠٠، حديث 4.
[8] بحار الأنوار، ج٩٠، ص١٦١.
[9] جامع السعادات، محمد مهدي النراقي، ج2، ص١١٧.
[10] المصدر نفسه.
[11] بحار الأنوار، ج41، ص٢٨.
[12] نهج البلاغة، خطبة 142.
[13] صحيح مسلم، كتاب الجنة وصفة نعيمها وأهلها، حديث2822.
[14] محمد بن يعقوب الكليني، الكافي، ج2، ص٨٩، حديث7.
[15] بحار الأنوار، ج٤٥، ص٣٦.
[16] بحار الأنوار، ج٤٥، ص١١٦.
[17] بحار الأنوار، ج٦٨ ص٣١٠.
[18] محمد رضا المظفر، المنطق، ص ٣٤٧.
[19] جامع أحاديث الشيعة، السيد البروجردي، ج١٤ص٥٣٥.