الشيخ الصفار يدعو لاستحضار رسالة الحسين مع ذكر مصيبته

مكتب الشيخ حسن الصفار

 

دعا سماحة الشيخ حسن الصفار إلى استحضار القيم والمبادئ التي نادى بها الحسين وأصحابه، والتزموا بها، واستشهدوا من أجل الدفاع عنها، مع ذكر المأساة الدامية، والمصيبة المفجعة، التي نالت أهل بيت الرسالة في كربلاء.

وتابع: يجب أن نعرّف الجماهير برسالة الحسين التي تدعو الفرد والمجتمع للتمسك بالقيم الإسلامية الحقة.

جاء ذلك في خطبة الجمعة 9 محرم 1445هـ الموافق 28 يونيو 2023م بمسجد الرسالة بمدينة القطيف شرقي السعودية بعنوان: عاشوراء الرسالة والفاجعة.

وأوضح سماحته أن القيم التي تمثل رسالة عاشوراء واضحة جلية في كلمات الإمام الحسين بطل هذه النهضة المقدسة، وليست مجرد اجتهادات واستنتاجات يطرحها هذا وذاك.

وتابع: إنها قيم يجب أن تسود حياة الأمة على المستوى الاجتماعي والفردي.

وأشار إلى أن من قيم كربلاء على المستوى الاجتماعي للأمة، ما أعلنه الحسين بصراحة ووضوح عن دافع حركته، حيث قال: «إِنَّمَا خَرَجْتُ لِطَلَبِ اَلْإِصْلاَحِ فِي أُمَّةِ جَدِّي ، أُرِيدُ أَنْ آمُرَ بِالْمَعْرُوفِ، وَأَنْهَى عَنِ اَلْمُنْكَرِ». فإصلاح واقع الأمة شعار وهدف للإمام الحسين .

وتابع: ومن القيم التي دعا لها الإمام الحسين على المستوى الاجتماعي إقامة الحق، ومواجهة الباطل، وهو باعثه للنهوض.

وأضاف: ودعوته الناس للتمسك بحقهم في الحرية، فهي منحة الله لبني البشر، ومقوم إنسانيتهم، حتى لو لم يدينوا بدين، حيث قال : «إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ دِينٌ وَكُنْتُمْ لاَ تَخَافُونَ اَلْمَعَادَ فَكُونُوا أَحْرَاراً فِي دُنْيَاكُمْ».

وعلى مستوى السلوك الفردي قال الشيخ الصفار: هناك قيم تجلت في ممارسات أبطال كربلاء، وهي بلا شك جزء لا يتجزأ من رسالة عاشوراء، من خلال مبدأ التأسي والاقتداء بالحسين وأصحابه الشهداء.

وذكر في طليعتها "قيمة التعبد لله، والاقبال على طاعته، والاهتمام بالبعد الروحي في التواصل مع الله سبحانه وتعالى".

مستشهدًا بما ذكرته كتب التاريخ عن ليلة عاشوراء حيث (باتَ الحُسَينُ تِلكَ اللَّيلَةَ راكِعاً ساجِداً باكِياً مُستَغفِراً مُتَضَرِّعاً ، وباتَ أصحابُهُ ولَهُم دَوِيٌّ كَدَوِيِّ النَّحلِ).

وتابع: من القيم التي تجلت في سلوك أصحاب الحسين ، شجاعة اتخاذ قرار التغيير والتصحيح، مستشهدًا بقصتي زهير بن القين والحر بن يزيد الرياحي، وقرارهم تغيير مواقفهم والالتحاق بالركب الحسيني.

وأضاف: ومن تلك القيم المهمة، احترام حقوق الآخرين، فقد نادى منادي الحسين «لا يُقْتَلَ مَعي رَجُلٌ عَلَيْهِ دَيْنٌ».

ومضى يقول: وهناك جانب آخر لكربلاء الحسين، يتمثل في المصيبة والفجيعة، "فقد شاءت حكمة الله أن تصطبغ ثورة الحسين بلون المأساة والظلامة البالغة".

وأبان أن هذا الطابع المأساوي هو العامل المساعد، والرافعة المهمة لتحقيق الإنجاز في نهضة الإمام الحسين.

وتابع: لقد فضحت المأساة جور الحكم الأموي، وأثارت نفوس أبناء الأمة ضده، وحرّكت الضمائر والمشاعر لإدانته ورفضه، وذلك ما عبرت عنه الثورات الغاضبة ضد الحكم الأموي بعد واقعة كربلاء.

وأضاف: إن بشاعة هذا الظلم الفادح، هي التي صنعت أجواء التعاطف في قلوب الناس على مرّ التاريخ مع الحسين وأهل بيته .

وحث سماحته على استحضار هذين البعدين الاساسين فيها: الرسالة والمصيبة، فهو الاحياء الحقيقي والمطلوب لذكرى عاشوراء.

ورفض تجاهل رسالة الثورة الحسينية، والاستغراق في الجانب العاطفي فقط، وكأن البكاء على المصيبة وحده هو الهدف والغاية، مع صريح كلام الحسين في أهداف خروجه وحركته، كما أن الزيارات الواردة للإمام الحسين تركز على ذكر القيم والمبادئ الحسينية، إلى جانب ذكر الظلامة والمصيبة.

وعن سبب رفض سماحته لدعوة تجاوز التركيز على المصيبة، قال سماحته: عدم ذكر المصيبة مخالف لما أكّد عليه أئمة أهل البيت ، من التفاعل العاطفي الوجداني مع الواقعة، بذكر مصيبة الحسين، والبكاء عليه، وابداء الحزن والتألم لما أصابه.

وتابع ولأن ذلك يفقد الحادثة عمق تأثيرها في النفوس والقلوب، واجتذابها نحو الحسين كرمز وعنوان وقدوة وأسوة.

وأضاف: إن في الحديث عن مصيبة الحسين تبيانًا لصبره وتحمله وتضحيته، هو وأصحابه في سبيل الله. وذلك ما يلهم الناس روح التضحية، وصفة التحمل والصبر على المصائب والآلام في الحياة، وابتغاءً لثوابه تعالى.

وأشار إلى أن طبيعة الصور والمشاهد التي نقلها التاريخ عن واقعة كربلاء لها تأثير عاطفي وجداني قهري، يصعب على أي إنسان سوي المشاعر، ألا يتفاعل معها، حتى وإن لم يكن محبًا أو مواليًا للحسين .

وتابع: بل حتى أعداء الحسين وقتلته لم يملكوا عواطفهم ووجدانهم تجاه تلك المصائب.

مستشهدًا ببعض الوقائع التاريخية، واقوال العلماء والمؤرخين عن عظم هذه المأساة التي تذيب الصخر وتصهر الحديد، على حدّ تعبير الأديب المصري خالد محمد خالد.