تقديم لكتاب تأمّلات على ضفاف الواقع للأستاذ عقيل المسكين

بسم الله الرحمن الرحيم

التأمّل في الواقع الاجتماعي ميزة مهمة لا تتحلى بها إلا فئة قليلة من الناس، يركّزون أنظارهم، ويُعملون فكرهم، من أجل فهم الظواهر والأوضاع في محيطهم الاجتماعي، لمعرفة مواقع القوة ومناطق الخلل، سعيًا للارتقاء بالمجتمع، وتجاوز الثغرات، وتعزيز المكاسب.

وفي اللغة العربية تستخدم مفردة (التأمّل) بمعنى: التثبُّت. وتأملت الشيءَ أي نظرت إليه متثبتًا له. وتأمَّل الرجل: تثبّت في الأمر والنظر، كما في لسان العرب لابن منظور. وجمع تأمّل: تأمُّلات.

إن الغالبية العظمى من الناس ينساقون مع الواقع الذي يعيشونه، ولا يجدون أنفسهم معنيين بالتفكير في خلفيات ظواهره وأحداثه، بل يمرون عليها مرور الكرام، وينظرون إليها نظرة سطحية عابرة.

لكن الواعين المهمومين بحال مجتمعهم ومستقبله هم الذين تستوقفهم الظواهر والأحداث، فيمعنون فيها النظر، ويفكرون في الأسباب، ويستشرفون النتائج والمآلات، ويبحثون عن الخيارات الأفضل والبدائل الأنسب في مختلف المجالات.

وبين يدي القارئ الكريم أنموذج لجهد فكري ثقافي يقدمه مثقف مهموم بقضايا مجتمعه من حداثة سنّه، حيث اجتذبته أجواء الثقافة والعمل الاجتماعي في منتصف سنوات العقد الثاني من عمره، وعشق المطالعة والقراءة، والتحق ببعض المدارس العلمية الدينية، وخالط الأدباء والعلماء، فاتسعت مداركه المعرفية والثقافية، وتفجرت لديه موهبة الشعر والأدب، وامتلك يراع الكتابة والتحرير فصدر له عدد من الأعمال الأدبية والكتب الثقافية.

وعلى مدى قرابة أربعة عقود من الزمن واصل الأستاذ عقيل المسكين نشاطه الثقافي وعطاءه الأدبي وتفاعله الاجتماعي ضمن مسار خدمة الوطن والمجتمع.

ويضم هذا الكتاب عشرات المقالات التي كتبها المؤلف ونشرها في المجلات والصحف خلال السنوات الماضية، وتُظهر هذه المقالات مدى اهتمام كاتبها بالشأن الثقافي والاجتماعي، فهو يقف عند مختلف الجوانب والقضايا التي تناولها متأملاً ناقدًا، يشيد بالإنجازات، ويقدر جهود الناشطين والعاملين، ويُسلط الأضواء على نقاط الضعف والخلل مجتهداً في تقديم الحلول والمعالجات لتجاوزها، وتلك هي منهجية ثقافة التأمّل كما أطلق عليها.

وهو ينطلق في تأملاته من القيم والمبادئ الأصيلة التي آمن بها ونشأ وتربى عليها، ومن رصيده الثقافي المتنامي بفعل شغفه في كسب العلم والمعرفة، وهناك مصدر رئيس لهذه التأمّلات لدى الكاتب هو الحضور والمشاركة في ساحات الحياة وميادين العمل، وأوساط المجتمع.

فشكرًا للأستاذ عقيل المسكين على عطائه الثقافي الهادف، ووفقه الله للمزيد من خدمة الدين والمجتمع. والحمد لله ربّ العالمين.

 

حسن الصفار

13 رمضان المبارك 1441هـ

6 مايو 2020م

غلاف كتاب عقيل المسكين

صدر الكتاب عن دار أمل الجديدة، دمشق، الطبعة الأولى 1442هـ، 2021م، قطع وسط 314 صفحة.