الالتزام الديني.. أين تكمن المشكلة؟

 

في ليلة السابع من المحرم تحدث سماحة الشيخ حسن الصفار عن ”الالتزام الديني بين المرونة والتشدد“ مبينا أن التشريع الديني جاء ملائما للإنسان وفي مصلحته، كذلك قال أن الانسان المسلم مكلف بالالتزام الديني ضمن حدود الوسطية والاعتدال دون تساهل ولا مغالاة، وأضاف يتشدد البعض في الالتزام الديني بالهوامش والجزئيات غير المهمة على حساب الأمور الأساسية والأكثر أهمية، وقال الشيخ الصفار ان غياب الاهتمامات الكبرى هو الذي صرف المتدينين ناحية المظاهر والمسائل الشكلية، وأشار إلى أن التشدد في الالتزام الديني ربما قاد إلى نتائج عكسية لدى الشباب وكذلك يبعث رسائل خاطئة عن الدين.

يرتبط الالتزام الديني بالفهم الديني للانسان هل هو فهم متشدد للدين أم فهم متسامح ويميل إلى اليسر واللين؟، ألاحظ أن هناك إشكالية يقع فيها الكثير عندما يتحدث شخص عن الفهم الديني أو التفسير الديني إلى الدين، وسبب هذا هو عدم تفريق الناس ما بين النص الديني «القرآن والسنة الصحيحة» وما بين فهمهم إلى الدين، وبذلك يصعب على المصلح الديني أن يمارس دوره في تصحيح بعض المفاهيم المغلوطة عن الدين، وانتقاد التشدد الديني يعد جريمة بسبب ”قهر العامة“ كما يعبر عنه الدكتور توفيق السيف في كتابه عصر التحولات، لأن بعض التقاليد والممارسات مع مرور الزمن يتسالم عليها الناس ويتم إلصاقها بالدين مع أنها ليست كذلك ولاتمت إليه بصلة ويصعب الكلام عليها فضلا على نقدها، يشير الدكتور توفيق في ذات الكتاب إلى هذا حيث يقول: ”التقاليد بطبعها مرتبطة بالزمان والمكان ونظام المصالح الذي تولدت في اطاره. ولهذا لا يصح تجريدها من تلك القيود وتعميمها كما لو كانت ديناً“.

من المعروف أن الحكم الشرعي يدور مدار المصلحة، وبكل تأكيد أن التشدد في الدين يتعارض مع اليسر وخلاف المصلحة يقول الله سبحانه وتعالى: «يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر» وفي آية أخرى قال سبحانه وتعالى: «لا يكلف الله نفسا إلا وسعها» وغيرها من الآيات التي تشير إلى التخفيف والتيسير، حيث يشير الشيخ الصفار إلى أن ”التشريع الديني جاء ملائما للإنسان وفي مصلحته فلا ينطوي التشريع على أي حرج نفسي أو بدني على أي شخص“، لكننا نرى أن هناك ميل إلى التشدد وتعسير الميسر مما يسبب عزوف الناس عن الدين كل هذا بسبب عدم مراعاة المصلحة وحاجة الناس وإغراق الناس في المسائل الاحتياطية التي ترهقهم وتضيف أعباء فوق كاهلهم لا يقدرون على تحملها لما تسببه من مشقة، الدين يأمرنا بالتيسير لكن المتشددون يعسرون على أنفسهم والآخرين مع الأسف، هل هذا التعنت باسم الدين يخدم الدين الحنيف أم يضره؟

وعليه الالتزام الديني لابد أن يكون منسجما مع القيم والمبادئ التي حث عليها الدين والتي بطبيعة الحال لا تتعارض مع القيم الإنسانية، والابتعاد عن التشدد والانغلاق الذي حرمنا من الاستفادة من خيرات الكون، لأننا انشغلنا بأمور كان من المفترض ألا ننشغل بها حيث لا طائل منها، وكان علينا أن نهتم بما يبني الانسان ويجعله قادرا على المساهمة في بناء العالم بدلا من أن يكون عالة محتاج إلى الغير في كل شيء، ابتعادنا عن مقاصد الدين جعلنا نتخبط كثيرا ويتجاوزنا العالم كل هذا كما يعبر الشيخ الصفار بسبب ”تشدد البعض في الهوامش والجزئيات غير المهمة على حساب الأمور الأساسية والأكثر أهمية“.

في الختام نسأل الله أن يوفق سماحة الشيخ حسن الصفار لما فيه خير وصلاح لهذه الأمة، ويجعله الله مناراة في نشر الوعي والعقلانية والتسامح وكل ما هو نافع يجنب هذه الأمة الأزمات والشرور.