الشيخ الصفار: وعي المستمع يدفعه لاختيار المنبر الأكثر فائدة

مكتب الشيخ حسن الصفار

 

قال سماحة الشيخ حسن الصفار إن وعي المستمع بقيمة المعرفة والموعظة، يجعله يقصد المنابر الأكثر فائدة.

وتابع: وعلى المستمع أن يحرص على فهم واستيعاب ما يسمع، وأن يفكر فيه، وألا يكون متلقيًا مستسلمًا لما يسمع دون تفكير وتأمل.

جاء ذلك في خطبة الجمعة 26 ذو الحجة 1444هـ الموافق 14 يونيو 2023م بمسجد الرسالة بمدينة القطيف شرقي السعودية بعنوان: المنبر الديني بين المعرفة والموعظة.

وأوضح سماحته أن البرنامج الأبرز والأهم في أيام عاشوراء هو المجالس الحسينية، التي يفترض أنها مدارس لبث معارف الدين، ونشر علوم أهل البيت ، وتبيين سيرتهم ومواقفهم، وهي محطة للتعبئة الروحية والتوجيه التربوي والأخلاقي.

وتابع: إن حضور هذه المجالس هو المظهر الأساس للمشاركة في إحياء عاشوراء، حيث يستمع الإنسان للخطب والمحاضرات.

وأضاف: هنا يجب أن نؤكد على أهمية استهداف الاستفادة من الاستماع في هذه المجالس.

ورفض أن يكون حضور المجالس لتقضية وقت فراغ، أو مجاملة لأصحاب المجلس، أو للحصول على الضيافة ووجبات الطعام. مؤكدًا أن الحضور يكون للاستفادة والتفاعل مع ما يطرح من فكر وتوجيه.

وعن الاستفادة من الاستماع في المجالس الحسينية قال سماحته هناك المجال الفكري والثقافي، بالاطلاع على المعارف المفيدة في شؤون الدين والحياة.

وتابع: وهناك المجال الروحي والأخلاقي، بالالتفات لتزكية النفس، وتهذيب الروح، وتقويم الأخلاق والسلوك.

وأضاف: وعلى المستمع أن يختار الخطاب الذي يفيده أكثر من كلا المجالين، وأن يحرص على فهم واستيعاب ما يسمع، وأن يفكر فيما يسمع، فلا يكون متلقيًا مستسلمًا لما يسمع دون تفكير وتأمل.

وأبان أن من وظائف المنبر الديني تبيين المعارف الدينية، من عقائد ومفاهيم وأحكام، وعرض الأدلة والبراهين عليها بما يناسب مستويات المستمعين، ومناقشة الإشكالات والتساؤلات التي تدور حولها.

وتابع: خاصة في ظروف الصراعات الفكرية مع الأديان والمذاهب والتوجهات الأخرى، لتثبيت الإيمان في نفوس جمهور المستمعين، وتحصينهم من تأثير التيارات المخالفة.

ومضى يقول: يجب الارتقاء بلغة المنبر الديني، وأسلوب عرضه للقضايا الدينية لما يتناسب مع المستوى العام للفكر والثقافة في هذا العصر.

وتابع: بعض الخطباء حين يعرض المعتقدات والمفاهيم والأحكام، يعرضها بلغة العصر السابق. مع وجود تحديات فكرية عقدية جديدة تختلف عما كانت تواجهه الأجيال في العصور الماضية.

وأضاف: هناك الآن علم كلام جديد، وفكر إسلامي حديث، وتجديد في الأبحاث الفقهية.

وأكّد سماحته على أن طبيعة المنبر الديني التوجه لمخاطبة الجمهور، فخطابه ليس خطابًا نخبويًا كخطاب الأكاديميين والمتخصصين في العلوم المختلفة.

وتابع: قد يتوجه بعض الخطباء المقتدرين علميًا لإنتاج خطاب ديني معرفي نخبوي، إذا كان أغلبية المستمعين لديهم من هذه الشريحة، أما الحالة العامة للمنبر الديني فهو خطاب للجمهور بمستوياته المختلفة.

وأضاف: لكن الطبيعة الشعبية للمنبر الديني لا تعني أن تكون الطروحات سطحية، وغير مواكبة لتطور مستوى التعليم والوعي عند أبناء المجتمع.

وأشار إلى أن من وظائف المنبر الموعظة، مبينًا أنها: "ايقاظ الضمير، وإحياء الوجدان، وإثارة العواطف الخيّرة في نفس الإنسان".

وبيّن أن إثارة العاطفة الدينية جزء من خطاب الموعظة، لأنه يشد الإنسان إلى القدوة الصالحة، ويوثق ارتباطه بها، ويدفع لاتباعها والتأسي بها.

وحذّر من استعانة بعض الخطباء في وعظهم وإثارتهم للعواطف الولائية، بروايات موضوعة أو ضعيفة السند، أو بقصص اسطورية غير واقعية، أو بأحداث تاريخية غير ثابتة، أو غير مقبولة عقلًا أو ذوقًا.

وتابع: هذه الأمور تعطي للمنبر الديني سمعة غير حسنة، ويشكّل مادة للاستغلال من قبل الجهات المخالفة للدين.

وتأسف لوجود بعض الرواة والمحدثين والوعاظ الذين سوغوا لأنفسهم الوضع والكذب والاختلاق بمبرر تشجيع الناس على أعمال الخير، وتنفيرهم من الشر، وزيادة حبهم للأنبياء والأئمة.