الشباب وتطلعات المستقبل

مكتب الشيخ حسن الصفار

كتب: أديب أبو المكارم

رسالة تعاطف للشباب والشابات يكتبها سماحة الشيخ حسن الصفار في كتابه الجديد (الشباب وتطلعات المستقبل) يبعثها لبريد كل شاب تضامناً معهم لمواجهة تحديات العصر، مقدماً لهم دعوة لعقد حوار لتفهم واقع الحياة بشكل أفضل.

حيث يرى سماحته أن الشباب يصبحون في الغالب فريسة إعلام شِراكه الإغراء والانفتاح، ولا منقذ لهم، فآباؤهم مصدومون من الواقع، والجهات الدينية لا تمتلك ـ في الغالب ـ وسائل جذب فعالة.

وإذا ما وقعوا في الفخ تقولبوا بفكر صيادهم، فيصدر منهم ما يزعج المتدينين والمجتمع.

شباب يعيش تحت هيمنة العولمة، ويواجه حياة مليئة بالمصاعب من حيث التعليم، والعمل، وبناء مستقبله.

لذلك فهم يحتاجون إلى من يتعاطف معهم ويساعدهم في مواجهة إعصار مصاعب الحياة، وينقلهم إلى شاطئ الأمان.

ويوصي سماحته بتوجيه طاقات الشباب واستثمار قوتهم في هذه المرحلة، والانفتاح عليهم، وتفهم أوضاعهم، وأن نعدّ لهم البرامج المناسبة، ونكوّن لهم مؤسسات نافعة لاستقطابهم وتفعيلهم، فهم الأسرع إلى كل خير فأتباع الأنبياء والرسل كانوا بادئ الأمر من الشباب، وكذلك صناع الصحوة الإسلامية.

وقد أثرى المؤلف كتابه بدراسة وافية عن وقت الفراغ، وأهميته وكيفية استثماره، مؤكداً على أهمية التخطيط والبرمجة العملية لهذا الوقت المحسوب من عمر الإنسان والذي يضيع هدراً عند الكثير منا، كما في شهور العطل الصيفية.

مشيراً إلى أن التعاليم الدينية والدراسات العلمية تهتم بهذا الوقت وتبرمج استثماره فإنه إن استغل بالشكل الصحيح أحيا، وإن ترك بلا تخطيط واستفادة قتل.

كتاب يزرع به الكاتب الأمل والثقة في نفوس الشاب، ويربت على أكتافهم لتحمل مصاعب الحياة، والتغلب على همومها.

طبع الكتاب في مطابع البيان، القطيف، الطبعة الأولى 1427هـ، في 73 صفحة من القطع المتوسط.

مقتطفات من الكتاب:


** إن شعور الشباب بانسداد الأفق أمام طموحاتهم، وتعذر تحقيق رغباتهم المشروعة، في بناء كفاءتهم، ومستقبل حياتهم، ينتج حالة من القلق والاضطراب الذهني والنفسي، قد يتحول إلى حالة من الإحباط، وحسب تأكيد علماء النفس: فإن ظاهرة قبول الإحباط والرضا به أكثر قوة عند الشباب.

** إن على الآباء أن يحرصوا على الصداقة مع أبنائهم، وإشراكهم معهم في أجوائهم، بما يستلزم ذلك من إظهار الاحترام لهم، والاستماع لآرائهم. لأن تواصل الشباب مع جيل الكبار، يساعدهم في تجاوز ضغوط العاطفة والأحاسيس، ويجعلهم أقرب إلى العقلانية والاعتدال.

** وهنا لابد من الإشارة إلى ضرورة تطوير الخطاب التربوي والديني مع الشباب، بحيث يكون أقدر على التأثير فيهم، فشباب اليوم منفتحون على لغة وسائل الإعلام الجذابة، ومطلعون على كثير من المعارف والعلوم المعاصرة، وهم يشاهدون أساليب التخاطب الوجداني والعاطفي، وإتاحة الفرصة للنقاش والحوار، وتفهم الرأي الآخر.

وبهذا لا يستقطبهم التخاطب الفوقي بأسلوب الأمر والنهي، والردع والزجر، والاسترسال في ذكر النصوص والأقوال، ومصادرة حق الاعتراض والتساؤل.

** يتصور البعض أن طبيعة مرحلة الشباب بما يواكبها من عنفوان عاطفي، واستيقاظ للغرائز والشهوات، تسبب عزوفاً عن الدين، وميلاً إلى اللهو واللعب، والانفلات من الضوابط والالتزامات.
لكن الحقيقة تشير إلى عكس ذلك، فمرحلة الشباب، تبرز فيها كافة الميول والرغبات والملكات الطبيعية الكامنة في ذات الإنسان، سواء منها الشهوانية المادية والروحية المعنوية.


** وفي العطلة المدرسية الصيفية، والتي يكون فيها للشباب من فتيان وفتيات متسع كبير من الوقت، يجب أن تتوفر لهم فيه برامج مفيدة، ينمّون من خلالها كفاءاتهم وطاقاتهم، ويتعرفون على معالم دينهم، وما ينفعهم لدنياهم وآخرتهم، وإذا ما تركوا للفراغ فإنهم سيكونون عرضة لمختلف التوجهات المنحرفة والفاسدة، فالفراغ خطير، ودافع للكثير من المسلكيات الضارة على الفرد والمجتمع.

والمأمول أن يتوجه العلماء الواعون، والناس المهتمون بمصلحة المجتمع، وخدمة الدين، لاحتواء هؤلاء الشباب في عطلتهم المدرسية، ووضع البرامج المفيدة لتوعيتهم وتربيتهم وتوجيههم.

** في وقت الفراغ، يمارس الإنسان بعض برامج الترويح والترفيه عن النفس، بهدف تجديد النشاط، وإراحة الأعصاب، وتنفيس ضغوط العمل وصعوباته.
ونجد في التعاليم الدينية إقراراً لمشروعية الترويح والترفيه عن النفس. فقد روي عن النبي قوله: «روحوا القلوب ساعة بعد ساعة، فإن القلوب إذا كلّت عميت».


** وأخطر ما يكون الفراغ في مرحلة الشباب، حيث يمتلك الشاب قوة فائضة، تبحث عن قنوات للتصريف، وحماساً كبيراً، يدفع نحو الفاعلية والنشاط. فإذا كانت أمامه برامج وأدوار، وخيارات مناسبة، تشغل اهتمامه، وتنمي شخصيته، وتفعّل قدراته بالاتجاه الصحيح، فإن ذلك سيكون لصالحه وصالح المجتمع.

أما في حالة الفراغ فإنه يكون الشاب فريسة لمشاعر الملل والإحباط، ولقمة سائغة لتيارات الفساد والانحراف، وهذا ما تعاني منه كثير من المجتمعات المعاصرة.