الشيخ الصفار: على الإنسان أن يراقب نفسه ويطهرها من بذور التكبر

 

قال سماحة الشيخ حسن الصفار إن على الإنسان أن يراقب نفسه ويطهرها من بذور التكبر والاستعلاء، حتى لا ينمو في نفسه فيؤدي به إلى الشقاء والهلاك.

وتابع: إن التكبر دفع إبليس إلى التمرد على أمر الله تعالى، فطرده الله من رحمته، وأسقطه من المقام والمكانة التي كان فيها.

جاء ذلك في خطبة الجمعة 25 رمضان 1445هـ الموافق 5 أبريل 2024م بمسجد الرسالة بمدينة القطيف شرقي السعودية بعنوان: عقدة إبليس.

وأوضح سماحته أن إبليس تكبّر فسقط في الامتحان، فحين خلق الله آدم أمر الملائكة أن يسجدوا له تعظيمًا واحترامًا، لكنه ﴿َاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ.

وتابع: هنا ظهرت عقدته النفسية، إذ رأى نفسه أفضل من آدم عنصرًا، فكيف يسجد له؟ مع أنه يعرف أن الملائكة أفضل منه وقد استجابت لأمر الله بالسجود لآدم.

وأضاف: فعاتبه الله ووبخه على عدم السجود، لكنه تمادى في غيّه، وتجرأ على مجادلة الله، والإصرار على أنه خير من آدم، ولم يرد تجاوز عقدته النفسية مع طول تاريخه العبادي لله تعالى.

وأشار إلى أن الآيات القرآنية أوردت تعبيرات وصيغًا أظهر من خلالها إبليس عقدته، واستشهد بقوله تعالى: ﴿قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ ۖ قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ.

وأبان أن هذه العقدة النفسية دفعته إلى التمرد على أمر الله تعالى، فكانت النتيجة أنْ طرده الله من رحمته، يقول تعالى: ﴿قَالَ فَاهْبِطْ مِنْهَا فَمَا يَكُونُ لَكَ أَن تَتَكَبَّرَ فِيهَا فَاخْرُجْ إِنَّكَ مِنَ الصَّاغِرِينَ.

وتابع: هكذا يكون المتكبر من أهل الهوان والصغار عند الله.

وشدد على أن ذكر القرآن الكريم هذا التفصيل المتكرر عن قصة إبليس وموقفه هذا، بهدف تأكيد الرسالة والدرس للإنسان، أن عقدة التكبر على الآخرين منزلق يهوي بالإنسان إلى أسفل درك من الانحطاط والشقاء.

ومضى يقول: إن الخطأ الفادح الذي وقع فيه إبليس هي المعادلة الوهمية التي اصطنعها بأن المخلوق من نار هو أفضل من المخلوق من طين.

وتابع: وهو الخطأ الذي يقع فيه كل متكبر، بمعادلة شبيهة مستنسخة، داخل المجتمع البشري، فيعتقد المنتمي لعنصر معين عرقي أو قومي أو قبلي أو مناطقي أو طبقي، أنه أفضل من الناس الآخرين.

وأضاف: ومنه اعتقاد الرجل أنه أفضل من المرأة، وممارسة التكبر عليها. أو اعتقاد صاحب أي كفاءة بأفضليته على الآخرين بسبب كفاءته، وقد يكون هناك من هو أفضل منه لمقومات أخرى في شخصيته، أو صفات أخرى في نفسه.

وقال: حينما يمتلك إنسان نقاط قوة يتفوق بها على من حوله، فقد تصيبه حينئذٍ حالة من الإعجاب بذاته، فيكون تميّزه حاضرٍا دائمًا في ذهنه.

وتابع: هنا قد يغفل عمّا لديه من ثغرات ونواقص، فتنمو وتزداد في شخصيته، كما يتجاهل نقاط قوة الآخرين، فلا يرى لهم قيمة واعتبارًا، بل ينظر إليهم دائمًا من خلال تفوقه وتميزه.

وأضاف: من يشعر بالتفوق والتميّز على الآخرين لامتلاكه نقطة قوة معينة، عليه - من أجل ألا يدفعه شعوره هذا للتعالي والعجب والتكبر-، أن يخضع هذا الإحساس للبحث والتساؤل: هل هو بالفعل متميّز ومتفوّق على غيره؟

وشدد على أن نقاط القوة والتقدم متفاوتة بين الناس، وقلّ أن تجتمع كل عوامل التفوق في شخصية واحدة، فقد يتفوق شخص في العلم، وآخر في القدرة الإدارية، وثالث في امتلاك الثروة، ورابع في نيل القوة والسلطة، وخامس في الجمال واللياقة الجسمية، وسادس في الحسب والنسب، وهكذا..

وتابع: بالتالي فإن على الإنسان أن يحسب حسابًا لنقاط قوة الآخرين، ولا يتعالى على أحد، ما دام هو لا يحب أن يتكبر أحد عليه.

وأبان أننا كمسلمين نعتقد بأن القرب من الله تعالى، والنجاة يوم القيامة، هو التفوق الأكبر، والنجاح الأهم، وهل يضمن إنسان لنفسه ذلك؟

مستشهدًا بما ورد عن رسول الله : «إيّاكُم والكِبرَ؛ فإنّ إبليسَ حَمَلَهُ الكِبرُ على أن لا يَسجُدَ لآدمَ».