الشيخ الصفار يدعو لخطاب ديني عقلاني لا شتائمي

جهات الإخبارية

 

- ويقول إن خطاب علي اتّسم بالعقلانية.. والشتائمية مسلك أموي.

- ورفض الخطاب العاطفي الخالي من البراهين لمجرد إرضاء بعض الناس.

- ورأى بأن الخطاب الديني لدى البعض يعاني من "آفة التضخم".

- ويقول دفعنا ثمنا باهظا لقاء بعض الخطابات العاطفية المغالية

- ورفض التعامل مع المختلفين مذهبيا أو داخل المذهب بالإخراج من الملّة

 

دعا سماحة الشيخ حسن الصفار الوسط الديني إلى التزام نهج الإمام علي في خطابه المفعم بالمشتركات الإنسانية التي تستوعب جميع البشر والنأي عن المسلك الأموي الذي يعتمد السبّ والشتم سبيلا.

جاء ذلك خلال خطاب بمناسبة عيد الغدير ألقاء الشيخ الصفار يوم السبت في مجلس الحاج سعيد المقابي أمام حضور علمائي وأهلي حاشد.

وأشار الشيخ الصفار إلى إن أول سمات خطاب الإمام علي هي الانطلاق من الاستيعاب الشمولي للدين والوعي بقضايا الحياة والمجتمع.

ورأى بأن الخطاب الديني لدى البعض يعاني من "آفة التضخم" في جزء معين من الدين على حساب سائر الجوانب الأخرى.

وأضاف أنه ونتيجة لذلك يصبح الدين عند هؤلاء مشوها على إثر التضخم من جهة والضمور من جهات أخرى.

وأوضح بأن الدين يشكل منظومة متكاملة وأن على المبلغين أن يستحضروا كامل المنظومة في أذهانهم.

وتابع القول "ينبغي ألا يتحدث المبلّغ عن الآخرة فقط وينسى جانب الدنيا، ولا يركز على حقوق الله فقط، وينسى حقوق عباده، ولا يتحدث عن الجهاد، وينسى السلم الاجتماعي، ولا يتكلم عن البراءة من الأعداء، وينسى الوحدة والألفة بين الناس".

وخلُص سماحته إلى أن على المبلّغ أن يكون لديه إحاطة بالمنظومة القيمية الإسلامية، وأن يستحضر غايات الدين ومقاصد الشريعة، فإذا ما تحدث وضع كل شيء في موضعه دون تضخيم لجانب على حساب بقية الجوانب.

وأشار سماحته إلى أن العقلانية وسلامة المنطق هي السمة الثانية اللازمة للخطاب الديني.

واستيحاءً من نهج الخطاب العلوي رفض سماحته نزعات الخطاب العاطفي الخالي من البراهين لمجرد إرضاء المشاعر عند بعض الناس.

 ثمن غالي

ورأى الشيخ الصفار أن مسلك الخطاب المغالي في العاطفة غالبا ما يستدرج ردود فعل بين شبابنا فضلا عن الآخرين. مضيفا القول "دفعنا ثمنا باهظا لقاء بعض الخطابات العاطفية المغالية".

وتابع بأن مثل هذا النوع من الخطابات تركت نظرة سلبية عن مدرسة أهل البيت لدى الأوساط الأخرى، بل ورد التحذير من أنها سبب لتكذيب الله عزّ وجلّ. 

وأوضح سماحته بأن الإمام علي كان ينزع للعقلانية حتى في أصعب المواقف ومن ذلك موقفه من الشعارات العاطفية التي رفعها الخوارج حين قالوا "لا حكم إلا لله" فلم يواجههم بالسّب والشتم وشتى الأوصاف.

وتابع بأن جلّ ما فعله أنه وصف شعارهم بأنه "كلمة حق يراد بها باطل" وأنه لابد للناس من أمير برّ كان أو فاجر.

وقال سماحته بأن السمة الثالثة لخطاب الإمام علي هي الخطاب الإنساني.

ورأى بأن خطب الإمام كانت ذات بُعد إنساني موجه لعامة الناس ولم تقتصر على أهل دينه أو شيعته ومريديه.

ومضى يقول إن ذلك هو السبب وراء قبول مختلف الناس لخطاب الإمام عليه السلام على مرّ العصور.

وأضاف بأن كل من اطّلع على خطاب علي من مختلف المناطق والأديان أصابته الدهشة لعمق معانيه وشموليته.

ضيق أفق

في مقابل ذلك انتقد الشيخ الصفار الخطاب الديني ضيّق الأفق الذي لا يتجاوز حدود القرية والمنطقة على نحو لا يتفهمه الآخرون لخلوه من أي أبعاد أو مشتركات إنسانية. 

وتسائل سماحته " أين خطابنا من المبادئ الإسلامية العامة، والمشتركات الإنسانية، لماذا لا نركز عليها في خطابنا كما كان يفعل الإمام وبذلك كان يشد انتباه الناس ويجذبهم نحوه".

وقال الشيخ الصفار إن السمة الأخيرة من سمات خطاب علي هي إشاعة الألفة والإنسجام والتآخي والتسامح بين الناس.

وأوضح سماحته أن عليا وبالرغم من الصرعات التي كابدها من مناوئيه إلا إنه لم يقف يوما يعبئ الناس متوسلا زرع الأحقاد والضغائن في نفوسهم، وقد خاطب أصحابه الذين شتموا أهل الشام بالقول "إني أكره لكم أن تكونوا سبّابين".

وشدّد الشيخ الصفار بأنّ السبّ والشتم أبعد ما يكون عن نهج علي وإنما هو سلوك ابتدعه الأمويون بالدرجة الأساس.

وتابع بأن الرواية الواردة عن الباقر تقول بأن عليا لم ينسب أحدا من أهل حربه إلى الشرك ولا إلى النفاق "ولكنه كان يقول هم إخواننا بغوا علينا".

وقال سماحته إن هذه هي روح علي بن أبي طالب. رافضا في الوقت عينه التعامل مع المختلفين عنا مذهبيا، أو حتى داخل المذهب الواحد، بالإخراج من الدين والملّة، وتحريم ذكر اسمه أو السلام عليه، ووصفه بأبشع الأوصاف.